الشبكات الكهربائية توحّد الدول المتوسطية

يحظى حلم ربط بلدان ومدن حوض البحر الأبيض المتوسط بشبكة مشتركة لتوزيع التيار المتناوب باهتمام متزايد من كافة الأطراف المعنية· ومن المنتظر أن تسهم هذه الشبكة في تجنب الكثير من المشاكل المرتبطة بأمن تشغيل مصادر الطاقة الكهربائية· ويشير تقرير خاص نشرته مجلة (ميد) مؤخراً إلى أن أول طرح للتصور المتعلق بفكرة إنشاء (الحلقة الكهربائية المتوسطية) يعود لبدايات عقد التسعينات· وحالما تكتمل هذه الحلقة فسوف يبلغ امتدادها 4000 كيلومتر في اتجاه شرق-غرب، و2000 كيلومتر في اتجاه شمال-جنوب· وبدأت التطبيقات الأولى للمشروع بالفعل منذ شهر أغسطس من عام 1997 عندما تم إمرار التيار المتناوب تحت توتر 400 كيلوفولط عبر الكابل تحت البحري الذي يصل بين المغرب وإسبانيا· وفي شهر مايو من عام ،1998 استخدم الخط لأول مرة للتبادل التجاري للطاقة بين البلدين· وترتبط أوروبا طولاً وعرضاً بشبكة واحدة، من بولندا إلى إسبانيا بشبكة؛ فيما ترتبط دول البحر المتوسط الجنوبية بشبكتين مستقلتين تشمل الأولى الجزائر وتونس والمغرب، وتصل الثانية من ليبيا إلى سوريا عبر مصر والأردن ولبنان· وتمثل تركيا كتلة مستقلة إلا أنها تفكر الآن في الانضمام إلى إحدى الشبكات الأوسع· ونقلت تقارير عن مصدر تركي قوله: (تسعى تركيا بدأب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؛ ولقد أصبحت هناك حقيقة جديدة في أوروبا تفيد بأن ''الكهربائيين'' غالباً ما يكونوا سباقين لـ''السياسيين''· ويمكن أن يمثل هذا سبباً قوياً لزيادة قوة ارتباط تركيا بأوروبا)· و أثبتت تجربة ربط ليبيا بتونس في شبكة واحدة أنها مهمة تنطوي على الكثير من الصعوبات· وكان لتجربة ميدانية أجريت عام 2005 لربط البلدين ببعضهما لمدة ثلاثة أيام، أن تفشل بعد بضع دقائق بعد اكتشاف القصور الكبير في الاستعدادات التقنية لإنجاز مثل هذا المعقد· ويفسر مصدر متخصص هذا الفشل بقوله: (إن لم تكن الطاقة الكهربائية العادية تمرّ عبر كابلات التوصيل بسرعة موحدة، فلا بد أن يحدث الخلل والانقطاع· ويتم توزيع الكهرباء في أوروبا وهي تحمل طاقة تبلغ 400 جيجاواط فيما تبلغ الطاقة المنقولة في الشبكة الجزائرية والليبية 6 و4 جيجا واط على الترتيب)· وتكمن نقطة الضعف الثانية في توصيل الشبكة داخل القطاع الممتد بين ليبيا ومصر وحيث يتم نقل الطاقة الكهربائية عبر خط الدائرة المزدوجة الذي يربط النظامين تحت توتر يبلغ 220 كيلوفولط وهو ينقل طاقة تتراوح بين 120 و140 ميجاواط· وتقضي الخطط المرسومة بتقوية طاقة الربط بين البلدين عن طريق تمديد خط جديد لنقل الطاقة تحت توتر 500 كيلوفولط من مرسى مطروح في مصر حتى طبرق في ليبيا· وسوف يتم إنشاء محوّل في ليبيا لتخفيض التوتر البالغ 500 كيلوفولط إلى 400 كيلوفولط من أجل توحيد مستوى التوتر المستخدم هناك في نقل الطاقة· وكان قد تم التطرق للحلول المتعلقة بمشكلة التوصيل غير المتجانس للتيار الكهربائي في حوض البحر المتوسط أثناء اجتماع نظمته لجنة خاصة أنشئت لهذا الغرض وضمت خبراء من حوض البحر الأبيض المتوسط في شهر أبريل الماضي· ويقول التقرير إنه ما لم تلجأ دول جنوب البحر المتوسط إلى استكمال عملية تطوير شبكاتها الكهربائية وتحسين أساليب التوصيل فيما بينها، فإن مساعيها الهادفة للاشتراك في (حلقة كهربائية متوسطية) موحدة تبقى مجرد حلم غير قابل للتحقيق