الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المنطقة العربية تكافح لوضع البطالة خلف ظهرها

27 ديسمبر 2007 23:09
أضحت منطقة الشرق الأوسط معملاً لاستحداث الوظائف الجديدة بفضل الازدهار النفطي الذي تشهده حالياً، إلا أنها ما زالت تواجه اختباراً يتعلق بمدى إمكانية توسعة قواها العاملة بالسرعة اللازمة لكي تواكب الوتيرة ''الديموجرافية'' المتسارعة للباحثين عن العمل من الشباب، ففي الفترة ما بين عامي 2000 و2005 انخفضت المعدلات الإجمالية للبطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى متوسط 10,8 في المائة من مستوى 14,3 في المائة وفقاً لإحصائيات البنك الدولي، إلا أن الزيادة في النمو السكاني في حقبتي السبعينات والثمانينات بدأت تعني أن المنطقة باتت تواجه موجة عالية من الشباب الداخلين إلى سوق الوظائف· وبالنسبة لأولئك الذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والرابعة والعشرين، فإن معدل البطالة في المنطقة يصل إلى 25 في المائة، أي ما يقارب ضعف المتوسط العالمي الذي يبلغ 14 في المائة، بينما يقدر تقرير صدر مؤخراً للبنك الدولي أن المنطقة تحتاج لخلق 54 مليون وظيفة خلال فترة الـ15 عاماً المقبلة لمجرد الاحتفاظ بمعدلات البطالة في حالة الاستقرار· وكما ورد في صحيفة الـ''وول ستريت جورنال'' مؤخراً، فإن هناك مخاوف أخرى تتمثل في أن العديد من الوظائف الجديدة تتسم بتدني الرواتب والأجور أو أنها تختص بقطاعات متدنية الإنتاجية نسبياً، مثل الإنشاءات، والزراعة، أي ليست من نوع الاستخدام الذي يعمل على خروج شريحة كبرى من السكان من الفقر؛ لذا فإن المخاطر لا تقتصر فقط على الناحية الاقتصادية، وإنما تمتد إلى القطاعات المحافظة اجتماعياً ودينياً في أجزاء من منطقة الشرق الأوسط، حيث تعول العديد من الجماعات المتطرفة لاستقطاب مجموعات الشباب المحبطة اقتصادياً· وعلى الرغم من أن اقتصاد المنطقة أصبح يتمتع بأكبر توسعة له منذ عقود، حيث ازداد إجمالي الناتج المحلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى معدل 6,2 في المائة في العام الماضي، إلا أن معظم هذا النمو ظل يتركز في منطقة الخليج العربي الغنية بالنفط، لذا فإن مكاسب الوظائف ظلت متباينة أيضاً على طول المنطقة· وإلى ذلك، فقد انخفضت معدلات البطالة في 8 من الدول الاثنتي عشرة التي قام بدراستها البنك الدولي، ولكن البطالة ظلت مستقرة على حالها في الأردن، بينما شهدت ارتفاعاً في الكويت بسبب أن معظم الوظائف التي استحدثها الازدهار النفطي ذهبت إلى الأجانب· على أن جزءاً من المشكلة يعود إلى الطبيعة الانعزالية النسبية لاقتصادات المنطقة، وعلى الرغم من نجاح بعض الصناديق السيادية في الاستحواذ على حصص في كبريات المؤسسات المالية في الخارج، إلا أن الاقتصاديين ما زالوا يشيرون إلى أن الدول في منطقة الشرق الأوسط عاجزة عن استهداف تكامل اقتصاداتها مع بقية أنحاء العالم· إذ تقول ليسلي ليبز شيتز مديرة معهد صندوق النقد الدولي للتدريب ''هذه منطقة من العالم لم تتمكن من التكامل حقيقة، وما زالت تستخدم الاقتصاد العالمي كمنصة للنمو''، ومن جهة أخرى فقد شرعت العديد من الدول غير المنتجة للنفط في إطلاق جهودها الخاصة بتحرير وتنويع اقتصاداتها ونجحت في اجتذاب رؤوس الأموال بما في ذلك المستثمرين من دول الخليج العربي الباحثين عن الفرص بالقرب من موطنهم، إلا أن الاقتصاديين أشاروا إلى أن المنطقة ما زالت تحتاج إلى تنمية وتوسعة الأعمال التجارية التصديرية التي تعتمد على كثافة العمالة، والشروع في إصلاحات تعمل على استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لمشاريع باستطاعتها جلب المزيد من المهارات والتكنولوجيات الجديدة· وهناك بعض الدول في المنطقة والتي تورطت في مسألة عدم التوافق ما بين الوظائف المتاحة في السوق وطموحات وآمال المواطنين أنفسهم، فالمستويات العالية من التعليم بشكل عام قادت بعض المواطنين في منطقة الشرق الأوسط للنأي بأنفسهم عن الوظائف الوضيعة، إلا أن معظمهم ما زال يفتقد إلى نوع من المهارات اللازمة التي يحتاجها القطاع الخاص في معظم الأنحاء مثل إجادة التحدث بلغة أجنبية، أو التدريب المتخصص المطلوب في الخدمات المالية أو في وظائف تكنولوجيا المعلومات· وفي الأردن، حيث تتراوح معدلات البطالة حول معدل 14 في المائة، فإن معظم الوظائف الجديدة في فترة السنوات الخمس الماضية ذهبت إلى العمالة الوافدة وفقاً لإحصائيات البنك الدولي، وأصبح الأجانب يهيمنون على قطاعات الإنشاءات والصناعة المتسارعة النمو نسبة لأن معظم الأردنيين يرغبون في الوظائف ذات الرواتب والأجور العالية، حيث ما زال العديد منهم يستنكف من العمل في وظائف القطاع العام، ومن أجل التصدي لهذه المشكلة دخلت وزارة العمل والجيش في الدولة في تعاون مع القطاع الخاص في مبادرة توفر الحوافز للشباب من الأردنيين بما في ذلك الأموال النقدية والتدريب حتى يصبح بإمكانهم ممارسة مهن مهمة في مجال الإنشاءات والتشييد· أما في المملكة العربية السعودية، فعلى الرغم مما تتميز به من ثروة نفطية هائلة، فإن معدلات البطالة الرسمية وسط المواطنين السعوديين تبلغ 12 في المائة، بينما يعتقد بعض الاقتصاديين أن المعدل ربما يصل إلى ضعف هذا الرقم· وهذه الدولة التي تعتبر المصدر رقم واحد في العالم للنفط بدأت في الاعتماد على التنوع الاقتصادي وفي بناء العديد من المدن الاقتصادية بهدف اجتذاب الاستثمارات الأجنبية وخلق الوظائف للسعوديين، وكما يقول براد باورلاند كبير الاقتصاديين في مؤسسة جدوى للاستثمارات في العاصمة الرياض: ''إن المملكة السعودية قد برزت كمغناطيس كبير للأعمال التجارية''، ولكن المملكة شأنها شأن بعض الدول الأخرى ما زالت تعاني النقص في المرشحين للوظائف الماهرة، ويمضي باورلاند قائلاً: ''إن أعداد المرشحين السعوديين الذين لديهم مؤهلات للعمل في الوظائف المالية والاقتصادية والمحاسبية ما زال ليس كافياً لملء الوظائف المتوافرة''· وفي مصر الدولة العربية الأكثر ازدحاماً بالسكان، فقد شرعت الحكومة في إطلاق حملة تستهدف اجتذاب الشركات والمؤسسات الدولية والوظائف عالية المهارة، ولدى الدولة طموحات لأن تصبح محوراً إقليمياً لتعهيد الوظائف، بينما يعكف المسؤولون الحكوميون أيضاً على تطوير وتنمية التدريب المهني في وظائف مثل اللحام والتصنيع، إلى جانب تشجيع المواطنين على الاستمساك بالوظائف المتاحة، وكما قال أحمد نظيف رئيس الوزراء المصري مخاطباً مؤتمر الحزب الحاكم مؤخراً: ''من الجيد أن يحصل المواطن على التعليم والدرجات الجامعية، ولكن سوق العمل تحتاج إلى أشخاص يعملون في المصانع والفنادق وقطاع الإنشاءات وفي العديد من الميادين الأخرى''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©