السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العروسي: الديموقراطية مفهوم تاريخي يتنوع بتنوع الثقافات

العروسي: الديموقراطية مفهوم تاريخي يتنوع بتنوع الثقافات
7 مايو 2009 00:52
كيف فهم الفلاسفة والمفكرون الدولة والمجتمع المدني والديموقراطية؟ ولماذا أصبحت سيادة الدولة مهددة في ظل العولمة؟. وما هو دور المجتمع المدني ومنظماته في بناء الدولة ودعمها، أو تقويضها وإضعافها؟. وهل يعد الضعف في مؤسسات الدولة من مصلحة المجتمع؟ أم هل يعد تراجع دور المجتمع المدني من مصلحة الدولة؟ وكيف يتحقق التوازن بين قوى المجتمع المدني والمؤسسات الديموقراطية، لتشكيل دولة قوية؟. هذه الأسئلة وغيرها طرحها وحاول الإجابة عنها الدكتور سهيل عروسي في كتابه الجديد «المجتمع المدني والدولة» الصادر عن دار الفكر بدمشق. استثمار سياسي! ينطلق الباحث في كتابه من أن المجتمع العربي مازال يعيش مرحلة ما قبل الدولة الوطنية، أي ما قبل المجتمع المدني. وهذا أدى برأيه إلى انتشار العديد من الهويات المتعارضة، بالماهية والوجود الوطنيين مع الهوية العلم، وغير القادرة بطبيعة تكوينها على تلمس الآفاق الرحبة للقرن الحادي والعشرين. وبالإضافة إلى ذلك, فقد تشكل فهم خاص بالمجتمع المدني يرى أنه معارض للدولة، ويريد الانقضاض على السلطة واستلابها، لذا نظرت السلطة السياسية إلى دعاة المجتمع المدني بالشك، ظناً منها أنهم يسعون للهيمنة على السلطة وإضعافها. وبدا الأمر وكأن هناك معركة صامتة وأحياناً علنية تدور بين دعاة المجتمع المدني ودعاة حماة السلطة (الدولة)، وقد تعزز منطق الدولة عندما قام بعض دعاة المجتمع المدني باستثمار هذا المصطلح سياسياً، حيث وجدوا فيه وسيلة لتحقيق أهداف مرتبطة ببرامج خارجية، دون أن تقوم جماعات المجتمع المدني بكشفهم وتعريتهم وفضح أهدافهم غير الوطنية، ما جعل الدولة تتعامل مع الجميع من موقع الريبة. ومع ازدياد المشاريع الخارجية التي تستهدف المنطقة بكثافة ودون انقطاع، والهادفة في المآل والنتيجة إلى إضعاف السلطة العربية وتمكين إسرائيل، بحيث تبدو الأخيرة من ركائز التاريخ والجغرافيا، وليس من هوامشهما في هذه المنطقة الهامة من العالم. ومع ازدياد هذه المشاريع كان هاجس الدولة العربية يتسع، والرصد يتعمق. ويرى عروسي أن المجتمع المدني والدولة ليسا ضدين متنافرين، فالمجتمع المدني يكون قوياً في الدولة القوية، وليس من مصلحة أي دولة أن يكون ذلك المجتمع ضعيفاً، لأن الدولة الرخوة سرطان في المجتمع سيلتهم عاجلاً أم آجلاً الدولة والمجتمع معاً. كما أن المجتمع المدني والدولة ليسا ثنائية تضاف إلى سلسلة الثنائيات التي أرهقت الفكر العربي مثل ثنائيات: الأصالة والمعاصرة، العروبة والإسلام، المثقف والمجتمع، القديم والجديد، الدين والدولة، الوطن والأمة، وغيرها. فالذين يعملون من أجل زيادة عدد الثنائيات في الساحة الفكرية العربية إنما يعملون على زيادة مساحة التوتر وتوسيع الفتق على حساب الرتق، والفواصل على حساب الأواصر. ويوضح المؤلف أن المسألة ليست فيمن يحكم: الدولة أم المجتمع المدني، أو من يحمل من، فالمعادلة ليست: دولة أقل مجتمع أكثر، في مواجهة دولة أكثر مجتمع أقل، وإنما دولة أقوى، مجتمع أقوى. وهو يدعو إلى دولة قوية بالمعنى القانوني للقوة، وليس بالمعنى العنفي غير المنظم وغير المشرّع، ويرى أن الدولة القوية بهذا المعنى هي الضمانة الحقيقية لحياة رعاياها وأموالهم وحقوقهم. ويرى عروسي أن الدولة تتعرض في ظل العولمة لهجوم غير مسبوق يستهدف وجودها ويرمي إلى إضعاف سيادتها، ولذلك يسعى العديد من الدول لتدارك هذا الأمر بوسائل عدة. فقد بات معروفاً أن الضحية الأولى للعولمة هي الدولة التي أصبحت في ظل الثورة التقانية دولة منقوصة السيادة بالمعنى التقني. فالدول جميعاً أصبحت تحت رحمة الأقمار الصناعية التي تجوب الفضاء وتراقب ليس تحركات الجيوش فحسب، بل والإنسان في أنشطته اليومية المختلفة، وهذا يقتضي ليس الوقوف بوجه الدولة، بل الوقوف معها وشد أزرها. ويستعرض المؤلف تطور الفكر السياسي من خلال معالجته لمصطلحي الدولة والمجتمع المدني وعلاقتهما بالديموقراطية من خلال آراء العديد من الفلاسفة والمفكرين. ويبين أن الجميع يتفق على وجود الدولة القوية، لكنهم يختلفون في شكل تنظيم تلك القوة. وقد حاول توضيح ما يدل عليه مفهوم المجتمع المدني، وما علق به من تشويش وضبابية في الفهم عند دخوله المجتمع العربي. الديموقراطية وخصائص الشعوب ولما كانت الديموقراطية هي المجال السياسي الذي تجري فيه الفعاليات الثقافية والاجتماعية فقد خصص المؤلف في كتابه بحثاً خاصاً بالديموقراطية والمؤسسات، وبين كيف تجري فيها الممارسات الديموقراطية والقوانين والتشريعات الملحقة بها، مما لا يمكن للدولة أن تقوم دونها. ورأى أن الانطلاق من مقولة أن الديموقراطية مفهوم تاريخي تتنوع بتنوع الثقافات يؤكد ضرورة التماهي بين الديموقراطية وخصائص الشعوب، فالشكل الليبرالي للديموقراطية ليس هو الأرقى والأكثر ديمومة، فهذا الشكل نتاج لفكر لا يتطابق بالضرورة مع التشكيلات الاجتماعية والثقافية والسياسية لدول العالم الثالث. فشعوب هذه الدول تستطيع أن تنتج ديموقراطيتها المعبرة عن ماهيتها في الهوية والشخصية التاريخية، وهذا يطرح على مفكري هذه الدول ضرورة صياغة برنامج فكري تنفيذي واضح، يخلو من العناوين الكبيرة، ويتجه إلى التفاصيل الصغيرة الملموسة، فالقوة بمعناها الحضاري تكمن في التفاصيل والعمل الدؤوب. وفي سبيل إزالة الارتباط الوهمي بين الديموقراطية والشورى التي يرى البعض أنها المقابل الإسلامي للديموقراطية أفرد عروسي فصلاً خاصاً، لفك الارتباط بين المصطلحين، محاولاً أن يحرر كل مصطلح من الأفكار والأوهام التي علقت به عبر التاريخ. فرأى أن إحدى معضلات الفكر العربي الإسلامي هي انشغاله في توليد مصطلحات مقاربة لتلك التي ينتجها الغرب ومدارسه الفكرية واللغوية، ومحاولته الدؤوبة لإيجاد مقابل عربي أو إسلامي لكل مصطلح، وهي محاولات تبوء بالفشل. ? الكتاب: المجتمع المدني والدولة ? المؤلف: الدكتور سهيل عروسي ? الناشر: دار الفكر ـ دمشق ظبية خميس قارئة في الرواية وأحوال المكان والزمان ملامح فارقة من الصين إلى أميركا اللاتينية مفيد نجم يحيل عنوان كتاب الأديبة ظبية خميس «صاحبة الزمان» في صيغته النحوية والدلالية على معنى العلاقة بالزمان، حيث تتضمن تلك العلاقة معنى الملكية الذي يوحي في الآن نفسه بالرفقة والود، وعلى الرغم من أن العنوان الرئيس هو أساسا عنوان فرعي جرى انتخابه ليكون عنوانا للكتاب، فإن هذا الاختيار جاء من خلال ما يحمله من دلالات موحية تكشف عن مضمون العلاقة التي تربطها بالزمان عبر تلك الرحلة التي قطعتها بين شرق الأرض وغربها والممتدة بين أعوام 1998 و2005 التي كتبت فيها تلك المقالات النقدية والأدبية والتأملية التي تجاوزت الخمسين مقالة وفيها تنقل القارئ بين مواضيع وقضايا ثقافية وسياسية ملحة ومهمة، وعوالم أدبية وجغرافية وذاتية شتى سكنتها ألفة الروح وبهجة النفس والكشف والجمال والبوح. في مقدمة الكتاب تتحدث ظبية عن مرحلة العولمة التي نعيشها لاسيما على الصعيد الثقافي والتي تطرح واقعا جديدا يقوم على التعددية والتنوع، وينتج ثقافة جديدة ذات ملامح فارقة عن الماضي، ولذلك فإن كتابها كما تقدمه هو عبارة عن رحلة شبه تأملية وشبه نقدية مع نصوص مبدعين آخرين أو مع الموسيقى والأفكار أو التأمل في السياسة أو الطبيعة أو الروحانيات، حيث يمكن للقارئ أن يعيش لحظته الزمنية الراهنة من خلال التداخل بين حدود تلك العوالم والقضايا والأفكار التي يطرحها هذا الكتاب. عالم الرواية الغريب تحظى الرواية الصينية والهندية المكتوبة باللغة الانجليزية باهتمام خاص نابع من خصوصية التجارب وما تحمله من قيم فكرية وجمالية مميزة تجعل القراءة رحلة في عالم الرواية الغريب لروائيات تناولن بجرأة فن الحب وقصصه وموضوع الجنس، فتبدأ أولا برواية (ك.. فن الحب» للروائية الصينية هونغ بينغ التي تحمل الجنسية البريطانية حيث تدور أحداثها في أجواء الثلاتينيات من القرن العشرين من خلال قصة حب بين الشاعر البريطاني جوليان بيل والأديبة الصينية لين شوهوا من الطبقة الأرستقراطية وفيها تؤكد الكاتبة على التلازم بين مفهومي الحب والجنس. أما الرواية الثانية فهي رواية «البنات الصعبات» للروائية الهندية مانجو كابور وفيها تصف الحياة بتفاصيلها الصغيرة من خلال أجيال من النساء يعشن في البيت الهندي عبر قصة حب تجمع والدة المؤلفة مع أستاذ جامعي وتأتي القصة مترافقة مع أحداث كفاح الهند من أجل الاستقلال. من الواضح لقارئ هذا الكتاب أن الكاتبة لا تهتم بتبويب كتاباتها لا على أساس زمن كتابتها، ولا على أساس موضوعاتها، ولذلك فهي تنتقل من موضوع إلى آخر، ومن مكان إلى آخر كما هي الحال في تناولها لموضوع الرواية الآسيوية المكتوبة باللغة الانجليزية، إذ تنتقل بعد تناولها لرواية صينية وأخرى هندية إلى الحديث عن قضية الاسم المستعار في الكتابة النسوية الإماراتية ورواية «الحزام» للكاتب السعودي أحمد أبو دهمان التي تكشف عن حنين عارم للعودة إلى الماضي واستعادة روح المكان القديم وأسراره، لتعود بعدها إلى تناول رواية ذكريات الجيش للروائي الأميركي أرثر جولدن التي تتناول حياة البغايا اليابانيات وخفاياها من خلال سيرة ذاتية لإحدى تلك النساء، تنتقل بعدها إلى تقديم قراءة مكثفة في تجربة الشاعرة الإماراتية نجوم الغانم خصوصا في ديواني «رواحل» و»منازل الجلنار»، لتعود مجددا إلى عالم الرواية مع رواية إيزابيل أليندي «ابنة الحظ» التي تمزج فيها الجغرافيا بالتاريخ فتقدم صورة لما كان عليه بلدها تشيلي في نهاية القرن الثامن عشر، ورواية إله الأشياء الصغيرة للروائية الهندية أرونداتي روي التي تتحدث عن مأساة توأمين وأمهما التي تخلى عنها زوجها السكير فتركز في سردها على التفاصيل مستعيدة الذكريات والآلام والمحرمات التي عاشتها شخصيات الرواية. تتنوع الموضوعات الثقافية الأدبية والسياسية المطروحة في هذا الكتاب فتقدم رؤية للعلاقة العربية مع أميركا اللاتينية تلك العلاقة العميقة الحضور في الوجدان والتاريخ والثقافة مع بدايات الاغتراب العربي في تلك القارة ما يتطلب العمل على تطوير تلك العلاقة وتوسيعها في كل المجالات لترتقي للمستوى المأمول، ثم تنتقل لمناقشة قضية أخرى هي قضية الكاتبات العربيات من خلال المقارنة مع إبداع النساء الآسيويات ودور الترجمة في التعريف بهذا الأدب عالميا. وفي مستوى آخر تتناول موضوع التحرر في الثقافة العربية والتحديات التي يواجهها العرب على هذا الصعيد، لكنها تعود للرواية التي تكتبها المرأة باعتبارها العالم المفضل لديها فتتحدث عن رواية اتبعي قلبك للروائية الإيطالية سوزانا تامارو التي تمزج فيها البساطة التأملية بالحكمة كما تتناول بالدراسة رواية ثلاث حيوات لجيرترود شتاين بوصفه علامة مميزة في الكتابة الأدبية التجريبية، إضافة للحديث عن الشاعر الانجليزي الجنسية والهندي الأصل دوم موريس والعلاقة مع المكان والماضي وتفاصيل الزمن الهارب من أعمارنا بلغة أدبية مكثفة وموحية. وعن الأدب الجديد أو ما تسميه الكاتبة بأدب الهوب هوب تحاول مقاربة السمات العامة لهذا الأدب الذي يتخفف من التقاليد والأعراف الفنية والفكرية حيث بدأ يخرج من دور النشر الصغرى إلى كبريات تلك الدور ممثلا لأدب الشوارع والتجارب الإنسانية التي تولد في السجون ودور الأحداث ومراكز العلاج والمخدرات ودور الدعارة ومع إقبال القارئ الأميركي على قراءة هذا النوع من الأدب تحول كتابه إلى أثرياء مشهورين في العالم مثل فيكي سترنغر الأميركية السوداء التي تحولت إلى ناشرة كبيرة بفعل نجاحها في تسويق أعمالها الروائية. شخصيات وأماكن وتكتب ظبية عن عدد من الشخصيات المعروفة التي عرفتها عن قرب وتركت أثرا عميقا في وجدانها وها هي تستعيد ملامحهم وذكراهم بمودة وشوق أمثال الأديب والدبلوماسي الهندي نا فتيج سارنا والشاعر الليبي إدريس الطيب والشاعر العامي المصري محمد الحسيني والرسام والشاعر علاء عبدالهادي. أما الأماكن التي تكتب عنها بشغف ومودة وحب فهي كثيرة بدءا من القاهرة وصولا إلى مومباي وحيدر آباد وجزر المالديف لكنها تعود في لحظات الوجد والحنين والبوح إلى ذاتها لتكتب عن الوطن والحزن والحب موتا والسفر وهي تهجس بأسئلة الحياة والوجود «من نافذتي أرقب الحياة أشاهدها أحاكيها أحاول أن أرتدي نعلها وأسير بين كائناتها.. أتذكر ساحل بحر هناك ورملا أبيض وأناسا صيادين ربما لأتذكر ضوء القمر ونجوما في ليل ينتظر رطبه أن يتحول إلى تمر... دوعة في الحلق لا تتدحرج إلى العمق ولا تطفو على السطح فأقول لليل أتدن يرأف بي قليلا فلا الحنين ولا الحزن يعيدان ما هرب من الحياة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©