الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أعياد يؤسف لها

أعياد يؤسف لها
15 فبراير 2013 20:23
إنه اليوم الثالث إذاً!! وها نحن ننهي مراسيم العزاء في وفاة المرحوم يوم الحب، الذي يدلعونه بـ «فالنتاين»، وعاد العشاق إلى مواقعهم سالمين غانمين، ما عدا تلك الصبية التي خرجت بعاهة دائمة في الوجه، حينما رماها حبيبها بوردة حمراء، لكنه نسي – قبل أن يرميها عليها- أن يخرجها من المزهرية. أعترف لكم بداية بأني أكره الأعياد بشكل عام، لأني كنت فقيرا تماما في طفولتي، وكانت الأعياد تشكل لي حرجا أمام الآخرين، لأننا لم نكن نحصل على ملابس العيد والنقود والحلوى. أذكر في أحد الأعياد أن أخي نبيل – حاليا رئيس تحرير صحيفة يومية في الأردن- رفض الخروج من الفراش، لأن الوالدة لم تشتري له بنطلوناً في العيد. لما جاء الأقرباء لممارسة طقوس العيد، وجدوا أخي في الفراش. سأل أحدهم عن وضع الولد واليوم عيد. قالت أمي، وهي تنوي التغطية على الموضوع، إنه مريض. لكن القريب ثقيل الظل سأل: - وما الذي يوجعه؟؟ فسبقت أنا أمي بالقول: - بنطلونه بيوجعه. وكانت هذه العبارة هي البداية الأولى لتكريسي كاتبا ساخرا في المستقبل، أسخر من الفقر قبل أن يحولني الى كائن فقير الروح والضمير. نعود لموضوعنا يوم الحب المصون: مع أني لا آبه له واعتبره وسيلة نصب واحتيال اخترعها التجار لتسويق بضاعتهم الفاسدة. من زهور اصطناعية وكرتات تافهة، وعلى ذكر الكرتات، فقد دخل الشاب الى محل بيع «كرستا» الفالنتاين، وسأل التاجر إذا كان لديه كرتات مكتوب عليها «إلى حبي الوحيد»، مع رسم وردة حمراء، فقال التاجر بأنها متوفرة، فقال الشاب : - انتظر قليلا... سمر، سعاد، فهيمة، نانسي، تغريد، أحلام، نجوى، سبعة... أعطني عشرة كرتات احتياطا ـ ربما أكون نسيت بعضا من صديقاتي. في الواقع فإننا نتوهم الحب ثم نعشق الوهم، تماما كأصحاب الحب العذري الذين كانوا يقعون في حب حبهم، والحبيبة لا تكون سوى وسيلة الى ذلك فقط، وحين تتوفر ظروف اللقاء، أو الزواج، فإن ذلك الحبيب كان يهرب او يتهرب منها، حتى لا يخسر حالة الحب التي يعيشها. ونحن هنا نقع تحت تأثير حب العيد، ونستخدم يوم الحب وسيلة ومطية لتنفيس عواطفنا. أعترف اننا نحن الرجال دجالون كذابون، وأن وراء كل رجل عظيم امرأة.. صحيح.. لكنها امرأة مقموعة مظلومة مضطهدة ماكله هوا.. كانت مخدوعة ذات يوم بالورود الحمراء. يوم الأم أيضاً يندرج تحت قائمة الأعياد التي اخترعها كارتيل التجار العالمي لبيع بضاعتهم الكاسدة، بأعلى الأسعار. ?لا تغرنكم الدعايات التي تحض الأبناء على شراء العطور ومنتجات التكنولوجيا الحديثة من أجل تحويلها الى هدايا ملفوفة بعناية ومقدمة للامهات في هذا اليوم غير الفضيل. ?فالعادة ان تنجح شركات الطناجر والعصّارات، والمكانس الكهربائية في تحويل هذا اليوم الى مهرجان لتسوق الأدوات الكاسدة. الخاسر الوحيد، في هذه الهيزعة، هي الأم طبعاً التي لا ناقة لها ولا بعير في هكذا هدايا، إنما هي مجرد أدوات مطبخ جديدة.. هي مجرد أدوات جديدة لتحسين شروط العبودية، وحتى يتناول الابناء والآباء «لقمة» أكثر متعة على حساب صحة الأم وراحتها، والتي لن يعذرها أحد إذا لم تطبخ، ما دام عندها طنجرة بريستو وفرامة ملوخية وخلاط وماكنة فرم سلطة.? قليلون هم الذين يفكرون في حاجات الأم، وفي الهدايا التي يمكن ان تفرحها، وهي في الأساس الحب الحقيقي الصادق من الأبناء والأعزاء. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©