الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كرزاي... انتخابات رئاسية على المقاس

كرزاي... انتخابات رئاسية على المقاس
7 مايو 2009 01:55
سجل حامد كرزاي، الرئيس الأفغاني، نفسه رسمياً يوم الإثنين الماضي في قائمة الانتخابات الرئاسية للبقاء في منصبه فترة أخرى جديدة، علماً بأنه يبدو الأوفر حظاً للفوز بالانتخابات التي ستجرى في شهر أغسطس المقبل فيما يتوالى انسحاب بعض المرشحين الرئاسيين من السباق الانتخابي ويتكرس فشل آخرين في حشد تأييد المعارضة. ويكشف هذا التناقص المتنامي في عدد المرشحين للانتخابات الرئاسية عن مدى استفحال الانقسام بين صفوف المعارضة الأفغانية وضعفها الشديد في مواجهة مرشح في موقع السلطة، ويحظى إلى حد الآن بالأفضلية. ففي مطلع الأسبوع الجاري أعلن «غول آغا شيرازي»، الحاكم الإقليمي الذي يحظى بقدر غير قليل من الشعبية لدى بعض البشتون الذين يشكلون الأغلبية بين باقي المجموعات العرقية الأفغانية، انسحابه من السباق الانتخابي، مع أن واشنطن عبرت عن تقديرها له لنجاحه في إدارة شؤون الإقليم الذي يتولى مهامه، وذلك على رغم الانتقادات التي وجهت له بسبب ماضيه كأمير حرب، وقبل انسحابه كان «شيرازي» يعد أحد المنافسيين الحقيقيين للرئيس كرزاي لقدرته على استقطاب أعداد مهمة من أصوات البشتون في المناطق القبلية. وبالإضافة إلى ذلك يؤكد المسؤولون الغربيون والأفغان أن مرشحاً آخر هو «علي أحمد جلالي»، وهو وزير الداخلية السابق وأحد معارضي كرزاي البارزين، قد انسحب أيضاً من حلبة المنافسة تاركاً المجال للرئيس الحالي كي يخوض انتخابات مريحة في شهر أغسطس المقبل بعدما لم يتبقَ سوى مرشحين لا يتمتعان بحضور قوي على الساحة الوطنية هما: «عبدالله عبدالله»، العضو السابق في تحالف الشمال المناوئ لـ»طالبان» ووزير الخارجية السابق الذي ينتمي إلى قومية الطاجيك، ثم «أشرف غاني» الأكاديمي المستقر في الولايات المتحدة ووزير المالية في حكومة كرزاي. لكن التقديرات تشير في أغلبها إلى فوز سهل ومتيسر للرئيس كرزاي الذي ينحدر من البشتون لتتراجع حظوظ «عبدالله عبدالله» لأصوله الطاجيكية، فيما يفتقد «غاني» التأييد الشعبي خارج المراكز الحضرية التي يبدو أنها الوحيدة المساندة له. ويبقى الاسم الوحيد الذي يحظى باعتراف واسع ويمكن أن يشكل تحدياً للرئيس الحالي هو زلماي خليل زاد، الأفغاني الأصل الذي يحمل الجنسية الأميركية والذي شغل منصب السفير الأميركي لدى العراق وأفغانستان والأمم المتحدة، على رغم أنه إلى حد الآن لم يعلن عن نيته الترشح وخوض الانتخابات الرئاسية، وعن هذا الموضوع يقول «ولي الله رحماني»، مدير «مركز كابول للدراسات الاستراتيجية» إنه «من الصعب الترويج لخليل زاد كمرشح مستقل بالنظر إلى علاقاته مع الولايات المتحدة، وقد يثنيه ذلك عن الترشح». وفي السياق نفسه يضيف «هارون مير»، مدير «مركز أفغانستان للأبحاث والدراسات السياسية» في كابول أن «جميع المؤشرات تؤكد فوزاً سهلا للرئيس كرزاي». غير أن هذا التفوق الملحوظ للرئيس الأفغاني لم يمنع المسؤولين الأميركيين من توجيه انتقادات لاذعة لحكومته خلال السنوات الأخيرة واتهامها بعدم الفعالية والفساد، بحيث يشير العديد من المراقبين إلى فشل الحكومة في أداء دورها باعتباره أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار العنف وتنامي التمرد. ويُعتقد أن المسؤولين الأميركيين سعوا إلى استبدال كرزاي بشخصية أفغانية تحظى بمصداقية تسمح بدعمها في الانتخابات القادمة، لكن انقسام المعارضة على نفسها وفشلها في التوافق حول مرشح واحد ترك المجال مفتوحاً أمام كرزاي لتسويق نفسه باعتباره المرشح الوحيد القادر على قيادة البلاد في المرحلة المقبلة. فقد اجتمع المرشحون المحتملون عدة مرات خلال الأسابيع الأخيرة في محاولة منهم لطرح مرشح مشترك، لكنهم فشلوا إلى حد الآن في التوصل إلى اتفاق، وهو ما يعبر عنه المرشح «غاني» قائلا: «مع الأسف لم نستطع الاتقاق على اسم واحد لامتناع المرشحين عن تنحية تطلعاتهم الشخصية والاتفاق على الشخص المناسب لقيادة البلاد». وقد ظهر أول الشقوق في صرح المعارضة عندما انسحب «محمد فهيم»، أحد أمراء الحرب الطاجيك ذوي النفوذ في البلاد، من صفوف المعارضة وأعلن تأييده للرئيس كرزاي، وفي المقابل عينه هذا الأخير كأحد نوابه في الانتخابات القادمة، وقد قوبلت هذه الخطوة بانتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان لتورط «فهيم» في انتهاكات متكررة لحقوق الإنسان. ويبدو أن الرئيس كرزاي يتعمد توزيع المناصب الحكومية الأساسية على خصومه لاستقطاب أركان المعارضة، بحيث تشير بعض المصادر في الحكومة الأفغانية إلى أن «جلالي»، وهو أحد المنافسين لكرزاي، قد تُسند إليه مهمة مستشار الأمن القومي إذا سحب ترشيحه من الانتخابات الرئاسية. ويرى «ولي الله رحماني»، المشار إليه أعلاه أن انسحاب المرشحين وقبولهم بالمناصب التي تعرض عليهم يأتي فقط بسبب إدراكهم صعوبة الفوز والتنافس مع كرزاي، ولاسيما أن الانتخابات الأفغانية -كما يقول- لن تكون مثل نظيراتها الغربية بحيث تعرف حملات دعائية تغطي جميع أنحاء البلاد لأن مناطق واسعة لا تخضع لسيطرة الحكومة ولا يستطيع أغلب المرشحين التجرؤ على الذهاب بعيداً خارج كابول. وأكثر من ذلك أن الانتخابات في أفغانستان تخضع عادة للقوى المحلية والإقليمية مثل قادة القبائل وأمراء الحرب، والشخصيات الدينية البارزة، وللفوز بالرئاسة يتعين على المرشح كسب تأييد تلك القوى، الأمر الذي يستطيع الرئيس الحالي وحده التطلع إليه. وهذا ما يؤكده أيضاً «رحماني» المذكور بقوله: «إن المسؤولين الحكوميين وقادة الشرطة في كل محافظة، ومجالس الشورى والعديد من رجال الدين، جميعهم سيساندون كرزاي»، ولاسيما أنه هو من عين الكثير منهم في مناصبهم الحالية ما يجعلهم أقرب إليه من غيره ومدينين له بالولاء. ومع أن كرزاي قد لا يحظى بشعبية واسعة لدى الأفغان، إلا أن معظم الناس غير مرتبطين بكابول ومن المرجح أن يصوتوا لمن يدعمه قادتهم المحليون. والحقيقة أن التحدي الأكبر لكرزاي ليس منافسة المرشحين بقدر ما هو احتمال المشاركة الضعيفة للأفغان في عملية الاقتراع، فالعديد من المواطنين في المناطق الجنوبية والشرقية المضطربة يخشون الهجمات الانتقامية للمسلحين إن هم توجهوا إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، لاسيما بعدما توعدت حركة «طالبان» ذات الحضور الخطير في تلك المناطق بتعطيل عملية الاقتراع من الأساس. أناند جوبال - كابل ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©