الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليونان... خطة تقشف لتأمين الدعم الأوروبي

اليونان... خطة تقشف لتأمين الدعم الأوروبي
16 فبراير 2012
رغم نزول الآلاف من اليونانيين إلى شوارع العاصمة أثينا واندلاع العنف على هامش المواجهات بين المتظاهرين والشرطة، صادق البرلمان اليوناني على حزمة جديدة من الإجراءات التقشفية المؤلمة لتأمين الدعم الدولي وتهدئة المخاوف من انهيار مالي كارثي لليونان بتداعيات محتملة على الأسواق العالمية والعملة الأوروبية الموحدة. وقد حظيت الخطة التي تنص على خفض حاد للموازنة العامة يصل إلى أربعة مليارات دولار تطال الرواتب والمعاشات بالإضافة إلى إلغاء 15 ألف وظيفة، بدعم 199 مشرعاً في البرلمان اليوناني الذي يتشكل من 300 عضو، حيث امتنع خمسة أعضاء عن التصويت وتغيب 22 منهم، فيما صوت 74 مشرعاً من بينهم مساندون للحكومة من الاشتراكيين والمحافظين ضد مشروع القانون، منهياً بذلك نقاشاً طويلاً وصاخباً بين المشرعين دام أكثر من 11 ساعة وانتهى في الساعات الأولى من يوم الاثنين. وفي غضون المناقشات الماراثونية التي شهدتها عملية التصويت على خطة التقشف نزل الآلاف من المواطنين المعارضين للخطة إلى الشوارع تعبيراً عن احتجاجهم أمام مقر البرلمان ومرددين شعارات مثل "ارحلوا أيها اللصوص". وسرعان ما تضخم عدد المتظاهرين ليصل إلى عشرات الآلاف فيما سمعت هتافاتهم في جميع أرجاء العاصمة، وعن هذه المظاهرات الصاخبة التي عمت أثينا، قال ضابط كبير في الشرطة "لقد شهدنا أسوأ أعمال عنف منذ سنوات"، وخلال المواجهات مع الشرطة أصيب 37 شخصاً فيما أُلقي القبض على 25 آخرين، ولم تقتصر المواجهات العنيفة على أثينا، بل امتدت إلى مدن يونانية أخرى وانتقلت أيضاً إلى جزيرتي كريت وكورفو. وجاءت النتيجة النهائية للتصويب داخل قبة البرلمان وتمرير خطة التقشف بعد مناقشات مطولة لتهدئ من روع بلدان منطقة اليورو ورئيس الوزراء اليوناني، "لوكاس باباديموس" الذي بدا متعباً ومكتئباً بعد ثلاثة أشهر من استدعائه لقيادة حكومة وحدة وطنية مهمتها الأساسية إعادة هيكلة الاقتصاد لنيل المزيد من الدعم الأوروبي. وقد عبر رئيس الوزراء عن المحنة اليونانية بالقول: "إنها أكبر أزمة تشهدها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية"، مضيفاً أنه "من المجحف أن يفلس بلد كان مهد الحضارة الأوروبية ويُترك لوحده دون مساعدة، لكن الكلفة الاجتماعية لإجراءات التقشف ستكون لا شيء مقارنة بما ستعانيه البلاد إذا انزلقت إلى الإفلاس والعجز عن سداد ديونها". ولو أن اليونان كانت قد رفضت خطة التقشف التي يفرضها الأوروبيون لحجب عنها الدعم الضروري، ما سيترك اليونان بدون مال لسداد 19 مليار دولار من السندات التي سيحل موعد دفعها في 20 مارس المقبل. وفي حال حدوث مثل هذا السيناريو لما استطاعت الدولة دفع رواتب ومعاشات الموظفين، بالإضافة إلى شراء الوقود وباقي السلع، ولكانت الشركات فقدت مصدر التمويل وأغلقت أبوابها، فيما سيفقد العديد من اليونانيين مدخراتهم، ومن شأن خطة التقشف التي صادق عليها البرلمان اليوناني والتي تضم خطة لإعادة هيكلة الدين وتأجيل 132 مليار دولار من إجمالي الدين المقدر بحوالي 500 مليار دولار، أن يزيح العقبة الأساسية أمام حصول اليونان على مزيد من المال والوقت لعلاج اقتصادها المتعثر. وجاء التصويت الأخير بالبرلمان ليُتوج جدلاً واسعاً شهدته البلاد طيلة الأسبوع الماضي بعدما وافقت الحكومة على مطالب الدائنين بتخفيض أكبر في الإنفاق، لكن مع ذلك عاد وزراء المالية الأوروبيون يوم الخميس الماضي ليعلنوا بأن ذلك ليس كافياً. وقام وزراء مالية منطقة "اليورو" بتأجيل توفير الدعم الضروري لليونان في دفعته الثانية التي أعقبت 140 مليار دولار من المساعدات في 2010 حتى يصادق البرلمان على خطة التقشف، بل اشترطوا أيضاً توقيع قادة الأحزاب السياسية على تعهد مكتوب بأنهم لن يخرقوا الاتفاق الذي سيمرره البرلمان. وبسبب المعارضة التي لقيها رئيس الوزراء "باباديموس" من بعض النواب ولجوء أربعة منهم إلى تقديم استقالاتهم من المجلس فقد أعلن عن تعديل حكومي لاستبدال النواب الأربعة. ورغم الجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي للتخفيف من وطأة الأزمة بمساعدة اليونان، يبدي العديد من المراقبين تخوفهم من أن التدابير الجارية، لا سيما فيما يتعلق باليونان، قد لا تكون كافية، ففي تصريح لوزير المالية الألماني، "ولفجانج شوابل"، أمام المشرعين الألمان أشار أن خطة الإنقاذ المبرمجة لليونان سترفع حصة دينها من الناتج المحلي الإجمالي إلى 136 في المئة بحلول العام 2020، وهو أكبر حتى من التوقعات الأوروبية التي وضعت الدين اليوناني في 120 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي يوم الأحد الماضي، وبينما كان البرلمان اليوناني يستعد للتصويت على خطة التقشف صعدت ألمانيا من ضغوطها مطالبة بالمزيد من الإصلاحات، حيث صرح وزير خارجيتها قائلاً "لا يمكن لليونان أن تظل بئراً بلا قرار تبتلع المساعدات، على اليونان أن تردم تلك البئر حينها يمكننا التدخل لتقديم الدعم". وفي ظل الاضطرابات المستمرة التي تهز الاقتصاد اليوناني يترقب المحللون ما ستكون عليه ردة فعل المستثمرين وكيف ستتفاعل الأسواق المالية مع الفشل المتكرر لليونان في سداد ديونها وحاجتها المتواصلة للمساعدة الأوروبية، لا سيما وأن هذه الأخيرة بدأت تنزعج من المشكلة اليونانية ملوحة باحتمال دفع اليونان نحو الإفلاس. أنتي كاراسافا - أثينا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©