الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضبط الأمن··· لبنة أساسية في بناء الدولة الفلسطينية

ضبط الأمن··· لبنة أساسية في بناء الدولة الفلسطينية
29 ديسمبر 2007 02:35
سوف يشكل الاتفاق على القضايا الأمنية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مع إعادة إحياء محادثات السلام في الشرق الأوسط في أعقاب اجتماع أنابوليس، خطوة حاسمة نحو بناء قوة اندفاع تفاوضية· وبالذات، يشكل تطوير وتوسيع القوات الأمنية الحكومية مصلحة وطنية حيوية للفلسطينيين والإسرائيليين والأميركيين على حد سواء· يواجه الفلسطينيون تهديداً مزدوجاً عندما يتعلق الأمر بأمنهم، فهم أولاً يواجهون التهديدات الأمنية المتأصلة في احتلال من قبل جيش أجنبي، والإساءة والمواجهات التي تنتج عنها وفيات بين كل من المتحاربين والمدنيين· ثانياً يفتقر المجتمع الفلسطيني إلى خدمة أمنية منظمة تنظيماً جيداً ومنضبطة، فقراه وبلداته تسيطر عليها الميليشيات السياسية، إضافة إلى العنف المرحلي· وقد كانت مشاكل الميليشيات واضحة كل الوضوح في يونيو عندما قام مسلحو ''حماس'' بالسيطرة على غزة وطرد السلطة الفلسطينية وفتح من القطاع· لا يستطيع الفلسطينيون تحمل وجود جيوش خاصة تستخدمها الأحزاب لتجميع قواها خارج الهياكل الدستورية وأن تقوم بإجراء سياساتها الخارجية المستقلة الخاصة بها· تقوم هذه الميليشيات، باسم ''مقاومة الاحتلال'' بهجماتها، بما فيها إطلاق صواريخ موجهة نحو البلدات الإسرائيلية، بشكل مصمم عن قصد لإفشال التقدم الدبلوماسي الفلسطيني، رغم أن المفاوضات هي الاحتمال الواقعي الوحيد لضمان نهاية للاحتلال وإيجاد دولة فلسطينية· لذا فإن هاتين المشكلتين الآنيتين (الاحتلال من قبل الجيش الإسرائيلي من ناحية وعنف الميليشيات الذي يُفشل الجهود الدبلوماسية من ناحية أخرى) تتطلبان الحل نفسه: إنشاء دولة مستقلة وزيادة صلابة قوات الأمن الحكومية الفلسطينية لكونها القوة العسكرية الوحيدة في فلسطين· كانت قوات الأمن المرتبطة بالسلطة الفلسطينية مستهدفة بشكل متواصل من قبل إسرائيل خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي بدأت في سبتمبر ·2000 قد تكون إسرائيل رأت وقتها تلك القوات على أنها تهديد، أو أنها سعت لتشجيع العداوات بين الأحزاب الفلسطينية ضمن إستراتيجية فرّق تسد· إلا أن إسرائيل اليوم، بوجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض، تتعامل مع قيادة ملتزمة بالسلام وبفعل ما تستطيعه لمنع العنف· يجب تقوية قدرتها على العمل ضمن هذا الالتزام إلى درجة ألا تتمكن الميليشيات بعد ذلك من تخريب الإستراتيجية الفلسطينية الدبلوماسية· وقد تم تخّطي عتبة رئيسية مؤخراً في نابلس التي كانت سابقاً أكثر مدن الضفة الغربية فوضى، حيث وافقت إسرائيل على السماح لعباس وفياض بإرسال ثلاثمائة شرطي وضابط إلى المدينة لفرض النظام هناك· إلا أن الاجتياحات الإسرائيلية المستمرة لنابلس بعد نشر قوات الشرطة، أفشلت بشكل خطير محاولات السلطة الفلسطينية إرساء قواعد الشرعية وجهود حفظ الأمن في المدينة· ويناقش البعض بأن تلك حالة تقوم بها السلطة الفلسطينية بحفظ الأمن لصالح الاحتلال الإسرائيلي· ولكن ذلك يتجاهل حاجة الفلسطينيين لكل من الحرية من الاحتلال والحرية من الجريمة والفوضى· يفهم معظم الفلسطينيين بشكل كامل أنه لا يمكن لمجتمعهم أن يزدهر في حالة من الفوضى وغياب الأمن· يتوجب على إسرائيل أن تدرك أيضاً أنها هي بحاجة إلى قوة أمنية فلسطينية نشطة لمنع العنف السياسي الهادف إلى تقويض أركان السلام، وأنه لا يمكن ضمان الأمن إلا من خلال اتفاقية تجري مراقبتها وبحكومة فلسطينية عاملة ممكَّنة· لذا فإن تقوية قوة أمنية فلسطينية هي وضع يربح فيه الجميع· يجب دعم وتعزيز التجربة الناجحة في نابلس وتوسيعها إلى القرى والبلدات الأخرى عبر الضفة الغربية، وغزة في نهاية المطاف· يمكن لنقطة انطلاق جيدة في غزة أن تكون نقل السيطرة على نقاط العبور الرئيسية، والموجودة الآن في أيدي ''حماس'' إلى الخدمات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية· وهذا سيحدّ من فرص التهريب، لأهداف إجرامية وسياسية متطرفة على حد سواء· كما أنه سيشكل الخطوة الأولى لكسر الجمود الذي أوجده الانفصال بين غزة والضفة الغربية· للولايات المتحدة دور حاسم تلعبه في هذه العملية· يجب أن يتم تزويد الميجور جنرال ''كيث ديتون''، الذي تم تعيينه للمساعدة على تطوير قوى أمنية فلسطينية منضبطة، بكافة الموارد التي تحتاجها هذه المهمة· الجنرال ''جيم جونز''، الذي عينته وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس مبعوثاً جديداً خاصاً للأمن في الشرق الأوسط، مسؤول عن الالتزام الفلسطيني والإسرائيلي بكافة شروط ''خريطة الطريق'' وبنودها· هذه خطوة رئيسية حاسمة نتجت عن أنابوليس· يعتبر القانون والنظام، الذي تعمل على تطبيقه قوة شرطية واحدة منضبطة ومدربة تدريباً جيداً، أمراً حيوياً في بناء الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال وتوفير الأمن والاستقلال للفلسطينيين· كما تعتمد الأمور التي يوفرها الأمن على الأرض حسب ''خريطة الطريق'' على الأمر نفسه، وكذلك ازدهار الفلسطينيين العاديين وإعادة بناء مجتمعهم الذي عمل الاحتلال والعنف على تخريبه وتدميره· إلا أن تحسين الأوضاع الأمنية للفلسطينيين والإسرائيليين لا يمكن فصله عن مكوّنين اثنين آخرين للتقدم· أولاً يجب أن يكون واضحاً أن العملية الدبلوماسية تؤدي بشكل لا يلين إلى إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة قادرة على البقاء· ثانياً، يجب أن يرافق التقدم الأمني تحسينات في الأوضاع الحياتية اليومية للفلسطينيين، وخاصة التقدم الاقتصادي والفرص، وتخفيف القيود على حركـــة البضائع والأفراد· بينما تواجه المحادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين الاتهامات المضادة الاعتيادية والتحركات المزعجة على الأرض يتوجب على السيد عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت أن يجدا الطرق والأساليب لإعادة بناء الأمن الفلسطيني المستدام والمؤسسات الاقتصادية· التهديدات الإستراتيجية لبقاء شعبيهما في دولتيهما المستقلتين حقيقية ولا يمكن جعلها تختفي من خلال مجرد الحديث عن تنازلات مؤلمة· يتوجب عليهما أن يصنعاها· رئيس فريق العمل من أجل فلسطين ونائب رئيس الشراكة العامة الخاصة الفلسطينية- الأميركية خدمة كومن جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©