الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التضخم يقفز إلى مستويات فلكية في زيمبابوي

التضخم يقفز إلى مستويات فلكية في زيمبابوي
25 ديسمبر 2007 22:05
إلى أي حد يمكن للتضخّم أن يصيب اقتصاد دولة ما بالشلل والعجز؟ يقول المحلل ميشيل واينز إن الجواب عن هذا السؤال سيكون واضح من خلال الإشارة إلى أن سعر لفّة المناديل الورقية في العاصمة الزيمبابوية هاراري وصل إلى 417 دولاراً زيمبابوياً، فيما يبلغ ثمن علبة اللفات الورقية 145750 دولاراً زمبابوياً أو ما يساوي 69 سنتاً أميركياً· وما ينطبق على المناديل الورقية، ينسحب على كافة السلع التي تشهد كل يوم ارتفاعاً صاروخياً في أسعارها حتى باتت الورقة النقدية من فئة 500 دولار زيمبابوي هي الأصغر على الإطلاق، وقبل أيام تم إطلاق ورقتين نقديتين جديدتين من فئة 500000 دولار (نصف مليون دولار) و750 ألف دولار زيمبابوي بعد أن شهدت الأسواق أزمة نقص السيولة، حيث أصبح المئات يصطفون أمام البنوك لساعات طويلة للحصول على النقد· ويقول البعض أن نقص السيولة في زيمبابوي لا يعود للانخفاض في مجموع القيمة النظرية للنقد المتداول في الأسواق، بل هو مؤشر على الانخفاض في القوة الشرائية للنقد المتداول· وتعاني زيمبابوي من انكماش اقتصادي يترافق مع شحّ في مخزون العملات الصعبة والغذاء والوقود، وصرحت مصادر رسمية هناك بأن معدل التضخم بلغ في شهر سبتمبر الماضي 8000 بالمئة، وأشارت تلك المصادر إلى أن السلع المتداولة في الأسواق غير كافية للحدّ من مشكلة التضخم، وتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع معدل التضخم هناك إلى 100000 بالمئة قبل نهاية العام الجاري· ويعود جانب كبير من الأزمة في زيمبابوي إلى الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول الغربية على النظام هناك، الذي قاد حملة في التسعينات قام خلالها قدامي المحاربين من أجل التحرير بالاستيلاء على أراضي المزارعين البيض الأغنياء الذين يتحدر معظمهم من الدول الغربية، كما يُتهم نظام هراري باستخدام ممارسات قمعية ضد معارضيه· ويقول واينز في تقرير نشرته صحيفة ''ذي نيويورك تايمز'' إن ما يحدث في زيمبابوي ليس أمراً يدعو إلى الضحك أو الاستغراب بقدر ما يستثير في الأنفس دواعي الأسف والحزن بعد أن أصبح الحصول على الخبز واللحم وحتى فنجان القهوة الصباحي حلماً لا يتحقق إلا للمرفّهين والأغنياء، وبلغ التضخم هناك مستويات غير معهودة أبداً إلا في حالات نادرة تترافق مع هزائم الدول في الحروب مثلما حدث عندما هزم الحلفاء ألمانيا النازية في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 فهبطت قيمة المارك الألماني إلى أقل من ستة ملايين مارك للدولار الأميركي أو بما كان كافياً لجعل الأوراق النقدية أرخص من حطب التدفئة· وخلال السنوات العشر الماضية، ابتلي الاقتصاد في زيمبابوي بحالة من الركود والتشنّج التام المرافق لمعدلات تضخم لا تتوقف عن التزايد؛ إلا أن ما حدث خلال الأشهر الأخيرة أوحى للمحللين بأن الاقتصاد في زمبابوي أصبح على وشك الانهيار التام، وأدى هذا إلى تراجع قطاع الخدمات العامة لدرجة توحي بالكثير من احتمالات حدوث توتر اجتماعي عام· وورد في تقرير ''ذي نيويورك تايمز'' أن مياه الشرب المستهلكة في العاصمة هاراري أصبحت تأتي من بحيرة تختلط فيها مياه المجاري ودون أن تصفّى أو تخضع للتطهير مما أدى إلى انتشار الديزينتاريا والتيفوئيد على نطاق واسع في شهري ديسمبر ويناير الماضيين· وتتضح المشكلة أكثر من خلال ارتفاع أسعار بعض الخدمات والسلع إلى مستويات تتنافى مع منطق الأشياء، ومن ذلك مثلاً أن الأقساط السنوية لتلميذ في مدرسة حكومية تتعدى الدخل السنوي لرب الأسرة، ويبدو أنه لم ينجُ من هذه المآسي إلا العسكر، حيث أعلنت الحكومة الجمعة الماضي أنها بصدد إقرار زيادة في رواتب 190 ألف جندي وضابط تصل إلى ثلاثة أمثال الراتب الحالي، فيما تبقى الشرائح الاجتماعية الأخرى وهي في حالة تشبه الاختناق بفعل التضخم الذي يأكل قوتها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©