الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«القاعدة»... ومخاطر التمدد في لبنان

«القاعدة»... ومخاطر التمدد في لبنان
22 فبراير 2014 00:06
أثارت سلسلة التفجيرات والهجمات الانتحارية وعمليات القصف بالصواريخ التي طالت بعض المناطق الشيعية بلبنان خلال الأشهر التسعة الماضية من قبل الجماعات المتقاربة في أهدافها مع “القاعدة”، مخاوف حقيقية من أن التنظيم الإرهابي قد يعلن رسمياً توسيع عملياته في لبنان. فإلى الآن لا تبدو الهجمات التي تستهدف المناطق الشيعية في لبنان جزءاً من توجه استراتيجي لـ”القاعدة” لدخول البلد وإقامة قواعد لها بقدر ما هي ردة فعل تكتيكية على الدعم المسلح الذي يتلقاه الرئيس السوري بشار الأسد على يد “حزب الله” اللبناني، وما يؤكد ذلك أن قيادة “القاعدة” لم تسمِ لبنان رسمياً «ساحة للجهاد» كما تفعل عادة في بلدان أخرى، لكن مع ذلك يتخوف المراقبون أنه من شأن الحرب المستعرة في سوريا المجاورة والتوتر المتصاعد بين سنة لبنان وشيعتها أن يوفر بيئة ملائمة لتمدد “القاعدة” وانتشارها. هذا الأمر يعضده الشيخ عمر بكري، رجل الدين السلفي الذي يعيش في طرابلس، قائلا «في 2006 لم يكن سنة لبنان مهتمين بالقاعدة، إلا أنها اليوم تحولت إلى أسطورة بين الشباب، ولو أرادت “القاعدة” المجيء إلى هناك ستجد العديد من المؤيدين في صفوف السنة». وقد سارع حسن نصر الله زعيم “حزب الله”، يوم الأحد الماضي إلى نفي ما يتردد عن مسؤولية الحزب في استقطاب الجماعات المتطرفة بسبب دعمه للنظام السوري وانخراطه في الحرب الدائرة هناك، مؤكداً أنه لا خيار أمام “حزب الله” سوى القتال في سوريا بعدما «أصبحت لبنان هدفاً للجماعات التكفيرية، وجزءاً من مشروعهم، فأولويتهم هي القدوم إلى لبنان بعد الانتهاء من سوريا». غير أن عوامل كثيرة مثل مساحة لبنان الصغيرة وتركيبتها الطائفية المعقدة، حيث توجد 18 طائفة معترف بها رسمياً، وسكانها السُنة المعتدلون تاريخياً، فضلا عن حضور / وجود قوي لجهاز أمن الدولة، لعبت ضد تجذر “القاعدة” في لبنان، والتي عادة ما تزدهر في البلدان الكبيرة والمتجانسة دينياً بعدما تضعف الدولة وتتراخى قبضتها، أو في حالات النزاع المسلح ووجود مساحات واسعة توفر ملجأ لعناصرها للاحتماء وشن الهجمات، ومع ذلك كانت لبنان منذ فترة ممراً مهماً لـ”القاعدة” يعبر من خلالها المتطوعون القادمون من العالم العربي، وحتى اللبنانيون أنفسهم، إلى العراق بعد الغزو الأميركي في 2003. واللافت أنه حتى بالنظر إلى الجوار مع إسرائيل وتواجد 11 ألفا من قوات حفظ السلام الأوروبية في أقصى الجنوب اللبناني لم تبدِ القاعدة اهتماماً كبيراً بالبلد، ويبدو أن السبب هو غياب حاضنة حقيقية في أوساط سُنة لبنان الذين فضلوا تاريخياً الاهتمام بالتجارة في المدن الساحلية مثل بيروت وطرابلس وصيدا على حمل السلاح واللجوء للعنف، وإن كانت الأمور بدأت تتغير مؤخراً في ظل الاستياء السُني المتصاعد في السنوات الأخيرة بسبب النفوذ المتنامي لـ”حزب الله” الشيعي، وهو الشعور الذي تعمق أكثر بعد انخراط الحزب في الحرب السورية ودعمه للنظام، لذا لم يعد غريباً في الأحياء الفقيرة لبعض المدن اللبنانية مثل حي “درب التبانة” بطرابلس رؤية علم “القاعدة” الأسود يرفرف فوق المباني. هذا الاعتدال الذي يتميز به سُنة لبنان عبّر عنه “أبو البراء”، أحد زعماء التيار السلفي في طرابلس وقائد إحدى الميلشيات المسلحة في درب التبانة، قائلاً «نحن أقل خشونة من الآخرين، لأن لبنان بلد منفتح، فلا تستطيع مقارنتنا بالعراقيين والأفغان، إلا أن سبب العنف المستجد هو الضغط الذي تمارسه الحرب في سوريا والتواجد القوي لحزب الله». ويدخل سُنة طرابلس في صراعات مستمرة مع العلويين في حي “جبل محسن” المجاور لتتحول المعارك المتقطعة بين الجانبين إلى صورة مصغرة للوضع في سوريا، حيث يخوض النظام الذي ينتمي للطائفة العلوية حرباً ضروساً ضد المعارضة ذات الغالبية السنية، وفي هذا السياق يقول أبو البراء الذي قضى سنوات في السجن قبل عقد من الزمن لتفجيره مطعما للوجبات السريعة تابعا لسلسلة أميركية شهيرة بطرابلس، إن سكان درب التبانة يؤيدون «جبهة النصرة» التي تقاتل في سوريا والتي هي فرع “القاعدة” الرسمي، لكنه أضاف بأنه «حتى هذه اللحظة لم أسمع بأمر من القاعدة لمحاربة حزب الله في لبنان». ويوضح “أبوالبراء” هذا الأمر قائلاً: «نعم الناس هنا يؤيدون بعض التنظيمات التابعة للقاعدة من حيث الأيديولوجيا والمشاعر، لكن رسمياً لم يعلن التنظيم انخراطه في لبنان، والحقيقة أنه من الصعب عليه إعلان لبنان ساحة للجهاد بالنظر إلى التركيبة الديموغرافية للبلد، كما أن الحركة السلفية ما زالت ضعيفة في لبنان». وكانت الجماعات الثلاث التي ادعت مسؤوليتها على الهجمات التي طالت مناطق شيعية هي «جبهة النصرة» وكتائب «عبد الله عزام»، بالإضافة إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف باسم «داعش»، حيث أطلقت كتائب «عبدالله عزام» في الأسبوع الماضي شريط فيديو مدته 18 دقيقة يظهر هجومين انتحاريين مزدوجين ضد السفارة الإيرانية في بيروت أوقع 30 قتيلا وأكثر من 150 جريحاً، وفي 19 ديسمبر الماضي ظهر أبو مصعب الجولاني، زعيم «جبهة النصر» في برنامج على قناة الجزيرة ليعلن أن لجماعته فرعاً في لبنان وقد تبنت عملية إطلاق الصواريخ على بلدة الهرمل الشيعية في منطقة البقاع الشمالي المجاور لسوريا. وفي ظل الاستياء السُني في لبنان وتمدد الجماعات المتطرفة يسعى «تيار المستقبل»، الحزب السياسي السني الذي كان يقوده رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، إلى الحفاظ على تواجده في أوساط الشباب السنة الذين يلجؤون إلى التنظيمات المتطرفة، وهو ما حدا بسعد الحريري في خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة لاغتيال والده إلى حث السُنة على عدم الانجرار إلى «حرب مجنونة» بين “حزب الله” وتنظيم “القاعدة” تقذف بلبنان إلى أتونها. نيكولاس بلاندفورد لبنان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©