الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأسواق تترنح تحت وطأة ارتفاع أسعار الحبوب

الأسواق تترنح تحت وطأة ارتفاع أسعار الحبوب
27 ديسمبر 2007 23:06
من المنتظر أن تواصل أسعار الحبوب العالمية المرتفعة دفع التضخم في أسعار السلع الغذائية في العام المقبل مع تزايد الطلب من الصين والهند وظهور ضيف جديد هو الوقود الحيوي الذي ينذر بأن يتحول إلى أكثر المستهلكين للحبوب شراهة· وإذا نظرنا إلى عامل واحد أو عاملين من العوامل المجهولة في رسم صورة امدادات الحبوب مثل خسائر طارئة في المحاصيل نتيجة ظروف جوية أو نقص المياه اللازمة للري فمن السهل تفهم المخاوف التي تهز العديد من الدول المستهلكة الان من التضخم في أسعار المواد الغذائية، فالأمن الغذائي من الأمن الوطني· ويقول بيل لاب الاقتصادي السابق بشركة كوناجرا فودز العملاقة للأغذية إن أسعار المواد الغذائية تتحرك الان إلى مستوى جديد في عملية أشبه بما حدث نحو عام 1914 وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية ثم مرة أخرى في السبعينات، ويربط لاب الذي يرأس شركة أدفانسد ايكونوميك سوليوشنز الاستشارية ارتفاع أسعار السلع الاولية بالنمو الاقتصادي العالمي وضعف الدولار واستخدام الذرة في انتاج الايثانول لاستخدامه كوقود· ويضيف أن هذه العوامل ''تضافرت لدفعنا إلى فترة من الزمن سنشهد فيها أسعارا أعلى للسلع الاولية مثلما حدث لنا بالضبط ثلاث مرات خلال القرن العشرين''، وفي عام 2007 ارتفعت الأسعار ببورصة مجلس شيكاجو للتجارة وهي أسعار القياس العالمية للقمح والذرة والارز وفول الصويا على الرغم من حصاد محاصيل وفيرة في الولايات المتحدة، فزادت أسعار القمح بنسبة 90 في المئة وفول الصويا بنسبة 80 في المئة والذرة بنسبة 20 في المئة، والأسعار الاميركية لها أهميتها لأن الولايات المتحدة مازالت سلة الغذاء بالنسبة للعالم إذ أنها أكبر مصدر منفرد للحبوب· وقال لاب ''ارتفاع أسعار السلع الاولية هنا سيكون له أثره على أسعار الغذاء في مختلف أنحاء العالم''، ومخزونات الحبوب العالمية من المؤشرات التي تراقبها الاسواق عن كثب أكثر حتى من الأسعار الاميركية، وسيصل مخزون القمح الاميركي في العام 2008 إلى أدنى مستوى له منذ 60 عاما ومخزون الشعير إلى أقل مستوى منذ 42 عاما· ومن المتوقع أن تنخفض المخزونات العالمية من البذور الزيتية بنسبة 22 في المئة في عام واحد، وعملت موجات من الجفاف في المناطق ذات المناخ المعتدل بالاضافة إلى طول فترات الجفاف في بعض الدول مثل استراليا على تغذية المخاوف من أن تكون التغيرات المناخية تركت أثرا طويل الاجل على انتاج الغذاء، وقالت فيونا بول رئيسة أبحاث الاغذية والمشروعات الزراعية لدى مصرف رابوبنك ''هذا الأمر يفزع السوق فبالنسبة لأسواق السلع الاولية يمكن لأي حدث كبير في الطقس أن يؤدي إلى تراجع المخزونات بسرعة''، وأضاف لستر براون رئيس معهد سياسات الارض ومؤلف كتاب ''من سيطعم الصين'' الذي صدر عام 1995 ''ما يحدث لامداداتنا من الحبوب يؤثر على الجميع، الامور بدأت فعلا تصبح شحيحة الان والدول المستوردة بدأت تقلق وبعضها ربما يكون قد أصابه شيء من الذعر لانها تحتاج لاستيراد الحبوب وليست متأكدة من وجود ما يكفي''، ويشير براون إلى أن المخزونات العالمية من الحبوب انخفضت في سبع من السنوات الثماني الاخيرة· ويقول ''ستستمر الضغوط الصعودية على الاسعار، وأحد مخاوفنا هو أن يؤدي ذلك إلى قلاقل اجتماعية واضطرابات سياسية متصاعدة في الدول ذات الدخل المنخفض أو المتوسط التي تستورد حصة كبيرة من استهلاكها من الحبوب''، وفي 17 ديسمبر قالت منظمة الاغذية والزراعة (فاو) في روما إن 37 دولة تواجه أزمات غذائية ودعت إلى تقديم مساعدات لها، وقالت المنظمة ''أسعار الحبوب العالمية المرتفعة أثارت بالفعل أعمال شغب بسبب الغذاء في عدة دول''· والحبوب هي أساس منظومة الغذاء العالمية سواء من المواد النشوية (الكربوهيدرات) أو البروتينات من خلال العلف الذي تتغذى عليه الحيوانات المنتجة للحوم والالبان، لكن دور الحبوب كعامل من عوامل التضخم ظل محدودا لعشرات السنين، فارتفاع الاسعار كان يمثل حافزا على التعجيل بزيادة المساحات المزروعة، وتغيرت الصورة بالكامل مع بروز دور الهند والصين والوقود الحيوي، وتقول فيونا بول من رابوبنك ''نمو الدخل والزيادة السكانية في الصين والهند ·· فهم يغيرون نظامهم الغذائي الى النمط الغربي''· وإذا انتقلنا درجة أعلى في المنظومة الغذائية إلى اللحوم سنجد أنها تمثل عاملا إضافيا لاستنزاف امدادات الحبوب لأن انتاج كيلوجرام واحد من اللحوم مثلا يحتاج كيلوجرامات عديدة من العلف؛ لكن الخطر الداهم على امدادات الحبوب هو الوقود الحيوي الذي أصبح محببا لدى المزارعين ورجال السياسة وأصحاب المشروعات الزراعية، وسينتهي عام 2007بتحويل نحو 24 في المئة من محصول الذرة القياسي في الولايات المتحدة إلى ايثانول وهي نسبة يقول محللون إنها قد ترتفع كثيرا عن 30 في المئة في غضون عامين بعد أن وقع الرئيس الاميركي جورج بوش قانون الطاقة الاميركي الجديد في 19 ديسمبر· وقال براون ''إذا حولنا انتاجنا بالكامل من الحبوب إلى وقود للسيارات فإنه سيلبي 16 في المئة من اجمالي احتياجاتنا من وقود السيارات، ولذلك فإنه ليس حلا حقا''، وأضاف أن التاريخ سيقول عن قانون الطاقة الاميريكي بأنه ''من أعظم المآسي'' لأنه صدر في وقت ينام فيه أكثر من 800 مليون شخص في العالم وهم جوعى· والسؤال هو هل يمكن لامدادات الحبوب أن تلبي الطلب المتصاعد، وعلى مدى عشرات السنين أدت عمليات تهجين المحاصيل وكذلك الهندسة الوراثية في السنوات الاخيرة إلى تحسين غلة المحاصيل وجودتها؛ إلا أن محللين يقولون إنه رغم تزايد قبول المحاصيل المعدلة وراثيا فإن الانتاج سيظل يصطدم بعقبة مساحة الارض القابلة للزراعة وموارد المياه اللازمة للري، ولذلك فإن الطلب من الدول المستوردة ومن صناعة الوقود سيعمل في الاجل القصير على تقليص المخزون العالمي من الحبوب حتى إذا لم تحدث صدمات جوية أو مناخية·ويقول لاب إن ذلك كله يعمل على رفع أسعار المواد الغذائية الاميركية ويمتد أثره ليشمل العالم كله، ويضيف ''خلال السنوات الخمس المقبلة من المتوقع أن يزيد التضخم الغذائي بنسبة 7,5 في المئة في المتوسط بزيادة كبيرة من 2,3 في المئة في المتوسط في السنوات العشر الأخيرة· فأسعار السلع الاولية مثل الذرة والقمح وفول الصويا والحليب بدأت تنتقل نقلة دائمة إلى مستوى جديد''·
المصدر: شيكاجو
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©