الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أساطير عن التعذيب

24 ديسمبر 2007 01:17
لقد تأكد تعرض ''أبو زبيدة'' للتعذيب بصفته أول متهم من متهمي تنظيم القاعدة، تطبق عليه تقنية ركوب الأمواج؛ ذلك هو ما قاله ''جون كرياكو'' -عميل وكالة ''سي آي إيه'' السابق- الذي كان على صلة بإجراءات التحقيق مع كبار مسؤولي تنظيم القاعدة، في أول حديث علني له عن هذه الإجراءات· غير أن هذا العميل لم يقل شيئاً عن تلك الأساليب، سوى تسميتها بذات التسمية التي درجت عليها الوكالة ''تقنيات التحقيق المتقدمة''، مع امتناعه عن وصفها· وبصرف النظر عن أوصافها، وهل أدت هــذه الأساليــب الغرض الــذي مورســت مــن أجلــه؟ ربمــــا لا نحصل على معرفة كاملة بالحقيقة، طالما أن وكالة ''سي آي إيه'' قد أتلفت شرائط الفيديو التي تم فيها تصوير جلسات التحقيقات التي تمت مع ''أبو زبيدة''، لكن وعلى رغم ذلك، فإننا نستعرض هنا بعض الأساطير التي تحاول تبرير فاعلية أساليب التعذيب هذه· أولها: أن التعذيب قد أدى الغرض المطلوب منه لجهاز ''الجستابو'' النازي؛ والحقيقة أن العكس هو الصحيح تماماً، فكما نعلم فقد لجأ جهاز ''الجستابو'' لتعذيب السجناء خلال السنوات الأخيرة بالذات من عمر النازية، ولكن الذي حدث أن تلك الأساليب لم تثبت نجاحاً، بل هي أفلحت في تكبيد العالم خسارة فادحة لأفضل مفكريه ومهنييه الذين وقعوا ضحية تلك الأساليب البشعة· وعلى رغم قسوة الأساليب التي مارسها النازيون على معارضيهم، إلا أنها لم تنجح في كسر عزيمة القادة المعارضين لهم في كل من فرنسا والدنمارك وبولندا وألمانيا نفسها· وثانيها: أن الضحية غالباً ما تدلي بالاعترافات تحت التعذيب في نهاية الأمر؛ وهذه تنتفي بعكسها، إذ يصعب أصلاً الحصول على أي معلومات ذات قيمة استخباراتية فعلية، تحت وطأة القهر والتعذيب· وفي التاريخ الفرنسي الممتد بين عام 1500 و1750 ما يؤكد هذه الحقيقة، حيث لم تسفر جميع أساليب التعذيب التي طبقت على 785 سجيناً، عن الحصول على أي معلومات مفيدة، بما فيها أساليب كسر العظام ونفخ البطن بواسطة الماء، وصب الزيت المغلي على القدمين· وثالثها: أن الناس يقولون كل شيء تحت التعذيب؛ لكن وإذا ما تأملنا هذا الاعتقاد، أليس صحيحاً أن الناس يكذبون تحت التحقيق، بصرف النظر عن وجود تعذيب فيه أم لا؟ وفي الرد على هذه الأسطورة نقول إن مشكلة التعذيب لا تنشأ من ذلك السجين الذي لديه معلومات يدلي بها، وإنما من ذلك الذي يفتقر إلى المعلومات أصلاً· وبالنسبة لهذا الأخير، فإن من مصلحته أن يكذب ويقول أي شيء لوقف التعذيب عنه، وهذه هي المشكلة التي يواجهها جمع المعلومات الاستخباراتية عن طريق التعذيب عادة· رابعها: تستطيع غالبية الناس معرفة ما إذا كان أحدهم يكذب أم لا؛ ولكن لنذكر هنــا أن علماء النفس، قد عمدوا قبل 40 عاماً لإخضاع عدد من ضباط الشرطة والأفراد العاديين لاختبارات الكذب، إلا أن النتيجة التي توصلوا إليها لم تكن مشجعة، طالما أن نسبة مصداقية الذين تعرضوا لتلك الاختبارات لم تزد على 57 في المائة فحسب· وخامس تلك الأساطير تقول: إن في الإمكان تدريب الأشخاص على مقاومة التعذيب؛ وهذه هي الأسطورة التي تمنعنا عن فهم ما تعنيه وكالة ''سي آي إيه'' بما تسميه ''تقنيات التحقيقات المتقدمة'' التي تتحدث عنها· فإن صحت هذه الأسطورة، فإن من المنطق أن يصح أيضاً أن تنظيم القاعدة سوف ينشــئ لــه آليــة تدريــب لمقاومــة هذه التقنيــات عند وقــوع عناصره في أسر الوكالة· والأصح بالطبع أنه ما من سبيل للتنبؤ بنتيجة مقاومة شخص ما للألم، إلا ضحية التعذيب نفسها· أستاذ العلوم السياسية بكلية ريد ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©