الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند والصين··· التعاون العسكري يدفن صراعات الماضي

الهند والصين··· التعاون العسكري يدفن صراعات الماضي
26 ديسمبر 2007 01:45
في المنطقة الممتدة بين واشنطن وطوكيو كان هناك عدد متزايد من الدول يتطلع إلى الهند باعتبارها تمثل مركز الثقل المعادل لقوة الصين المتصاعدة· لكن ما جرى الأسبوع الماضي هو أن الصين والهند، اللتين تعدان أكبر دولتين من حيث تعداد السكان في العالم، واللتين خاضتا حرباً عام ،1962 قد أقدمتا على اتخاذ خطوة غير متوقعة باتجاه التحول إلى دولتين صديقتين· وعلى الرغم من أن القرار الخاص بإجراء تمرين عسكري مشترك ينتهي اليوم في مقاطعة'' ياونان'' الصينية يعد خطوة صغيرة على طريق التحول، فإنه يمثل سابقة في التعاون العسكري بين الدولتين، كما أنه يأتي في أعقاب التوسع المتزايد في العلاقات الهندو- صينية في المجالين التجاري والسياسي· ليس القصد من ذلك التلميح إلى أن الصين والهند على وشك الدخول في تحالف، ولكن القصد هو التأكيد على أن الخبراء قد أصبحوا يقللون من أهمية الفكرة القائلة بأن الهند يجب أن تجعل من نفسها دولة مناوئة للصين، وأنهم يرون أن العكس هو الصحيح ويتخذون من التمرين المشترك الذي تم بين الدولتين خلال هذا الأسبوع دليلاً لإثبات أن الدولتين دخلتا في طور التحسين التدريجي للعلاقات بينهما وهو توجه من المرجح أن يشهد تسارعاً متزايداً مع مرور الأيام· يعلق الليفتنانت جنرال (فريق) متقاعد ''ساتيش نامبيار'' رئيس معهد الخدمات المتحدة، وهو مركز دراسات وأبحاث هندي يتخذ من دلهي مقراً له على ذلك بقوله:''إن الكثيرين هنا ممن ينظرون إلى الصين على أنها تمثل تهديدا طويل الأمد، يحبون أن يدَّعوا أن الهند منخرطة في محاولات لاحتواء الصين··· ولكن الحقيقة أنها لا تقوم بذلك لأن هذا لا يحقق مصالحها''· على مدى الخمسة والأربعين عاماً الماضية كانت ذكرى حرب 1962 تخيم بظلالها على العلاقات الهندية- الصينية، حيث ظلت الصين تطالب بكامل ولاية ''أروناتشال براديش'' باعتبارها ولاية صينية وهي لا تزال حتى اللحظة تعتبرها كذلك، وإن كان التمرين العسكري المشترك، الذي جرى هذا الأسبوع يؤشــر الى رغبــة متزايــدة لديهــا للتوصــل إلى أرضيــة مشتركــة مع الهند بشــأن هــذه المسألــة· ويقول مسؤول عسكري هندي طلب عدم نشر اسمه:'' إن هذا التمرين يدل على العلاقات الهندية العسكرية المتنامية مع الولايات المتحدة لن تؤثر على عملية بناء الثقة مع الصين، وأن البلدين يستطيعان أن يحققا معاً الكثير من خلال التعاون الثنائي، وأن يدفنا إلى الأبد أشباح حرب ·''1962 نظراً لأن التمرين العسكري الأخير كان هو أول تمرين مشترك يتم بين الدولتين منذ وقت طويل، فإنه كان محتماً أن يأتي محدوداً· فعدد الجنود الهنود الذين سافروا إلى مقاطعة ''ياونان'' للمشاركة في هذا التمرين الذي كان موضوعه '' مكافحة الإرهاب'' لم يزد عن 95 جندياً· ولكن هذا العدد مرشح للتزايد بالطبع إذا ما تحول هذا التمرين إلى حدث سنوي، خصوصاً وأن الطرفين أصبحا بفضل هذا التمرين يفهمان بعضهما بشكل أفضل من ذي قبل· ويرى ''راهول بيدي'' الخبير بمؤسسة ''جينز'' للتحليلات العسكرية التي تتخذ من لندن مقرا لها:''إن هذا التمرين وأمثاله يمثل لبنات بناء يتم وضعها في مكانها الصحيح الآن، واستخدامها كأداة للتعلم''· والعسكريون لم يقروا بهذا التحول الذي طرأ على طبيعة العلاقات بين البلدين سوى في الآونة الأخيرة، في حين كانت هناك علامات أخرى تدل على حدوث هذا التحول والتقارب، كان أبرزها هو الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الصيني ''هو جنتاو'' إلى دلهي العام الماضي، بغرض استكشاف فكرة تأسيس علاقات تجارية أكثر حرية مع الهند· والحقيقة أن الاقتصاد هو الذي أعاد صياغة العلاقات بين الهند والصين، وفاق دوره في ذلك دور التمارين العسكرية والاجتماعات الوزارية· ففي عام ،2007 تجاوزت قيمة التبادلات التجارية بين الدولتين 11,4 مليار دولار في حين أنها لم تكن تزيد عن 250 مليون جنيه فقط عام 1991 حسب بيانات اتحاد الغرف التجارية والصناعية الهندية· وحجم التبادل التجاري هذا نما بمقدار النصف في الأربعة شهور الأولى من عام 2007 كما تشير التنبؤات إلى أنه يمكن أن يصل إلى 40 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة، وأن الصين يمكن أن تتفوق على أميركا كأكبر شريك تجاري للهند في المستقبل القريب، خصوصاً وأنه من المتوقع أن يصل حجم التجارة بين البلدين إلى 100 مليار دولار خلال السنوات التي ستلي ·2010 ومن الأمثلة التي يمكن تقديمها للتدليل على مدى الدور الذي يمكن أن يلعبه الاقتصاد في دفن أحزان وشكاوى الماضي، ما فعلته الصين مؤخرا عندما وافقت على إعادة افتتاح ممر ''ناتو باس'' الاستراتيجي للسماح بعبور التجارة، وهي خطوة كانت تعني أن الصين قد أصبحت تقبل فعليا بحقيقة أن ولاية ''سكيم'' تمثل جزءاً من الهند· ''صن هي'' عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة ''صاني للصناعات الثقيلة'' لا يعنيه من التقارب الصيني الهندي سوى الفرص· فخلال السنوات الثلاث المنصرمة، صدرت'' صاني'' آلات وماكينات تستخدم في أغراض نقل ومناولة البضائع بلغ عددها 700 آلة تقريباً إلى المصانع الهندية· ونتيجة لهذه الزيادة في حجم التصدير، قررت الشركة استثمار 60 مليون دولار في بناء مصنع يقع بالقرب من ''بيون''· وهذه العملية المقرر أن تنتهي بنهاية العام المقبل، سينتج عنها بناء أول مصنع مملوك بالكامل للصينيين داخل الأراضي الهندية''· وفي الوقت نفسه، نجد أن هناك مؤسسات هندية كبرى مثل ''رانباكسي للأدوية والعقاقير'' و''فيديوكون إليكترونيكس'' قد افتتحت مشروعات جديدة لها في الصين· والتبادلات التجارية تمثل الجانب النقيض للمنافسة الاقتصادية التي يتوقع أن تشتعل بين القوتين الآسيويتين حول الموارد الطبيعية بشكل خاص· غير أن ''جابين جاكوب'' المحلل في ''معهد دراسات السلام والصراعات'' وهو معهد متخصص في شؤون الأمن يتخذ من دلهي مقراً له يؤكد أن: ''حالات التعاون بين الدولتين ستكون أكثر من حالات المنافسة''· ويضيف جاكوب''إن الهند والصين قد بدأتا تفهمان أنهما تستطيعان أن تتنافسا وتتعاونا في الوقت ذاته''· والعسكريون على الجانبين تعلموا هذا الدرس أيضاً وإن كان هذا التعلم قد جاء مشوباً بالحذر، خصوصاً وأن هناك أشياء عديدة تتعلق بالصين لا تزال تثير قلق ومخاوف الهند، منها على سبيل المثال أن الصين قد استثمرت في الآونة الأخيرة أموالاً طائلة لتطوير قواتها المسلحة، وهو ما استجابت له الهند بزيادة جهودها لتصنيع منظومة صواريخ ذات مدى أطول· ويرى الجنرال ''نابيار'' أن أي محاولة من جانب الهند لمنافسة الصين في الإنفاق العسكري ستكون بمثابة كارثة، غير أنه أكد مع ذلك أن الهند يجب أن تحتفظ بقدرات عسكرية رادعة للصين· ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
المصدر: نيودلهي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©