الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هايتي... وتحدي إسكان المشردين

22 مارس 2010 21:33
عندما وصل ألكسندر رادوزافيتش إلى هايتي بعد أسبوعين من وقوع زلزال 12 يناير، توجه فورا إلى المنطقة الأكثر تضرراً. وباعتباره متخصصاً منذ فترة طويلة في عمليات الإغاثة في منظمة "المساعدة الدانمركية الشعبية"، المعروفة اختصاراً بـ"دي بي إيه"، كان يعرف ما ينبغي فعله في مثل هذه الحالات الطارئة، حيث بادر في غضون بضعة أيام بإنشاء مكتب صغير وتأجير قبو ليعيش فيه، ثم شرع في تقييم الاحتياجات قبل قدوم موسم الأمطار في هايتي في أبريل المقبل. وبمعية شريكه إيريك نوريمارك، قدم رادوزافيتش تصميم مساكن مؤقتة لمنظمة "شيلتر كلاستر"، وهي تكتل يضم العشرات من وكالات المساعدات التي تنسق الجهود الدولية لتوفير السكن لأكثر من مليون هايتي شردهم الزلزال؛ واختارت المنظمةُ تصميمهما كأول نموذج مبدئي للإسكان المؤقت. وبدلا من أخذ القياسات والتقطيع في الموقع، يمكن إعداد المواد على نحو قبلي من القوالب في الورش التي تعمل فيها فرق البناء المدرَّبة. وفي غضون يومين فقط، يمكن تجميع وتركيب الأجزاء لتتحول إلى منزل منتصب مضاد للأعاصير والزلازل يمكنه الصمود ثلاث سنوات، على أقل تقدير. وبينما ينتقل ذلك البلد المبتلى بالكوارث من حالة الطوارئ إلى هموم الإسكان المؤقت، تحتاج الحكومة إلى بناء 40 ألف مسكن سريع لـ200 ألف من السكان الذين يعيشون حالياً في مناطق معرضة للفيضانات أو انزلاق التربة أو في مخيمات مكتظة بالنازحين؛ غير أن الحكومة نفسها تعترف بأن من شبه المستحيل تحقيق هدفها قبل بداية موسم الأمطار في الأول من أبريل. والواقع أن مياه الأمطار اجتاحت منذ الآن خيام المنكوبين، كما انزلقت بعض المنازل من على المرتفعات. غير أن منظمات "لجنة تقييم الأضرار" و"المأوى المؤقت" و"الهدم وإعادة الإعمار" التي تتولى، من بين أمور أخرى، مهمة نقل السكان إلى مساكن جديدة، لديها مخطط معقد يضم رسوماً بيانية وخرائط وتصاميم لإنجاز مهمتها. وخلافاً لـ"دي بي إيه" التي تقوم ببناء منازلها في موقع المنازل المهدمة، فإن الحكومة في حاجة إلى الأراضي، بل الكثير منها. ذلك أن العاصمة بورت أوبرانس، حيث يعيش معظم من فقدوا منازلهم، لا تمتلك مساحات متوفرة أو لائقة لعملية نقل كبيرة للسكان. وقد حددت الحكومة عدداً من المواقع التي يصل إجمالي مساحتها 6 ملايين متر مربع من أجل نقل المشردين إلى أطراف العاصمة؛ ولكن لأنها تمتلك 50 فقط من الـ600 هكتار، فإنها تخوض مفاوضات حالياً مع مالكين خواص يرغبون، نظرياً، في إبرام صفقة معها. بيد أن ذلك يتطلب الكثير من الدولارات. والحكومة، المفتقرة أصلا إلى السيولة، فقدت 80 في المئة من عائداتها و30 ألف بناية تجارية عقب الزلزال، كما يقول مسؤولون حكوميون هايتيون؛ ولكنها تأمل أن يساعدها المجتمع الدولي والمؤسسات المقرِضة على سد الثغرة المالية. وتقدر اللجنة تكلفة الانتقال من مساكن الطوارئ إلى مساكن مؤقتة بـ367 دولاراً للشخص الواحد. وفي هذا الإطار، ويقول عضو اللجنة جيرالد إيميلي بران، وهو مهندس في رصيده 35 عاماً من الخبرة: "يجب أن يكون لدينا مال في غضون الأسابيع الستة المقبلة، وإلا فإن الناس سيغرقون في المياه". ويأمل بران أن يتحمل المجتمع الدولي والمؤسسات المقرِضة 80 في المئة تقريباً من تكلفة شراء الأراضي، على أن تغطي الولايات المتحدة الباقي. وبعدها، سيتوجب إعداد الأراضي وتوفير الخدمات. وهو أمر يمكن أن يستغرق أسابيع وأشهراً، بل سنوات. أما منظمة "دي بي إيه" فتقول إنها تعمل على إسكان الناس في مساكن تستوفي المعايير الدولية: 30 متراً مربعاً للشخص، و1.5 متر بين الخيام والمنازل، وهو ما يمثل أكثر من الثلاثة أمتار مربعة من المساحة الشخصية التي يتوفر عليها الكثير من الناس حالياً في الخيام. هذا ومن المنتظر أن توفر المنظمات غير الحكومية نحو 100 ألف منزل؛ غير أن عدد المنازل التي يمكن بناؤها والسرعة التي يمكن البناء بها يعتمدان على توفر المواد. وحسب مارك ساوث، المتحدث باسم "شيلتر كلاستر"، فإن أفضل التقديرات حالياً تشير إلى أن 50 في المئة من المواد المطلوبة من أجل بناء 100 ألف منزل سيتم الحصول عليها قريباً، ولكن التفاصيل المحددة بخصوص هذه الشحنات لم يتم حسمها بعد. والحال أنه بدون هذه التفاصيل سيكون من الصعب على المنظمات غير الحكومية إعداد مخططات أو جمع التبرعات. فعلى سبيل المثال، ترى منظمة "مساكن من أجل الإنسانية" أنه يستحيل إخبار المانحين بكم يكلف بناء منزل واحد لأن المتغيرات كثيرة جداً إذ يقول كيب شيدلر، مدير قسم الاستجابة للكوارث العالمية في المنظمة: "إن التحدي الأكبر الذي نواجهه هو نقص الوضوح حول من هم صناع القرار... فعدم معرفتهم يجعل كل شيء أكثر تعقيداً مما يفترض أن يكون في وضع معقد أصلا". ويعترف مسؤولون في الحكومة ووكالات المساعدات بوقوع أخطاء يمكن أن تكلف أرواحاً خلال المقبل من الأسابيع إذ يقول ساوث، المتحدث باسم "كلاستر": "إننا نعمل بأسرع ما يمكن، ولكنها عملية تنسيق كبيرة جداً ونحن منكبون عليها. إننا نريد أن نكون قادرين على توفير أحسن ما نستطيع بدون التضحية بالجودة أو توخي الطرق السهلة على نحو يُعرض الناس للخطر على المدى الطويل". وفي غضون ذلك، تواصل "دي بي إي" العمل بأسرع وتيرة ممكنة إلى أن ينفد مالها حيث يقول رادوزافيتش: "إننا لا نتوفر على سيارات فارهة أو مكاتب فخمة... نحن شابان فقط نأمل في تدريب أكبر عدد ممكن من الفرق على تركيب وبناء المنازل، لحل مشكلة السكن في هايتي قبل حلول موسم الأمطار". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: بورت أوبرانس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©