أصابت الاضطرابات والقلاقل التي تعم باكستان مظاهر الحياة اليومية بالشلل لليوم الثاني أمس في أعقاب اغتيال زعيمة المعارضة بينظير بوتو، في الوقت الذي أمر فيه الرئيس برويز مشرف قوات الأمن بالتحرك بحزم ضد مثيري الشغب· وتوقف النشاط التجاري في البلاد، فيما بدت معظم الطرق في المدن والبلدات خالية في الغالب الأعم بسبب حالة الحداد التي أعلنها مشرف لثلاثة أيام، وأيضاً بسبب أعمال الشغب التي أودت بحياة 44 شخصاً حتى الآن، فضلاً عن تدمير مئات المباني والسيارات والبنوك والمنازل· وواصلت قوات الجيش والشرطة - التي تعمل وفق أوامر بإطلاق النار على الفور- دورياتها في عدد من المدن في إقليم السند الجنوبي، الذي يعد أحد المعاقل السياسية لبوتو·
وتظاهر الآلاف في أنحاء متفرقة من باكستان، مرددين هتافات مناوئة للرئيس مشرف، تعبيراً عن غضبهم لاغتيال بوتو· ففي أكبر تجمع شعبي منذ اغتيال بينظير بوتو الخميس الفائت، احتشد أمس نحو 10 آلاف إمام مسجد قديم في لاهور تزامناً مع أداء صلاة الغائب على بوتو، مرددين هتافات طالبت مشرف بالتنحي عن السلطة· ووقف عدد كبير من رجال الشرطة تحسباً لوقوع أعمال عنف، فيما حمل المتظاهرون العصي وإطارات السيارات استعداداً لحرقها، قبل أن تتحرك الجموع الغاضبة إلى شارع المدينة الرئيسي، وهم يرددون شعارات مناوئة لحزب الرابطة الإسلامية الحاكم الموالي للرئيس مشرف· وفي مدينة راولبندي القريبة من العاصمة إسلام آباد، استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق 3000 متظاهر حاولوا اقتحام منزل وزير السكك الحديدية السابق شيخ رشيد أحد حلفاء الرئيس مشرف، وذلك في ثاني محاولة من نوعها خلال يومين· ونقلت مصادر إعلامية وقوع مظاهرات في أنحاء متفرقة من باكستان، ومنها مظاهرة في مدينة بيشاور، حيث تجمع قرابة 3000 متظاهر في شوارع المدينة، مرددين شعارات مناهضة للرئيس مشرف، فيما حاول بعضهم تحطيم واجهات المحال التجارية· وقامت قوى الأمن بالتصدي للمتظاهرين بالغاز المسيل للدموع والهراوات، حسب ما أفاد به أحد شهود العيان· وفي مدينة مولتان الواقعة وسط باكستان، تظاهر 2000 شخص بالتزامن مع تجمع العشرات في مدينة مظفر آباد عاصمة الشطر الباكستاني من إقليم كشمير، تعبيراً عن غضبهم لاغتيال بوتو·
وأصيب عشرون شخصاً على الأقل صباح أمس في عمليات إطلاق نار في كراتشي· وقال قائد شرطة المدينة أزهر علي فاروق: إن مثيري أعمال الشغب أضرموا النار في أكثر من 947 سيارة و200 بنك و10 مصانع و8 محطات تزود بالوقود ومطعمين و72 قطاراً و18 محطة سكك حديدية· وقال شهود عيان في كراتشي: إن ''أعمال العنف متواصلة على نطاق واسع في المنطقة، لقد تم إحراق كل شيء، ونهبت المتاجر''· وقال أحد سكان المدينة إن ''المدينة تحترق·· إشارات المرور لا تعمل·· العمال لم يلتحقوا بأعمالهم والسكان يخشون من عدم حصولهم على الأدوية·· كل الصيدليات مغلقة''·
وقالت ''الداخلية الباكستانية'': إن أعمال العنف أسفرت عن مقتل 44 شخصاً على الأقل وخسائر قدرات بعشرات الملايين من الدولارات· وقتل ثلاثة من أنصار بوتو بالرصاص، أحدهم قتله مسلحون ملثمون، فيما قتل الآخران برصاص قوات الأمن، فيما حاولت مجموعة من المحتجين اقتحام حقل للنفط· وفي حادث منفصل، قال مسؤولون في مستشفى: إن رجلين قتلا بالرصاص وأصيب سبعة آخرون في منطقة بمدينة كراتشي، ووصل عدد القتلى منذ اغتيال بوتو يوم الخميس إلى 44 بينهم أربعة من رجال الشرطة· وجاءت أعمال القتل في معقل بوتو السياسي، فيما أضرم المحتجون النار في متاجر وشاحنات ومراكز تجارية ومراكز صحية وسيارات الإسعاف·
وأفادت وكالة الأنباء الباكستانية الرسمية بأن مشرف أمر بالتحرك ''بحزم'' ضد مثيري الاضطرابات· وأفادت وكالة ''أسوشيتد برس أوف باكستان'' بأن مشرف أصدر هذا الأمر خلال اجتماع لأبرز قادة الأجهزة الأمنية في البلاد بينهم رئيس هيئة أركان الجيوش· ونقلت الوكالة عن الرئيس الباكستاني القول: إن ''العناصر التي تحاول استغلال الوضع عبر السرقة والنهب يجب أن يعاملوا بحزم، ويجب القيام بكل شيء من أجل ضمان أمن الباكستانيين''·
عدد اليوم
