الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مــــــااااااااء!!

7 مايو 2009 00:59
لم أعثر على سبب واضح جعل الأميركي تيد تالي يسمي روايته «صمت الحملان»، التي أصبحت في العام 1991 فيلما سينمائيا ـ من تحف هوليوود ـ قامت ببطولته جودي فوستر وأنتوني هوبكنز بتوقيع المخرج جوناثان هاريس. فالثابت أن الحملان ليست خرساء، وقد منحت لغة الضاد لصوتها اسم «المأمأة».. لذلك، فالصمت الذي اعتنى الروائي الأميركي بكسره، هو ذلك الذي يعشش داخل العقول. وهو ما حاولت أن تفعله المعالجة النفسية. وعن صوت الحمل وإيحاءاته، قال ذو الرمة: لا يرفعُ الصوتَ إلا ما تخوّنه داع.. يناديه باسم الماء مبغوم وفي نفس المعنى تقريبا، قال أبوعبّاد النميري لخربًق العُميري، ورآه قد اشترى أضحية: يا ذابح الماه ماه فعلت فعل الجفاه أما رَحمتَ من الموتِ يا خريبق شاه لكن وصم الحملان والخراف والنعاج بالصمت ليس افتراء بالمطلق، وقد نشأنا على حكاية مدرسية عن الحمل الوديع والذئب المفترس، مع إلحاح تربوي على مغزاها، لم يشر إلى المقاومة أو طلب النجدة، بل: لا تفارق القطيع! وهذا الواقع لم يفت على شيخ الباحثين العرب أبو عثمان عمرو بن بحر محبوب الكناني الليثي البصري، المعروف باسم الجاحظ (159 ـ 255 هـ)، ففي كتابه الذائع «الحيوان» يوثق جبن الغنم وأبناء فصيلته بقوله: «ليس شيء من صنف الحيوان أردأ عند معاينة العدو من الغنم، لأنها في الأصل موصولة بكفايات الناس، فأسندت إليهم في كل أمر يصيبها، ولولا ذلك لخرّجت لها الحاجة ضروبا من الأبواب التي تعينها». وإذا كان مولود برج الحمل من البشر يتسم عادة بأنه جذاب، ذكي، صريح، مستقيم، أرستقراطي، خصوصا إذا كان من الذكور (هكذا يقال)، فإن الأمر ليس على هذه السوية عند الحمل نفسه. فهو يخضع لعملية تزوير للقبول به على ما يقرر الجاحظ، إذ أن «الجدي أطيب مذاقا من الحمل وأكرم. وربما قدموا على المائدة الحمل مقطوع الألية من أصل الذنب، ليوهموا أنه جدي». وكاد التزوير يصبح منهجيا في فصيلة الحملان مع ولادة «الآنسة دوللي» عام 1996 والراحلة عام 2003 بعد تدهور حالتها الصحية نتيجة إصابتها بالروماتيزم. و«دوللي»، هي النعجة الأشهر في العالم، باعتبارها أول كائن يتم استنساخه في معهد روزلين الاسكتلندي من خلايا شاة أخرى. ورغم أن «دوللي» رفضت عروض زواج تقدم بها بعض «التيوس» (خصوصا من المنطقة العربية)، إلا أنها ولدت أربعة حملان من دون زواج. وهذه الطريقة الغربية في التكاثر، تهدد بأن تصبح أكبر تهديد لأصالة النعاج والحملان في بلادنا، التي تتعرض لموجات استلاب واستهبال من كل حدب وصوب، وهي لا تملك غير أن تردد بصوت واحد: مــــاااااااء! وهو ما يوثقه إبداعيا الشاعر التونسي المنصف المزغني: «خروف دخل البرلمان قال: «ماع»/ فجاء الصدى:«اج...ماع». *** ملاحظة: ليس لديّ سبب واضح للكتابة عن عالم الغنم والنعاج والحملان والخرفان، لكن الوقت المستقطع بين الحملات الانتخابية اللبنانية اقتضى سدّ الفراغ.. عادل علي adelk58@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©