باب الأمل ·· رسالة رفيعة في نص محكم

قدم مسرح الشارقة الحديث ضمن فعاليات الدورة الثانية لمهرجان الإمارات لمسرح الطفل 2007 والتي تقام في الشارقة مسرحية ''باب الأمل '' من تأليف وإخراج الفنان عبدالله صالح · وتأتي أهمية هذا العرض أنه أحد العروض النادرة خلال دورتي المهرجان الماضيتين حيث قدم للأطفال شخصيات بشرية من لحم ودم تتحرك أمامهم على خشبة المسرح في حين اعتدنا في غالبية العروض على محاكاة شخصيات جسدت حيوانات عرفناها كما عرفها الأطفال في حين كنا في مسرحية '' باب الأمل '' نحاكي شخصيات بشرية صادفها الأطفال في حياتهم اليومية ، مما اقترب بهم وربما لأول مرة في تاريخ مهرجان الإمارات لمسرح الطفل إلى مفهوم العرض المسرحي أكثر من الحكاية أو القصة التي اعتادوا سماعها أو حضورها أثناء الدورات السابقة وهذا يحسب للنص المكتوب بحرفية عالية وللأفكار التي حملها هذا النص والتي قدمت للأطفال من خلال حقائق جسدت أمامهم ضمن هذا العرض المسرحي · وتأتي مسرحية '' باب الأمل '' لتظهر للأطفال العلاقات الاجتماعية التي تسود المجتمعات البشرية وتميز لهم السيء منها والجيد كالحب والتضحية كما أتت بمفاهيم إنسانية كبيرة يجب للطفل أن يدركها كالصداقة والعمل والكسل والإرادة والأمل الذي اختير ليكون عنواناً لهذا العرض وذلك من خلال قصة طفلة مشلولة، لا تستطيع المشي جسدت دورها الطفلة نيفين التي أجادت دورها بامتياز، هذه الطفلة التي تملك أصدقاء من الحيوانات الأليفة المحبوبة للأطفال كالجمل وذكر السلحفاة والعصفور الذي أدى دوره الشاب طارق المنصوري بإجادة ملفتة، وهنا نسأل لماذا ذكر السلحفاة وقد بقي هذا السؤال عالقاً في ذهن الأطفال الحضور ولعل عبدالله صالح برر لنا هذا بأنه اضطر لذلك لقلة الكادرالأنثوي العامل في المسرح الإماراتي بشكل عام ومسرح الطفل خاصة، فكانت محاولة منه للهروب من ملاحظة الأطفال الدقيقة كي لا يوظف ممثلا ذكرا يجسد فيه السلحفاة الأنثى لكنه وقع في المطب ذاته بسبب حنكة الأطفال ودقتهم فالتبرير لم يكون موجودا أمامهم على الخشبة؛ واستخدم المؤلف حالة الحلم ليقدم من خلالها ما أراد للأطفال من تمايز بين القيم الإنسانية التي ذكرناها سابقا وانتهى بأنه بالأمل يسعد الإنسان ويحقق ما يشاء، فالأمل هو من يجعل الطفلة بطلة العرض تترك كرسيها المتحرك وتمشي على رجليها متحدية إعاقتها ومرضها وهذا ما أقنع جمهور الأطفال بجدوى هذه السمة الإنسانية الرفيعة المطروحة ضمن هذا العرض · لجأ عبدالله صالح في هذا العرض إلى خلق فرجة مسرحية قائمة على الحركة واللون والإضاءة فوفق في بعضها وفشل في بعضها الآخر، فقد لعب على أوتار الألوان لما لها من تأثير في خيال الطفل وعملية تنمية خياله فأدت دورها بشكل جيد وكانت الستائر الملونة التي تدلت على جانبي الخشبة ذات مظهر براق شد انتباه الأطفال للخشبة في حين أتت الإضاءة التي صممها سالم العسيري لتدعم هذا التشكيل بألوان متبدلة على عمق الخشبة الأبيض حينا ولتشتت انتباه الحضور حينا آخر عندما كانت تتوجه لجدران صالة العرض فتعيق الرؤية و تبدد حالة التواصل لدى الأطفال بمتابعتهم لاتجاه الأضواء الملونة في الحوار ما يزال مستمرا على الخشبة ، ذلك الحوار الجميل والمصاغ بحرفية عالية والذي فقدنا الكثير من مفرداته بسبب سرعة الممثلين في الكلام وعدم اتقانهم لمخارج الحروف هذا عدا حركتهم غير المنظمة على الخشبة التي لم تكن واضحة لغير المختصين لكنها أدت دورها السلبي في خلق حالة من فوضى المتابعة لتفاصيل العرض ، لكن أتت الأغاني المقدمة في العرض التي ألفها ولحنها الفنان عبدالله صالح نفسه لتجمع شتات الانتباه وتخلق فرجة جديدة وجميلة · لا شك أن '' باب الأمل '' عرض هام، سيشكل وقفة طويلة في عروض مهرجان الإمارات لمسرح الطفل لكونه أحد أهم العروض في محاولة جادة لمحاكاة طفلنا العربي مع السعي الدائم لتقديم ما يتناسب مع عقله المتطور والمطلع · ندوة تطبيقية بعد نهاية عرض مسرحية '' باب الأمل '' مباشرة عقدت ندوة تطبيقية في قاعة المحاضرات في قصر الثقافة بالشارقة أدارها الأستاذ عبدالله مسعود وحضرها مؤلف ومخرج العمل عبدالله صالح بالإضافة الى طاقم العمل من ممثلين وفنيين وعدد من المختصين والصحفيين واللافت للانتباه أن عددا كبيرا من الأطفال أصروا على حضور الندوة التطبيقية للعرض · قدم الأستاذ عبدالله مسعود للعرض وبدأ بإدارة الندوة بطرح جديد عن الندوات التطبيقية التي جرت سابقا حتى في الدورات الماضية لهذا المهرجان فقد كان صوت الأطفال هو الصوت النقدي المميز في هذه الندوة وذلك بتشجيع من الفنان عبدالله صالح الذي أعلن أنه يتمنى لو يسمع آراء الأطفال الحاضرين حتى أولئك الذين لم يتجاوزوا الخامسة من أعمارهم والجيد أن ملاحظاتهم وآرائهم لم تبتعد كثيراً عن الآراء النقدية التي قدمها فيما بعد الكبار أو حتى التي أدلى بها المختصون ، والتي انتقدت العرض في بعض المواقع كالإضاءة والصوت وتنظيم حركة الممثلين على الخشبة وهللت له في مواقع أخرى كالفكرة والرسالة التي حملها النص المتقن وقدم آخرون شكراً كبيراً لهذا العمل الجاد البعيد عن أوساط حيوانات الغابة وقصصها التي ملها الكثير من الأطفال الذين تجاوزوا سناً معيناً في حين أنها يجب أن تتواجد من أجل الأطفال الصغار، ولم يتوان الفنان عبدالله صالح من تقبل الانتقادات اللاذعة أحيانا برحابة صدر وبرر للحاضرين بكل صدق الحالة التي سار بها العرض ليصل الى هذه المرحلة لدرجة أنه اضطر لتصميم الديكور بنفسه في اللحظات الأخيرة · عرض اليوم العرض: '' غابة الوسواس'' لجمعية شمل للفنون الشعبية تأليف وإخراج: أمل السويدي المكان: معهد الشارقة للفنون المسرحية الزمان: السابعة والنصف مساء إدارة الندوة: عارف سلطان