الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أهرامات البربر وحكمة الموتى

أهرامات البربر وحكمة الموتى
27 ديسمبر 2007 00:01
كانوا يؤمنون بالعودة إلى الحياة بعد الموت·· كانوا يدفنون موتاهم في حفر غير عميقة· ثم راعهم أن الوحوش كانت تنبشها وتلتهم الجثث، فصاروا يحرقون الجثامين في تلك الحفر· ثم أصبحوا يدفنون سادتهم في أهرامات، من أهمها هرم مدراسان الموجود حتى الآن· لم يكن الموت في نظرهم حدث نهاية· كان منطقة عبور· لذلك كانوا يطلون جثث موتاهم بالأحمر لون الشمس وقت الشروق، ومعهم يدفنون بيض النعام والمجوهرات والأسلحة· هؤلاء هم البربر سكان شمال أفريقيا الذين عمّروا تلك البلاد قبل مجيء الفينيقيين والرومان والعرب· تذكر كتب التاريخ أن احتفاليات الموت عند البربر كانت تختلف بالكلّ مع عادات الشعوب التي عاصرتهم· فلقد كانوا يقدّسون أسلافهم ويعدّونهم أولياء مخلدين· يحدّث المؤرخ الروماني هيرودوت عنهم قائلاً: ''ومن عاداتهم في تمجيد موتاهم أن يضعوا أيديهم على قبور الموتى الذين اشتهروا بالعدل والاستقامة ويقسمون بهم· ومن عاداتهم أيضاً أن ييمّموا وجوهم شطر قبور أسلافهم، ويقيمون الصلوات، ثم يستسلمون للنوم· فإذا رأى الواحد منهم حلماً أو التمعت في ذهنه فكرة، يتّخذون من ذلك الحلم أو تلك الفكرة نبراساً وطريقاً''· لقد مثّل الحجر بالنسبة إلى الذهن البشري مطلقاً مدركاً من المدركات التي تذكّر الكائن بهشاشته وزواله· ففي حين يفنى الإنسان وينفق الحيوان ويتلف النبت، يبقى الحجر ويعمّر طويلاً· لذلك مجّد البربري الحجر وشكّل منه أهرامات أقامها على ذرى الجبال والمرتفعات· ولعلّ أشهرها هرم موزارا· وهو قبر القائد البربري الأعظم آنتيي· لم يكتف البربر بتمجيد الحجر وحكمة الأجداد، بل مجّدوا القمر والشمس وقدموا لهما القرابين· بهذا يحدّثنا هيرودوت فيكتب: ''ومن طقوس التقرّب إلى الشمس والقمر عندهم أنهم كانوا يقطعون آذان الرجال الذين أسروهم في الحروب ويلقون بها على عتبات بيوتهم· ثم يدقون أعناقهم''· والثابت أن البربر ظلموا عبر التاريخ· تعاقبت عليهم الغزوات وطمست حضارتهم وأساطيرهم· لكن هيردوت أنصفهم بعض الإنصاف حين ذكر أن العديد من الأساطير المصرية والأساطير الفينيقية كانت مجرّد امتصاص للأساطير التي أثّث بها البربر حياتهم· ذكر هيروودوت مثلاً أن أسطورة أوزيريس المصرية أسطورة بربرية هاجرت من بلاد البربر فتلقّفها المصريون ووطّنوها في ثقافتهم· وعلى هذا النقل جريان أسطورة بعل لدى الفينيقيين· فلقد طوّر الفينيقيون أسطورة بعل مستلهمين أسطورة آمون البربرية ونحتوا لإلههم بعل اسما جديدا هو بعل آمون· ويستدل هيرودوت على أن البربر أثّروا في المصريين قائلا: ''البربر لا يأكلون لحم البقر إطلاقا ولا يقربون لحم الخنزير· وهذه عادة تبناها المصريون· ومثلما كانت النسوة في بارسي البربرية لا يأكلن لحم الأبقار ويحرّمن على أنفسهن لحم الخنزير ويدمن الصوم، درج النسوة في مصر على هذا الطقس''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©