السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نظام الهجرة في أميركا··· بيزنطي كلاسيكي

نظام الهجرة في أميركا··· بيزنطي كلاسيكي
24 ديسمبر 2007 22:48
لقد خطا الاتحاد الأوروبي مؤخراً، الخطوة التي لم يبد الكونجرس الأميركي عزماً ولا شجاعة على اتخاذها· فبمجرد إجراء تعديل طفيف للغاية على سياساته الخاصة بالهجرة، أظهر الاتحاد جدية في التنافس مع كل من الولايات المتحدة الأميركية والقارة الآسيوية، في استقطاب أرفع المواهب والخبرات العالمية، للإقامة والعمل والابتكار في بلدانه· ومع ما نرى من تعثر الكونجرس فيما يتصل بقوانين وسياسات الهجرة إلى أميركا، فإن المرجح ألا يكون وادي السليكون الجديد من نصيب بلادنا· ولا ريب أن الساسة الأوروبيين يواجهون جملة من الضغوط السياسية المحيطة بسياسات الهجرة، تماماً مثلما يواجه الأمر نفسه نظراؤهم هنا في الولايات المتحدة؛ والملاحظ أن التيارات اليمينية الوطنية المعادية للهجرة، قد تمكنت من تحقيق عدد من المكاسب السياسية الكبيرة في انتخابات تلك البلدان، بل كثيراً ما أشير إليها مؤخراً على أنها تشكل التيار السياسي الرئيسي في عدد من الدول الأوروبية، نتيجة لتوجهاتها المعارضة للهجرة؛· لكن وعلى رغم سخونة قضايا الهجرة في تلك البلدان، إلا أن ساسة الاتحاد الأوروبي تمكنوا من طرح مقترح ''البطاقة الزرقاء'' في شهر أكتوبر المنصرم· وترمي هذه الخطة إلى استقطاب خيرة الكفاءات العاملة وأرفعها تعليماً وتدريباً إلى البلدان الأوروبية، على نظام تأشيرة إقامة مؤقتة مدتها عامان، قابلة للتجديد لعامين آخرين كل مرة· وبموجب هذه الخطة، تتمكن فئات العمالة الخارجية المستهدفة بتلك المعايير، من إكمال إجراءات دخولها لأي من الدول الأوروبية، وبدء مزاولة عملها خلال مدة تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة أشهر لا أكثر· وتتناقض هذه المبادرة الأوروبية تناقضاً صارخاً مع النظام البيزنطي الكلاسيكي المعمول به في إجراءات الهجرة إلى بلادنا، وللحقيقة فإن هذا النظام يهدد أميركا أكثر من ذي قبل، بسلبها قدرة التنافس البعيد الأمد مع الأوروبيين؛ وحتى لحظة كتابة هذا المقال، لا تزال الولايات المتحدة تعتمد على برنامجين يتيمين لاستقطاب العمالة الأجنبية الرفيعة الكفاءة إليها، أولهما برنامج HIB القائم على تأشيرة إقامة مدتها ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وثانيهما بطاقة EB الخضراء، وهو برنامج للإقامة المستديمة في أميركا، والبرنامجان كلاهما يساعدان المخدمين الأميركيين في سد حاجتهم المتزايدة لشغل الوظائف التي تتطلب مهارات نادرة ورفيعة من الخارج، لكن وفي المقابل، فإن النقص الحاد في إصدار التأشيرات اللازمة لكلا البرنامجين، هو حقيقة مسجلة وموثقة أفضل ما يكون التوثيق· فعلى سبيل المثال، سرعان ما تنفد في يوم واحد فحسب، كل تأشيرات الدخول على برنامج HIB البالغ عددها 85 ألف تأشيرة سنوياً، والفائزون فيها يختارون على أساس إجراء القرعة؛ أما برنامج بطاقة EB الخضراء، فيبلغ عدد تأشيراته السنوية 140 ألف تأشيرة، يتم توزيعها بالتساوي بين كافة الدول، بصرف النظر عن الكثافة السكانية فيها، غير أن عدم مرونة هذا البرنامج في توزيع الحصص بين الدول، يعني أن أصحاب المهارات الرفيعة والنادرة من دولتين مثل الهند والصين، لا ينالون نصيبهم العادل من تلك الحصص· ليس ذلك فحسب، بل إن البرنامج نفسه، لا يسمح للقادمين عليه بالمطالبة بأي ترقية أو زيادة في رواتبهم لمدة تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات؛ ثم إن الحصة المخصصة للدولة المعينة، تشمل الأزواج والأطفال، مع العلم أنه لم تتم زيادة هذه الحصص منذ عام ،1990 يضاف إلى ذلك أنه غير مسموح البتة للزوجة أو الزوج المصاحب، العمل في الولايات المتحدة، بصرف النظر عن مستوى التأهيل التعليمي أو المهني· وهكذا يفرض برنامج الهجرة الأميركي العقيم، على الآلاف من خيرة المهنيين والكفاءات الأجنبية -بما فيها الباحثون والعلماء والمدرسون والمهندسون الذين شد ما تحتاجهم أميركا- ملازمة حالة من العجز القانوني والمهني، ربما تمتد بهم سنوات· لذلك فليس غريباً أن يفكر الكثيرون منهم في الهجرة إلى دول منافسة أخرى لأميركا، وتشمل هذه الفئة الأخيرة، عدداً من الذين أقاموا في أميركا وتخرجوا في جامعاتها! ولكي تحافظ على قدرتها التنافسية في السوق العالمي، فلا بد للشركات الأميركية من الاعتماد على المواهب المتخصصة التي تتخرج في أقسام الدراسات العليا بالجامعات الأميركية، وللحقيقة فإن غالبية هؤلاء المهندسين والمتخرجين في الكليات العلمية، هم من الوافدين الأجانب، طالما أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن ما يزيد على 50 في المائة من حملة درجتي الماجستير والدكتوراه في الهندسة والعلوم، هم من الطلاب الأجانب؛ وعلى رغم هذه الحقيقة، تغلق الولايات المتحدة أبوابها في وجوه هؤلاء، مرغمة إياهم على البحث عن بدائل وفرص أخرى مستقبلية لهم خارج حدودها، وللسخرية فإن منافسينا في تلك الدول إنما يعتمــدون في استقطابهم لهــذه المواهب على فشل سياسات الهجرة في بلادنا· والذي يعلمه قادة الاتحاد الأوروبي جيداً، أن في وسع تلك العقول الكبيرة المتخرجة في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الأميركية، مساعدة دولهم في تجديد طاقة قطاعاتها الصناعية، وتمكينها من خلق موجة الاستثمار التالية، التي تدفع الابتكار والنمو الاقتصادي المستقبلي· وعلى رغم أنه لا يزال على دول الاتحاد الأوروبي المصادقة على خطة ''البطاقة الزرقاء'' هذه، إلا أن القيادة الأوروبية في بروكسيل، تمكنت من بعث رسالة مهمة للغاية، مفادها إبداء العزم على استقطاب المهارات والمواهب المهنية اللازمة لتمكين أوروبا من الحفاظ على قدرتها التنافسية في السوق العالمي· وفي المقابل تواصل أميركا طردها لذات المواهب، التي تفرش لها أوروبا بساطاً أحمر لاستقبالها! كريج باريت رئيس شركة إنتيل العالمية لاستقطاب العمالة الأجنبية إلى أميركا ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©