الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيديو «نولاند»... ما وراء التسريب

22 فبراير 2014 00:08
الشريط الصوتي الذي تم تحميله في موقع يوتيوب في الرابع من فبراير يبدو أنه مكالمة هاتفية سرية دارت بين مساعدة وزير الخارجية فكتوريا نولاند والسفير الأميركي إلى أوكرانيا جيفري بيات. والواقع أنه من الممكن أن تكون المكالمة مزيفة ومفبركة؛ غير أن البيت الأبيض يحمِّل مسؤولية التسريب للروس، الشيء الذي ربما يشير إلى أن الأمر يتعلق بمكالمة حقيقية. أما إذا لم يكن كذلك، فيجب الاعتراف بأنه تقليد في غاية الإتقان والبراعة للكيفية التي يتحدث بها الدبلوماسيون الأميركيون في المجالس الخاصة. التسريب – إن كان تسريباً حقاً – يأتي في وقت يتصاعد فيه التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا حول أوكرانيا. وفي هذا السياق، قال كبير مستشاري الكريملن للشؤون الأوكرانية “سيرجي جلازييف” في حوار مع صحيفة “كومرسانت-أوكرانيا”، ليوم الخميس، إن على الرئيس فيكتور يانوكوفيتش أن يستعمل القوة ضد “الانقلابيين” موجهاً سهام انتقاداته للولايات المتحدة. كما اتهم الغرب بـ”ابتزاز” رجال الأعمال الموالين لروسيا قائلاً إن الولايات المتحدة تنفق 20 مليون دولار أسبوعياً لمساعدة “المتمردين” على إسقاط حليف لروسيا، وملمحاً إلى أن روسيا قد تتدخل عسكرياً لمساعدة الرئيس الأوكراني. وعليه، فنحن أمام حرب دعائية وفي وسطها مكالمة “نولاند” المسربة على ما يبدو – وهو تسريب مفيد للغاية من وجهة النظر الروسية. غير أن الشريط ليس مكالمة كاملة، ويمكن أن يكون قد خضع لعملية “مونتاج” حتى يبدو على نحو يُظهر المتحدثين يقولان أشياء لم يقولاها في الواقع. كما أنه يثير بعض الأسئلة المثيرة للاهتمام. استعمال كلمة نابية: استعمال “نولاند” لكلمة نابية هيمن على عناوين الصحف. فعلى الشريط، يقول صوت يبدو أنه صوت نولاند: “فليذهب الاتحاد الأوروبي إلى الجحيم” بعد أن أشار “بيات” إلى إرسال الأمم المتحدة لمبعوث لدعم اتفاق. ثم يرد “بيات” قائلاً: “تماما”. والحال أنه من دون معرفة سياق مكالماتهما السابقة وفحوى رسائلهما الإلكترونية، تصعب معرفة موضوع إحباطهما بالضبط. ثم علينا أن نتذكر هنا أن الأمر يتعلق بجزء من شريط خضع لعملية “مونتاج” بهدف خدمة أجندة الشخص أو الجهة التي نشرته، ومن الواضح أنه لا يبدأ من البداية (كلمات نولاند الأولى على المقطع هي “ما رأيك؟”). وعلاوة على ذلك، فإن اختيارها للكلمات في محادثة خاصة ليس ذا أهمية ولا يشي بازدراء بالاتحاد الأوروبي، مثلما يزعم البعض. وقد يبدو هذا الأمر صادماً ولكن كبار الدبلوماسيين يكونون في أحيان كثيرة مزاجيين. وقد كان بإمكانها أن تقول: “لا أبالي بما يفعله الاتحاد الأوروبي – وسنمضي قدما في تنفيذ مخططاتنا” لتعني الشيء نفسه. لكن كيف حدث ذلك؟: “بيات” أو “نولاند” أو كلاهما تعرضا لعملية قرصنة إلكترونية. كيف ومن قبل من؟ يصعب الجزم في ذلك؛ ولكن المشتبه فيهم البديهيين من حيث الدوافع والقدرة هما الحكومتان الروسية أو الأوكرانية. وما لا نعرفه هو ما إن كان الاثنان يتحدثان على خط هاتفي آمن، مثلما يفترض بهما أن يفعلا، وتعرضا لاختراق أم أنهما كانا يستعملان هاتفاً خلوياً غير مشفر. الشريط يبدو أنه نشر أول مرة على موقع “يوتيوب” في الرابع من فبراير الماضي وقد تم تحميله من قبل حساب مجهول الاسم موجود على الموقع منذ نحو الشهر. أما أول شريط فيديو يتم تحميله من قبل هذا الحساب، فهو “حقيقة كليتشكو”، وهو عبارة عن هجوم على أحد قادة المعارضة. وقد كانت صحيفة “كييف بوست” من بين أولى وسائل الإعلام التي لاحظت وجود الشريط وقدمت الخلفية الأوكرانية للمكالمة الأميركية: “المكالمة الهاتفية المسربة يبدو أنها تمت عقب الاقتراح الذي تقدم به الرئيس “فكتور يانوكوفيتش” في الخامس والعشرين من يناير لزعيم المعارضة “آرسيني ياتسينيوك” ليصبح رئيساً للوزراء، وكليتشكو ليصبح نائباً لرئيس الوزراء، وهما اقتراحان رفضاً من قبل كلا الرجلين. وكان “ميكولا أزاروف” قد استقال كرئيس للوزراء في الثامن والعشرين من يناير”. ومن المحتمل أن الشخص أو الجهة التي قرصنت المكالمة كانت تتنصت على رقم هاتفي من المعروف أنه يُستعمل من قبل أحد الدبلوماسيين أو كلاهما، علما بأن جمع أرقام هواتف المسؤولين الكبار مهمة مألوفة بالنسبة لوكالات التجسس، ومن ذلك وكالة التجسس الروسية. أما حقيقة أن التسريب نُشر على موقع يوتيوب، فيشير إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين ربما كانوا يستعملون خطا غير آمن. أما إن كانت روسيا أو وكالة استخبارات أخرى قد اخترقت النظام الآمن في السفارة، فإنهم لن يرغبوا في الإعلان عن تلك الحقيقة. وأيا يكن الشخص أو الجهة التي قامت بذلك، فإن النية الواضحة هي إحراج الولايات المتحدة وزعماء المعارضة الأوكرانية الذين تدعمهم، إضافة إلى محاولة دق إسفين بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. والسؤال: ماذا عن الفحوى؟ لعل أكثر ما أثار اهتمامي هو الطريقة التي تتحدث بها نولاند عن الوضع، خاصة كليتشكو، وهو بطل سابق لرياضة الملاكمة صعد إلى الواجهة كزعيم معارضة مهم يؤيد اندماج أوكرانيا مع الاتحاد الأوروبي ويعارض تحالف الحكومة الحالية مع روسيا، حيث تقول: “لا أعتقد أن على كليتش أن يذهب إلى الحكومة”، مضيفة “لا أعتقد أنها فكرة جيدة”. كلامها الصريح هذا حول ما تفضله بشأن كيف ينبغي للحكومة الأوكرانية أن تشكل – وثقتها الواضحة في أن للولايات المتحدة تأثيرا كبيرا على ذلك – يمثل تذكيرا بالانفصام بين تأكيدات الحكومة الأميركية على أنها لا تتدخل في الحياة السياسية الداخلية للبلدان وسلوكها الحقيقي. فهذه لم تكن مكالمة تحلل الأحداث والكيفية التي ينبغي الرد بها على ما يحدث تاليا، وإنما مكالمة تتعلق بالتأثير في وضع وفق مصالح الولايات المتحدة. دان مُرفي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة “كريستيان ساينس مونيتور”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©