السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إرث آدم.. بحث أغرب من الخيال

29 ديسمبر 2007 23:50
في كل دقيقة يأتي إلى الدنيا 380 طفلاً، أي بمعدل 9200 طفل في الساعة، و221 ألفا في اليوم، و81 مليون شخص في السنة· لا شك أن هناك قنبلة سكانية موقوتة تهدد مستقبل الكرة الأرضية، الأمر الذي جعل المهتمين يخشون أن يأتي زمن يصبح فيه عدد من يسيرون فوق التراب يفوق عدد من يرقدون تحت الثرى· وهي فرضية تحولت إلى بحث أغرب من الخيال· فقصة عمر الكون وتاريخ الأرض وبداية وجود الإنسان على الأرض شغلت بال العلماء عبر عقود كثيرة من الزمان، أما إحصاء ما تحت الثرى من أموات فهو أحدث ما يشغل بال بعض خبراء السكان وعلماء الإحصاء في الوقت الحالي· فنحن -معشر البشر سكان كوكب الأرض أبناء آدم وبناته- ننحدر جميعاً من أسرة واحدة تزايد عددها عبر الامتداد الزمني الرهيب حتى بات كل فرد فيها بالكاد يعرف أقرباءه من الدرجة الأولى·· فكيف يمكن أن نحصي أفراد الأسرة البشرية منذ بدء الخليقة وحتى الآن؟ هذا بعض مما يعكف عليه خبراء السكان في مركز دراسات السكان بالعاصمة الأميركية واشنطن حالياً، وهي محاولة إحصاء كل من ولدوا على سطح هذا الكوكب منذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا· وباستخدام معادلات رياضية حديثة وفرضيات تاريخية قديمة ومتواليات عددية معقدة وتقارير أممية مجردة توصل العلماء إلى أن أي تقدير لتعداد البشر الذين عاشوا على ظهر الأرض لا بد أن يستند على عاملين، الأول: عمر بدء البشرية على الأرض، والثاني: معدل الزيادة السكانية في كل مرحلة تاريخية· معضلتان تكمن المعضلة الحقيقية في العامل الأول وهو تحديد تاريخ هبوط آدم أبي البشر وزوجه حواء إلى كوكب الأرض، فهو ليس بالأمر السهل· ولكن يميل العلماء إلى افتراض بأنه يعود إلى 3,5 مليون سنة· وكان أقدم كائن بشري متعارف عليه لزمن طويل هي الأثيوبية ''لوسي'' والتي اكتشفت عام ·1974 وحدد العلماء عمر عظامها بأنه يعود إلى 3,2 مليون سنة، إلى أن اكتشف العلماء في كينيا عام 2000 بقايا عظمية متحجرة لإنسان منتصب القامة قدرت بستة ملايين سنة وأطلق عليه ''إنسان الألفية'' وهي الأقدم حتى الآن· أما علماء الأنثربولوجي الألمان فيميلون إلى تقسيم حياة الإنسان إلى مراحل متطورة· ويرون أن الأسنان التسع التي اكتشفت للإنسان الحديث تعود إلى 370 ألف عام مضت، بينما بداية تاريخ الإنسان ككائن ثقافي ناطق يستخدم الأدوات والحلي ويعتني بطقوس الموتى ويرسم حياته اليومية على جدران الكهوف فترجع إلى 40 ألف عام· وربما يكون تاريخ الإنسان على الأرض أقدم بكثير من كل هذه التصورات ولكن هذا هو محصلة الأبحاث والاكتشافات حتى الآن· فمنذ أن بدأت تساؤلات الإنسان عن عمر الإنسان على الأرض قبل 150 سنة ولا توجد هناك مسلمات وثوابت بل مفاجآت واكتشافات تعيد البحث إلى نقطة الصفر· طوفان نوح فعند محاولة تقدير تعداد البشر الذين عاشوا على ظهر الأرض لم يستطع خبراء السكان الاستناد على معلومات قبل طوفان نوح الذي أفنى البشرية كلها باستثناء القلة القليلة التي ركبت السفينة، ويعود ذلك إلى عام 3000 قبل الميلاد، طبقا لتقديرات رواية الطوفان البابلية التي عثر عليها في العراق عام ·1853 أما عام 8000 قبل الميلاد وهي فترة الازدهار الزراعي في منطقة الشرق الأوسط فيميل الخبراء إلى الاعتقاد بأن عدد سكان العالم آنذاك لم يزد عن خمسة ملايين نسمة· ويرون أن العالم تعرض بعدها لانخفاض حاد في معدلات النمو السكاني إبان حكم الرومان بعد أن تحول الاهتمام بالزراعة والاستقرار إلى نشاط التنافس العسكري والتوسع الاستعماري وما نتج عنها من حروب وفناء، حتى وصل عدد سكان الكرة الأرضية في العام الأول الميلادي الى 300 مليون نسمة· ثم شهدت البشرية بعدها انخفاضا في هذا العدد نتيجة انتشار الموت الأسود وهو مرض الطاعون الذي أفنى شعوباً بأكملها ومسح مدناً بأسرها، وقدرت الوفيات الناجمة عنه في القرن الرابع عشر بحوالي 75 مليون نسمة· وكنتيجة لذلك فإن عدد سكان العالم عام 1650 ميلادية يمكن أن يقدر بحوالي 500 مليون نسمة· أما في سنة 1850 فتضاعف عدد سكان الأرض إلى مليار نسمة· وفي غضون 130 سنة أي عام 1930 تضاعف العدد ثانية إلى المليارين، ثم تضاعف بعد 45 سنة إلى أربعة مليارات عام ·1975 واليوم يقدر تعداد سكان الأرض بـ6 مليارات و700 مليون نسمة· فرضية أم أسطورة؟ وبالعودة إلى الفرضية القائلة بأن الانفجار السكاني قد يترتب عليه أن يأتي زمن يصبح فيه عدد الأحياء يفوق عدد الأموات، توصل العلماء في نهاية المطاف إلى أن الفرضية الأسطورة التي بدأوا بها بحثهم لا يمكن أن تكون صحيحة بأي حال من الأحوال· ولكي تصدق لابد أن يصل عدد سكان الأرض إلى مئة مليار نسمة وهو العدد التقريبي للأموات منذ بدء الخلق· وهو ما لن يحدث في أكثر سيناريوهات الانفجار السكاني تشاؤما· فمن المتوقع أن يصل تعداد السكان بحلول عام 2050 إلى 9 مليارات و200 مليون نسمة سيكون ربعهم من كبار السن· وعاد خبراء السكان للمربع الأول، وعادت علامة الاستفهام تقف هذه المرة وراء سؤال حول جدوى تقصي جذور الأسرة البشرية: هل كانت الفرضية محض هباء؟ وهل ذهبت جهودهم البحثية كلها في الهواء أم أنها أضافت شيئا؟ وهل يمكن أن تكون لقصة الإنسان على الأرض نقطة بداية واضحة أم ستظل البداية محيرة تماما كالنهاية؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©