عروق الصحارى البَــــرْوق

يخطف البصر بقده المياس ولونه الأسمر الذي يتأثر بالغيوم ويتغير بالمطر، على عكس البشر الذين تتأثر ألوان بشراتهم بالشمس والحرارة! إنه ''البَرْوق''، نبات حولي من العائلة الزنبقية، ينبت في صحرائنا وصحراء الجزيرة والخليج، في شهر فبراير، يوصف بأنه من أحرار البقول، وهو قائم وقاتم الخضرة، يرتفع عن الأرض أقل من نصف متر، أوراقه أنبوبية الشكل تشبه أوراق البصل، تتمدد على الأرض وترتفع قليلاً، وتخرج من لب النبات قماعيل ترتفع إلى الأعلى، أي (عيدان تحمل فقط الزهور والثمار وهي غير الأوراق)، أما زهوره فبيضاء فيها خطوط حمراء وبتلات، وتظهر الثمار بداية بلون أخضر وبحجم حب الفلفل ثم تتحول إلى اللون البني ثم الأسود· لا يصلح البروق مرعى للإبل والغنم، وإذا أكلته الإبل اشتكت من ألم في بطونها! وفي عصرنا الحالي يستخدم أهل البادية البروق في إعداد الأقط، أي (اليقط)، كما يعتمد زينة في المناطق الحارة أو المساحات الرملية· أيضاً يعتبر البروق نباتا ضعيفا، ومن غرائب سماته أنه يهوى الحرارة ويسمق أكثر كلما اشتدت، لهذا إذا غامت السماء ورأَى السحاب وهن وتغيّر لونه إلى الأخضر، وإذا أصابَه المطر الغزير هلك، وبهذا قال الشاعر: تطيح أكفّ القوم فيها كأنما يطيح في الروع عيدان بروق كما ضربت العرب فيه أمثالاً لوصف الضعف والرقة، فقالوا ''أَشْكَرُ من بروقة'' وقالوا كذلك ''أَضعف من بروقة''· ذكره الأصمعي في كتابه ''النبات''، وذُكر في ''مقاييس اللغة'' وفي ''القاموس المحيط'' وفي ''لسان العرب'' لابن منظور، وكتب أخرى كثيرة، وفيه قال أبو حنيفة: ''أَخبرني أَعرابي قال: البَرْوَقُ نبت ضعيف ريان له خِطرة دِقاقٌ، في رؤوسها قماعيل صغار مثل الحمص، فيها حبّ أَسود، ولا يرعاها شيء ولا تؤكل وحدها لأنها تورث التهيج، وقال بعضهم: هي بقلة سَوْء تنبت في أَول البقل لها قصبة مثل السياط وثمرة سوداء''· أما الشاعر جرير فاستعان بذكرها للتشبيه: كأَن سيوف التَّيم عيدان بروقٍ إذا نُضِيَت عنها لحرب جفونها