السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موسم التوتر بين القاهرة وواشنطن

16 فبراير 2012
توجه مصر تهماً جنائية إلى 40 شخصاً على الأقل، من بينهم بعض المواطنين الأميركيين، بسبب التمويل الأجنبي لمنظمات غير حكومية، مما يرفع الرهان بشكل كبير في مواجهة تهدد فيها الولايات المتحدة بتعليق 1?3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأميركية لمصر. ويُتهم العاملون في منظمات مؤيدة للديمقراطية بتسيير منظمات غير حكومية بدون تراخيص من الحكومة وبتلقي تمويل أجنبي بشكل غير قانوني، حسب وسائل إعلام حكومية، وهي تهم يعاقب عليها القانون بما قد يصل إلى السجن لمدة خمس سنوات، التهم ستوجه إلى 19 أميركياً، بينما تحدثت صحيفة مملوكة للدولة عن ست سنوات. قرار المضي قدماً في المتابعة القضائية أتى بعد يوم واحد فقط على تحذير وزيرة الخارجية الأميركية لوزير الخارجية المصري من أن الحملة المصرية على المنظمات غير الحكومية يمكن أن تؤثر على المساعدات الأميركية لمصر. والجدير بالذكر هنا أن الولايات المتحدة تمنح مصر حوالي 1?5 مليار دولار من المساعدات كل عام، حوالي 1?3 مليار دولار منها هي مساعدات عسكرية. وكان الكونجرس قد فرض مؤخراً شروطاً على المساعدة العسكرية، حيث طلب من وزيرة الخارجية أن تؤكد في شهادتها على أن الحكومة المصرية تدعم تحولاً إلى حكم مدني حتى تستمر هذه المساعدات. ولكن مسؤولين أميركيين يقولون إنه في حال استمرت مصر في هذه الحملة، فإن تلك الشروط قد لا تستوفى. غير أن محاكمـة مواطنين أميركيين في مصر من شأنها أن تساهم في زيادة التوتر في ظرف خاص ودقيق، ذلك أن الولايات المتحدة تحاول الحفـاظ على علاقات مع مصر بعد سقوط مبارك، الذي كـان حليفاً لها. كما أن المسؤولين الأميركيين يتعاملون بحذر مع المجلس العسكري الذي يمسك بزمام السلطة، آملين في الحفاظ علـى إمكانية الاتصال به وسط فترة انتقالية مضطربة. إلا أن التوتر يزداد منذ أشهـر، منـذ أن أطلقت الحكومة المصرية حملة تشهير ضد منظمـات تمـول من قبل الولايات المتحدة وبدأت تحقيقاً معها. حملة يعتقد الكثيرون أن فايزة أبـو النجـا، وهي وزيرة في الحكومة الحالية وكانت عضواً أيضاً في الحكومة في عهد مبارك، هي التي تقودها. وفي هذه الأثناء، مُنع ستة أميركيين على الأقل من مغادرة البلاد بينما يتواصل التحقيق في أعمالهم. ومن بينهم سام لحود، رئيس مكتب "المعهد الجمهوري الدولي" في مصر وهو نجل وزير النقل الأميركي راي لحود. يشار إلى أن "لحود"، الذي لجأ إلى السفارة الأميركية بعد أن علم بقرار منع السفر إلى جانب موظفين أميركيين آخرين في "المعهد"، هو أحد الأشخاص الذين سيخضعون للمحاكمة. غير أن مسؤولين من منظمات تخضع للتحقيق قالوا إنهم لم يتلقوا أي إشعار بالتهم وإنهم مازالوا يحاولون التأكد من الأشخاص المتابَعين قضائياً. وفي هذا الإطار، قالت "جولي هيوز"، مديرة مكتب "المعهد الديمقراطي الوطني" في مصر، وهو منظمة أميركية أخرى، إنها توصلت لتأكيد شفهي بأن القضية أحيلت إلى القضاء، ولكنها لم تبلَّغ بأسماء الأشخاص الذين ستوجَّه إليهم التهم. والجدير بالذكر هنا أن كلا المعهدين الممولين من الولايات المتحدة، يشرفان على برامج مثل تدريب الأحزاب السياسية ومراقبة الانتخابات. موضوع الخلاف هو تسجيل المنظمات. ففي عهد مبارك، أرغمت مصر منظمات المجتمع المدني على السعي لتسجيل نفسها لدى الحكومة قبل تلقي أي مساعدات خارجية. عملية استعملها النظامُ كوسيلة مراقبة وضبط، إذ أن كثيراً ما كان يرفض أو يؤخر التسجيل. ثم أتى المجلس العسكري وواصل هذه السياسة. وفي هذه الأثناء، زادت الولايات المتحدة من تمويلها للمنظمات المؤيدة للديمقراطية بعد الثورة في محاولة لدعم الانتقال نحو حكم مدني، وذهب جزء كبير من الـ65 مليون دولار التي أُنفقت في إطار البرامج الرامية إلى تشجيع الديمقراطية العام الماضي، إلى "المعهد الجمهوري الدولي" و"المعهد الديمقراطي الوطني". غير أن كلا المعهدين قدما طلبات تسجيل لدى الحكومة المصرية، طلبات لم يوافَق عليها أبداً ولكنها في الوقت نفسه لم تقابَل بأي رفض صريح، حيث يقول "سكوت ماستيك"، مدير برامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للمعهد، إن "المعهد الجمهوري الدولي" قدم طلبه في 2006. وقال "ماستيك" قبل الإعلان عن المحاكمات: "إن الوضع القانوني تُرك، على نحو متعمد على ما أعتقد، في هذه المنطقة الرمادية التي سمحت للسلطات المصرية بشن حملة ضد المعهد الجمهوري الدولي وموظفيها"، مضيفاً أن المنظمة تقوم بإطلاع الحكومة المصرية على أنشطتها باستمرار. ثم تفاقم الوضع في التاسع والعشرين من ديسمبر، عندما أغارت قوات الأمن المصرية على مكاتب منظمات غير حكومية في القاهرة، ومن ذلك مكاتب "المعهد الجمهوري الدولي" و"المعهد الديمقراطي الوطني"، إضافة إلى مكاتب منظمات ألمانية ومصرية، وقامت قوات الأمن خلال هذه الغارات بمصادرة أجهزة كمبيوتر ووثائق وأموال، كما عمدت إلى إغلاق بعض المكاتب وقال "ماستيك" الأسبوع الماضي: "إننا قلقون على سلامة موظفينا، الأجانب والمصريين، وننظر إلى كل ما يحدث باعتباره هجوماً تحركه دوافع سياسية، خلافاً لعملية قانونية شرعية أو حتى شيء يستحق كلمة تحقيق". كريستن تشيك - القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©