الحكومة المصرية تنتقل إلى المحلة بـ منحة شهر و صفقة الفوز للمعارضة

انتقلت الحكومة المصرية بكل ثقلها أمس إلى مدينة المحلة الكبري في محاولة لامتصاص الغضب بعد يومين من المصادمات العنيفة في المدينة العمالية الشهيرة والتي أودت بحياة شاب واسفرت عن إصابة 200 واعتقال 331 آخرين· وحملت زيارة رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف إلى المحلة ''منحة مالية'' قدرها شهر كامل للعمال و''صفقة سياسية'' بمنح المعارضة كافة مقاعد المحليات في المدينة· في الوقت نفسه، جرت الانتخابات المحلية بهدوء شديد وسط إقبال ضعيف للغاية على التصويت بعد حسم 75% من المقاعد بالتزكية وضمان 95% من المقاعد بعد المؤشرات الاولى للنتائج لصالح الحزب الوطني الحاكم من إجمالي 52 ألف مقعد، بينما نجح 1300 مرشح من المعارضة الرسمية (الوفد والتجمع والعربي الناصري والجبهة الديمقراطية والجيل) باتفاق مع الحزب الوطني· وفي خطوة مفاجئة، زار رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف وبرفقته ثلاثة من الوزراء ورئيس اتحاد العمال مدينة المحلة بتكليف مباشر من الرئيس المصري حسني مبارك، وأمر بصرف منحة تعادل مرتب شهر لعمال شركة غزل المحلة المركز الصناعي الرئيسي في المدينة، و15 يوماً لجميع عمال الغزل والنسيج في مصر· وقال نظيف في لقاء مع أكثر من 4آلاف من عمال المحلة، إنه ينقل لهم باسم الرئيس مبارك وأعضاء الحكومة التحيات والشكر ''على الوقفة الشجاعة وعدم التجاوب مع الدعوات التخريبية المضللة التي تستهدف تعطيل العمل وتخريب الاقتصاد القومي''· وأعلن نظيف أنه ''تقرر ضخ استثمارات تصل إلى 400 مليون جنيه لشراء معدات جديدة ومستلزمات انتاج لشركة المحلة لتطوير العمل بها وضمان جودة الانتاج''· ورافق نظيف في الزيارة كل من وزيرة القوى العاملة عائشة عبدالهادي ووزير الاستثمار محمود محيي الدين وزير التضامن الاجتماعي علي مصيلحي ورئيس اتحاد عمال مصر حسين مجاور· وجاءت الزيارة وسط هدوء مشوب بالحذر في المدينة المكتظة بعمال النسيج، حيث واصلت قوات الأمن انتشارها بكثافة في مداخل المدينة وفي المناطق الحيوية· وذكر مصدر طبي في مستشفي المحلة الكبرى أن شاباً يبلغ من العمر 15 عاماً توفي في مصادمات أمس الأول· وقال إن القتيل هو أحمد علي مبروك حمادة· وأشار مصدر أمني إلى أن الشاب توفي من جراء اصابته بطلقات الشرطة التي استخدمت رصاصاً مطاطياً لتفرقة المتظاهرين· في الوقت نفسه اتهم سياسيون مصريون ومحللون السلطات الأمنية بتأجير ''بلطجية'' لإثارة الشغب في المحلة بهدف ''الإساءة'' لصورة العمال· وألقت الأجواء الساخنة في المحلة بظلالها على عمليات التصويت في الانتخابات المحلية في المدينة العمالية، حيث قرر الحزب الوطني الحاكم سحب مرشحية الـ18 من الانتخابات لصالح مرشحي أحزاب المعارضة الرسمية، فيما وصفه شهود عيان بـ''صفقة'' مع جماهير المحلة الغاضبة· وفي مواجهة هذا الاتفاق الانتخابي، تظاهر أنصار جماعة ''الإخوان'' أمام مدرسة احترقت في الاحداث الدامية احتجاجاً على فوز مرشحي المعارضة بالتزكية· في الوقت نفسه، قرر النيابة العامة المصرية حبس 331 متهماً لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات في أحداث الشغب التي شهدتها المدينة، وقررت إخلاء سبيل 26 متهماً معظمهم من الطلاب والأحداث· وعلى صعيد التصويت في الانتخابات المحلية بباقي المحافظات، حسم الحزب الوطني الحاكم النتيجة لصالحه قبل بدء التصويت بفوزه بنحو 44 ألف مقعد بالتزكية من إجمالي 52 ألف، بما يوازي أكثر من 75% من المقاعد· وخلت غالبية لجان الاقتراع في المحافظات من أي مظاهر انتخابية بسبب تدني إقبال الناخبين على التصويت· وذكر شهود عيان أن نسبة التصويت لم تجاوز 10% على الأكثر· وأعربت جمعيات حقوق الإنسان المصرية عن أسفها لمنع مراقبيها من متابعة سير العملية الانتخابية وفرض قيود أمنية صارمة على ممارسة أعمال المراقبة· وذكر مركز ''العدالة والديمقراطية'' لحقوق الانسان أن السلطات التنفيذية طردت 95% من مراقبي الانتخابات من منظمات المجتمع المدني· وأعلنت المنظمة المصرية لحقوق الانسان امتناعها عن مراقبة الانتخابات بسبب ''غياب التنافسية فيها وغياب اشراف القضاء''· وكانت جماعة ''الإخوان'' اعلنت امس الاول مقاطعتها الانتخابات بعد منع أغلب مرشحيها من المشاركة واعتقال أكثر من 1000 من كوادرها خلال الحملة الانتخابية· وألقت أجهزة الأمن القبض على صحفي بجريدة ''الدستور'' ومصور قناة ''الجزيرة'' الفضائية القطرية خلال تغطيتهما العملية الانتخابية في المحلة·