السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رياضيو العراق في الطريق إلى بكين

رياضيو العراق في الطريق إلى بكين
9 ابريل 2008 00:29
العداءة العراقية ''دانا عبد الرزاق''، هي واحدة بين أربعة لاعبين عراقيين تأهلوا حتى الآن للوصول إلى أولمبياد بكين، المقرر إجراؤها في أغسطس المقبل· ''دانا'' تنشغل في هذا الربيع المنعش، بالاستعداد لأداء تمارينها اليومية المنتظمة· وكانت هذه التمارين تتم عادة بحضور مدربها في ساحة ''استاد الشعب'' الواقع في أطراف مدينة الصدر· إلا أن المعارك العنيفة التي دارت مؤخراً بين المليشيات الشيعية التابعة لمقتدى الصدر من جهة، وقوات الجيش العراقي والجنود الأميركيين من جهة أخرى، جعلت الوصول إلى هذا ''الاستاد'' أمراً مستحيلاً، وهذا ما أرغم ''دانا'' على ممارسة تمارينها داخل حرم جامعة بغداد الآمن نسبياً· وحتى في هذه الحالة، فإن عليها تجاوز العقبات التي خلفتها آثار مدافع الهاون التي تأثر بها مضمار الجري، والالتفاف حول المناطق الأخرى التي دمرتها الدبابات· وبالنسبة للرياضيين العراقيين الذين سيشاركون في أولمبياد بكين، فإن الإنجازات التي حققوها هي خليط من ''الحلو مر'' في حلوقهم، لكونها ثمرة عزمهم وإصرارهم على تحقيق ما يحلمون به في وجه انقسامات وفساد المؤسسة الرياضية في بلادهم، وبالنظر إلى ما يجلبه لهم هذا الإصرار والعشق الرياضيان من خطر كبير للغاية على حياتهم نفسها· فقبل أسبوعين لا أكثر، لقي ''رعد جابر''، نائب اللجنة الوطنية الأولمبية مصرعه إلى جانب مقتل لاعب كرة سلة مشهور وأحد الحكام· وقد قتل ثلاثتهم في وضح النهار بإحدى كبرى محطات الحافلات بقلب العاصمة بغداد· وفي الوقت ذاته اختفى أحمد السامرائي، رئيس اللجنة الوطنية الأولمبية منذ يوليو عام ،2006 إثر اختطافه مع ثلاثين آخرين من زملائه الرياضيين· غير أن هذا الخطر الشخصي المحيط بممارسة الرياضة في العراق، لم يفل عزم ''دانا'' ولم يثنها عن مواصلة استعدادها لأولمبياد بكين، على رغم أنها لم تتوفر لها حتى الأحذية الرياضية اللائقة التي تعينها على الجري· لكن ومن الناحية العملية، فقد تعين عليها أن تباشر تمارينها داخل مرافق جامعة بغداد، والتي رغم الدمار الذي حل بها، يوجد بها قدر نسبي من الأمن· وهنا أيضاً تواجه مشكلة في كل مرة تأتي فيها للدخول مع مدربها، بسبب عجز اتحاد العداءين الذي تنتمي إليه، عن سداد اشتراكه الشهري البالغ 500 ألف دينار عراقي -حوالي 416 دولارا أميركيا- وبعد تعنت من جانب الحرس الجامعي، يسمح لهما بالدخول في نهاية الأمر كل صباح· هذا وقد ذكرت العداءة سابقاً أن اتحادها لم يوفر لها حتى أحذية الرياضة، وهي لا تدري بعد ما إذا كان مدربها يوسف عبدالرحمن، الذي اعتادت عليه طوال السنوات الخمس الماضية، سوف يرافقهــا إلى أولمبياد بكين أم لا؟ وكان الاتحــاد قد عين لها مدربــاً في منافسات خريف العام الماضي التي جرت في القاهرة، كانت تلــك هي المرة الأولى التي التقته فيهــا· ولم تتمكــن من اجتيــاز تلك المنافســـات كمـــا قالــت، إلا عبر الاتصــال الهاتفي اليومي مع مدربها الأصلي في بغــداد· ثم إن العقبات أمام اللاعبين الرياضيين العراقيين لا تنتهي عند هذا الحد· ففي عهد صدام حسين، كان الرعب يسيطر على اللاعبين مخافة أن يخسر أحدهم المنافسات ولا يحرز الميداليــات، فيثير بذلك ثائرة عدي صدام حسين، الذي كان لا يكف عن توعدهم وتهديدهم· أما اليوم فتنعكس على الرياضة العراقية، إبتداء من كافة الفرق والاتحادات، وصولاً إلى اللجنة الأولمبية، أجواء الانقسام السياسي والطائفي السائدة· وبالنتيجة، عادة ما يبدي المسؤولون الرياضيون حرصاً على أن يحصل الموالون لأحزابهم وطوائفهم فحسب، على التمويل والدعم المؤسسي اللازمين لتأهيلهم ومساعدتهم على المنافسة داخلياً وخارجياً· بل إن تلك المساعدات تشمل فيما تشمل، تسهيل اللجوء السياسي لبعض اللاعبين عند مشاركتهم في المنافسات الدولية· والعقبة الأكبر التي تعترض طريق ''دانا''، شأنها في ذلك شأن بقية الرياضيين العراقيين، هي عقبة الموت، إذ يتعين عليها ومدربها الخوض يومياً في مخاطر العنف الطائفي -وللعلم فهي شيعية ومدربها سُني- وفي سبيل ممارسة تمارينها اليومية، فإن عليهما أن يعقدا صفقة كل صباح مع مقاتلي المليشيات الشيعية والسُنية، حتى يضمنا منهم بدء وانتهاء التمارين بسلام· ولهذا يلقبها مدربها بـ''الفائزة'' لكونهــا انتصرت على خطر المـوت اليومي· وفي جانب آخر من المدينة، وفي ناد متواضع بالقرب من جامعة المستنصرية، يرفع ''علي عدنان'' قوسه ليصيب بسهمه هدفاً بعيداً صنع من أغصان النخل المجففة· يقول عدنان -عضو فريق رماة السهم المحترفين، والذي تأهل مؤخراً لأولمبياد بكين-: ''أكاد لا أصدق أني قد تأهلت· فهذا يملأني حماساً إضافياً، ويجعلني أكرس حياتي الآن من أجل بكين''· إلا أنه يعبر عن حزن خاص على مقتل ''جابر'' نائب رئيس اللجنة الأولمبية، الذي كان يقدم له دعماً لا يقدر بثمن على حد وصفه· وهنا أيضاً يواجه ''عدنان'' خطر الموت اليومي، بسبب إقامته في منطقة الأميرية الخطرة، التي تعرض فيها هو وشقيقه لهجوم من قبل إحدى المليشيات المسلحة، أرغم أسرته كلها على الفرار إلى سوريا في العام الماضي، قبل عودتها مؤخراً· وعلى رغم هذه المخاطر جميعاً يصر ''عدنان'' على الفوز بالميدالية الذهبية لبلاده، لأنها بحاجة ماسة إلى نيل الفوز وإلى من يغسل عن وجهها أحزان العنف والموت كما يقول· يذكر أن العراقيين كانوا قد التفوا حول فريقهم الوطني لكرة القدم، في لحظة وحدة وطنية نادرة، تحقق لهم فيها الفوز بالبطولة الآسيوية للمرة الأولى في تاريخ العراق في شهر يوليو الماضي· سام داجر- بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©