السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزيرة أبوظبي تعزف على أوتار الموروث الشعبي والهوية الوطنية

جزيرة أبوظبي تعزف على أوتار الموروث الشعبي والهوية الوطنية
23 فبراير 2014 14:15
هناء الحمادي (أبوظبي) - مع انطلاقة مهرجان قصر الحصن في قلب العاصمة تعيش الدولة حالة من الالتفاف حول التراث الوطني في ظل الاحتفاء بأقدم بناء تاريخي في جزيرة أبوظبي، ولم تزل هذه الإمارة التي نسجت خيوط التقدم، وسارت في دروب المجد تحتفظ بأسرار الموروث الشعبي الأصيل، ورغم أن المهرجان هذا العام تتوزع فيه الأركان التراثية والبيئات القديمة، إلا أن ركن جزيرة أبوظبي يتميَّز بمكوناته وحركته الدائبة، التي لا تهدأ عبر الورش التي تضمها خيم الطبخ الشعبي وصناعة المنتوجات التراثية، بالإضافة إلى الشرطة التي اتخذت لها موقعاً مميزاً والتي يرتدي أفرادها الزي القديم ليجتمع شمل جزيرة أبوظبي في المهرجان، بصورة تدفع العديد من الزوَّار إلى الاقتراب بشكل كبير منها من أجل التعرف على ملامحها قديماً، وكيف كانت حياة الناس الاجتماعية فيها ومدى ارتباطهم بقصر الحصن مصدر الحكم آنذاك، فضلاً عن وجود صرح تعليمي مصغر يبين كيف كانت تجرى العملية التعلمية في الماضي. وفعاليات مهرجان قصر الحصن التي خصصت أمس الأول للنساء والأطفال، تعد خير شاهد على الحياة البسيطة، التي كانت يحياها الناس في التعاملات اليومية، وفي مناحي معيشتهم وسعيهم المستمر من أجل الحصول على لقمة العيش في ظروف صعبة، إلا أن الرضا كان هو الذي يشكل مزاج الناس ويجعلهم في حالة من السعادة العارمة، بين أركان جزيرة أبوظبي التي تبوأت مكانتها العالمية بفضل جهود القيادة الرشيدة التي تولي اهتماماً كبيراً لإحياء التراث في جنباتها. صورة حية في «جزيرة أبوظبي»، ذلك المكان الذي يفوح منه عبق الماضي بكل ما فيه من جمال وأصالة، نجح في نقل صورة حية من صور الحياة المعيشية التي عايشها أبناء المنطقة قديماً من الصف المدرسي والتعليم قديماً، إلى سوق الجزيرة الذي يغط بالكثير من البضائع والمهن والملابس والأعمال اليدوية. فعلى الرمال الناعمة ما أحلى الطفولة، وما أروع البراءة والبساطة، يلهو الأطفال ويلعبون، يصنعون ألعاباً من مواد بسيطة لا يهم المكان، فربما كان ساحل البحر أو الصحراء أو الفريج، ألعابهم تعبر عن تضامن ومحبة وترابط، تمنحهم القوة في العقل والجسم، تستخرج مواهبهم وتسط أنماطاً من سلوكهم العفوي الجميل. عن أهم الألعاب الشعبية التي تمارس في جزيرة أبوظبي، تلفت شيخة الوالي من ركن الألعاب الشعبية إلى أن الألعاب الشعبية في الماضي القديم كانت جزءاً لا يستهان به من عادات وموروث شعبي، فهي كثيراً ما تصاحبها أهازيج وحركات ولغة وخامات بيئية طبيعية تشكل رافداً حيوياً للتراث الإماراتي، ويأتي الهدف من إحياء تلك الألعاب في هذا المهرجان محاولة لأحياء تلك الألعاب القديمة وتذكير الأطفال بها، إلى جانب تعزيز الموروث الشعبي، حيث كانت تمارس في الطبيعة بشكل جماعي، فتنمي لدى الطفل الجانب الاجتماعي وروح المنافسة والقيادة وغيرها من الخصال الإيجابية التي تفتقر إليها الألعاب الحديثة، وتتنوع الألعاب قديماً ما بين الساحلية والريفية والبدوية. صناعة القوارب وتلفت الوالي لأهم ألعاب البيئة الساحلية التي يبتكرها الأطفال، وهي صناعة قواربهم الخاصة بهم التي تتكون غالباً من علب الصفيح الفارغة، حيث تُدق بجسم حديدي، ثُم تُشكل على هيئة قارب، وتوضع لها أشرطة من القماش، وأحياناً يستعان «بالكرب» المأخوذ من جذع النخلة، ليحافظ على توازن القوارب الصغيرة، فيلهون ويتسابقون وجميهم فائز فألعاب الطفولة لا خاسر فيها، بجانب ذلك كان «للصبيان» نصيب الأسد في الكثير من أهم الألعاب التي كانت تتطلب القدرة على التحمل والصبر والتحدي مثل لعبة الحلة وكرة السوط، وكذلك لعبة ديك دياية، وحسن ديك، والقبّة، ولعبة القرقيعانة ولعبة الرنج، ومعظم تلك الألعاب الشعبية - بحسب الوالي - كانت تمارس في «الفرجان»، أو على البحر وفي الأماكن المفتوحة، وكانت تمارس في مواسم ومواعيد وأوقات وقد يفضل البعض من الأولاد لعبها وقت الصبح أو وقت العصر. وصنفت الوالي الألعاب الشعبية إلى «ألعاب جماعية وفردية» تنقسم إلى حركية، وهي التي تؤدى عن طريقة حركة الأيدي والأرجل والأصابع أو حركة الجسم، وذهنية تعتمد على التفكير الذهني والعقلي، وأخرى خاصة بالبنات وغيرها للصبيان والأطفال دون سن العاشرة، لأن ألعاب الأطفال في الطفولة المبكرة تعتبر ذات خصائص وصفات مميزة. وتضيف: تنقسم الألعاب تبعاً لمواعيد ممارستها إلى ألعاب شتوية وأخرى صيفية، وألعاب القيظ زيادة على الألعاب اليومية غير الموسمية، وهي التي تمارس طوال أيام السنة، وكثيرا ما تمارس الألعاب في أيام الأعياد السنوية، كما تنتشر الألعاب في شهر رمضان بعد صلاة التراويح، مشيرة إلى أن الألعاب الجماعية تتميز بأنها ذات شروط وقوانين وأصول، أما الألعاب الفردية فغير مقيدة بشرط، ومن الألعاب المقيدة بأصول وقوانين لعبة «الحِلة» ولعبة «حِبيلْ الزّبَيلْ»، والعديد من الألعاب الجماعية الأخرى التي تكون الجماعة شرطا أساسيا فيها. «العجفة» تسريحة تزين شعر الفتيات على طريقة الجدات برائحة الياس وماء الورد تلك المواد الداخلة في تزيين شعر الفتيات قديما من خلال إحدى التسريحات التي تسمى «العجفة»، توضح موزة سعيد المحيربي إحدى السيدات التي عاصرت تلك الفترة القديمة ولديها خبرة كبيرة في صناعة العجفة للفتيات، تقول وأمامها مجموعة من الأعشاب ذات الرائحة النفاذة والجميلة: «في الماضي لم تكن هناك صالونات أو كوافيرات يقمن بتزيين الفتيات في الأيام العادية أو المناسبات والأعياد، لكن كانت توجد سيدة تُدعى «العجافة»، وهي تقوم بمهمة تزيين العروس أو الفتاة، حيث تقوم بتسريح الشعر وعمل (العجائف) أي الضفائر الجميلة وتزيينها بالحلي الذهبية. تلفت المحيربي إلى طريقة عمل العجفة بأن العجفة تعتبر من أكثر التسريحات المنتشرة بين الفتيات سابقاً، حيث تقوم «المعقصة»، وهي المرأة التي تعقص وتصفف الشعر بتمشيط الشعر «وفرقه» أي تقسيمه إلى أقسام متساوية من الأمام عند الجبهة، وباتجاه الخلف في خط مستقيم ينصف شعر الرأس، لأن الخط إذا كان مائلاً أو منحرفاً إلى اليمين أو اليسار عد أمراً يشين الفتاة، ثم يجدل الشعر بشكل ضفيرتين متماسكتين، ثم تتداخل الضفيرتان لتشكل العجفة وتصل تقريباً 12 عجفة، وبعد أن تتم تلك العملية لا بد أن توضع على تلك العجفات مجموعة من الأعشاب وتتكون من مادة الياس الذي يخلط مع ماء الورد ويتم عجنه لتصبح العجينة متماسكة، ثم العنبر والزعفران والبضاعة والوردية وكل تلك المقادير توضع على العجفة لمدة أسبوع كامل لتثبت الرائحة في العجفة. وعن مشاركة النساء في الورشة تؤكد المحيربي تفاعل الفتيات في هذه الورشة، حيث خلال ساعة يتعلمن طريقة العجفة والمواد التي توضع على الرأس، مبينة أن هذه الورشة منذ انطلاقة مهرجان قصر الحصن تفاعل فيها الكثير من الزائرات مؤكدات حبهن للتعرف على الطرق التقليدية القديمة في عمل العجفة التي تتكون من 12 عجفة، والتي تحتاج إلى الدقة والسرعة في عملها، وقد قام الكثير منهن بتجربة عملها بشكل يدوي كنوع من التعرف على الطريقة الصحيحة لعملها. الطلبة يتعلمون وفق خطى الأجداد ويتعرفون على «الخميسية» لا بد لكل من يمر في جزيرة أبوظبي أن يتوقف كثيراً لمشاهدة حقبة التعليم وتفاصيلها قديماً، حين كان أهل الفريج يرسلون أبناءهم إلى المطوع لحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب مع مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ويتذكر حميد سمبيج المشرف على تعليم الصغار في قصر الحصن الطريقة القديمة التي كان يتعلم بها الأبناء، ويقول: «كان يجلس الطلاب على بساط من السعف على الأرض، ويضعون حاملا يسمى «المرفع» عند القراءة أمامهم، ويُصنع هذا الحامل من الخشب، أو السعف، أو الجريد، أو حتى من الصفيح حسب حالة أهل البيت، وفي يوم الأربعاء من كل أسبوع ينادي المطوع على تلاميذه ويذكرهم بإحضار «الخميسية»، وهي الأجرة الأسبوعية التي يتقاضاها المطوع من أولياء أمور الطلاب كل حسبما يستطيع أن يقدم، ولا يفرض المطوع شيئاً معيناً، وكانت الأجور تدفع كل يوم خميس. ويضيف سمبيج، في يوم الخميس يجري المطوع اختباراً للتلاميذ يستمع فيه إلى حفظ الدروس السابقة، فإذا اجتاز التلميذ هذا الاختبار يقولون «أفلان غيب»، وهي كلمة تطلق على الابن أو الولد الذي نجح في حفظ القرآن الكريم أو جزء أو جزءين منه، وعندما يجتاز التلميذ حفظ الآيات من الحمد إلى الفجر، أو حفظ جزء عم يقولون أيضاً «أفلان غيب»، وهذا يعني على هذا الولد «هدة»، وهي سماح المطوع للصبيان بالخروج على أن يدفع هذا الولد أجرة المطوع، وهي روبية أو روبيتين، أما عن أوقات الدراسة، فعادة ما تبدأ أوقات الدراسة في الصباح حتى موعد الصلاة مع وجود حلقات صباحية ومسائية. وفيما يتعلَّق بالعقاب والحضور، فقد كان مهماً آنذاك كما يقول سمبيج، حيث كان العقاب شديداً للذين يقصرون في أداء واجباتهم مع اتباع أساليب الثواب والعقاب، وكانت «الفلكة»، العقاب الصارم للأولاد، فإذا تغيب أحدهم عن الدرس يوضع في «الفلكة»، وهي خشبة طويلة نسبياً وبها «محز أو سلسلة»، توضع قدمي الصبي في الفلقة ويقفل عليه، ويظل في بيت المطوع مدة طويلة، قد تتراوح أحياناً بين يوم وثلاثة أيام، وقد توضع القدمان في الفلقة وترفع إلى الأعلى ويضرب بالعصا على حافة قدميه، أما من يختم القرآن فقد كانت له احتفالية، خاصة، حيث يقام له حفل يستمر لمدة أسبوع، يدورون الطرقات مرددين «التحاميد»، يعني الأناشيد الدينية الخاصة بختمه القرآن، ومن يخفق في ختم القرآن يذهب للعمل مع والده. وتابع: ظهر «التعليم التطوري أو شبه النظامي»، خلال الفترة ما بين 1907م إو1953م. ففي هذه السنوات أدى تأثر تجار اللؤلؤ الكبار (الطواويش) بحركات الإصلاح واليقظة العربية، ثم فتحوا المدارس في المدن واستقدموا العلماء لإدارة تلك المدارس والإشراف على تنظيم الدروس وسير التعليم فيها، ومن أشهر المدارس التطورية في الشارقة المدرسة التيمية المحمودية سنة 1907م، والإصلاح سنة 1935م. وفي دبي الأحمدية وقد تأسست سنة 1912م والسالمية سنة 1923م، والسعادة سنة 1925م، ومدرسة الفلاح سنة 1926م. ورشة تعيد إلى الأذهان ذكريات تعلم السدو والتلي يتوقف زوار مهرجان قصر الحصن لمشاهدة الصناعات القديمة التراثية، التي كانت الأمهات يعملن بها، ومن أهمها صناعة التلي والسدو، حيث تنشغل الأمهات في قسم صناعة السدو والتلي في تعليم زوار المهرجان من السيدات والأطفال في ورشة كيفية تعليم صناعة التلي. وتلفت زمزم المرزوقي إحدى المشاركات في هذا القسم إلى أن التلي حرفة نسائية منتشرة في الإمارات بشكل كبير جداً بين النساء وتسمى «تلي بوادل»، وقد جاءت هذه التسمية من التلي وهو شريط مزركش بخيوط ملونة، بلون أبيض أو لون أحمر وخيوط فضية متداخلة بعضها في بعض وتستخدم «الكجوجة» في عمل التلي، والكجوجة هي الأداة الرئيسة للتطريز وتتكون من قاعدة معدنية على شكل قمعين ملتصقين من الرأس وبها حلقتان على إحدى القواعد لتثبيت وسادة دائرية تلف عليها خيوط الذهب والفضة للقيام بعملية التطريز. وتذكر المرزوقي أن أنواع التلي حسب حجم الخيط ونوع الزخرفة فيه وأهم هذه الأنواع هي» بتول وهي أبو فاتلة واحدة ويكون على الفستان أو الثوب، و«البادلة الصغيرة» وتركب على «الخلق»، أو كما يسمى «الصروال» بعامية الإمارات في نهايته، وهذا النوع يكون للسراويل الصغيرة. أما «البادلة الكبيرة» فتستخدم بنفس طريقة البادلة الصغيرة في السراويل مع اختلاف بسيط أي أنها توضع في السراويل الكبيرة. والبادلة كما تجدها المرزوقي عادة ما تكون بيضاء اللون، أو ملونة وتلوينها يتم بوساطة الخيط «أحمر وأخضر»، أما اللون الأبيض، فيكون فقط عند استخدام الزري «الخوص» الأبيض، وللملون يستخدم الوري الأصفر. وفي صناعة السدو لا بد أن تتوافر «الكجوجة»، وهي عبارة عن قمعين متعاكسين ملتصقين وتصنع من المعدن. أما المخدة «الموسدة»، هي وسادة من القطن بيضاوية الشكل تلف عليها الخيوط لعمل التلي، بينما «الدحاري» الجمع لكلمة «دحروي»، وهي البكرة التي تلف عليها الخيوط المستخدمة في التلي فيتم صفها حسب نوع البادلة المراد صنعها. بينما تستخدم إبر لتثبيت التلي الموضوع دائريا على «الموسده». وعن مدى إقبال النساء والفتيات على ورشة السدو والتلي تذكر المرزوقي أن هناك إقبالاً كبيراً من الجميع لمعرفة أسرار تلك الصناعة، وبالفعل يمكن للجميع المشاركة من خلال الحجز في ورشة صناعة «السدو» والتي تستمر لمدة ساعة واحدة، يتم من خلال التعليم عن قرب وجعل المشاركات هن اللاتي يقمن بالتدرب والتعلم على تلك الصنعة. وترى أليسي فازيليكس من ولاية كاليفورنيا وتسكن حاليا في إمارة دبي منذ 3 سنوات أن مهرجان قصر الحصن شد انتباهها من خلال الإعلان عنه في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذه الزيارة الأولى إلى قصر الحصن، حيث كل ما به من فعاليات وأنشطة تراثية يلفت الانتباه ويجعل الجميع يستوقف لمشاهدة تلك الحضارة القديمة التي ما زال شعب الإمارات محافظاً عليها من الاندثار، وعن مشاركتها في ورشة صناعة التلي تؤكد أنها من هواة عمل أشغال اليدوية والمنطقة التي كانت تعيش فيها كالفورنيا كانوا يعملون في الأشغال اليدوية، ووجودها في ورشة تعليم السدو فتح لها المجال أن تتفن القليل من تلك التجربة التي تجدها ناجحة بحسب إشادة النساء اللاتي يعلمن المشاركات تلك الصناعة، وتضيف «ساعة واحدة غير كافية بالنسبة لي لأتعلم تلك الحرفة، ولكن لدي نية بتكرار تلك الزيارة خلال مهرجان قصر الحصن، لأتقن تلك الحرفة التي أجد نفسي فيها والتي تعلمت فيها أساسيات تلك الصناعة التراثية القديمة التي ما زالت الكثير من السيدات يعملن فيها بكل حرفية وإتقان ومهارة. ووسط اندماج الطالبة علياء إبراهيم، الصف السادس، مدرسة الشوامخ في أبوظبي، في تعلم حرفة التلي وهي تراقب حركة خيوط السدو تعلو تارة وتنزل تارة أخرى بطريقة دقيقة ومتقنة، تؤكد علياء أن هذه هي المرة الأولى التي تشارك في ورشة التلي، وهي تجدها تجربة جديدة عليها، مبينة أنها خلال ساعة استطاعت أن تتعلم القليل من تلك الحرفة التي وجدتها في بادئ الأمر صعبة، ولكن بعد مرور نصف ساعة استسهل الأمر عليها، حين قامت بتداخل الخيوط الملونة في بعضها البعض مكونة في النهاية شريطا مزركشا بخيوط ملونة. «الحناء، المنحاز، الندوة» ثلاثية تطل من نافذة الماضي على الحاضر تتعرف النساء على ورشة الحناء تلك الوسيلة التجميلية التي عرفتها المرأة منذ القدم، وتعد من أهم الأدوات التي تستعملها المرأة للتزيين إن كانت مرتبطة بالأفراح والمناسبات، وتمارسها النساء ضمن عادات وتقاليد العرس الذي لم يتغير حتى الآن. فعلى ترديد أنشودة «حنّونا من حنّاكم، ترى إحنا نمشي وراكم، تقول سلامة بطي الرميثي مشاركة في ورشة الحناء في قصر الحصن، إن عمل الحناء سهل ولكن يحتاج إلى وقت ومجهود كبير، وأغلب مكوناتها غالباً ما يكون من أوراق الحناء الخضراء التي تقطع في بادى الزمر، ثم توضع في صينية ويتم وضعها في الشمس، حتى تجف الأوراق، وبعد ذلك تنظف من الأتربة والغبار العالق بها، وتنظف من الأغصان الصغيرة، وبعد ذلك توضع كمية قليلة في «المنحاز»، وهي آلة نحاسية لطن الحبوب، وبعد أن يتم تنعيم الحناء تنخل في إناء مغطى فوقة شيلة سوداء تسمى «الندوة»، وبعد ذلك تؤخذ الحناء التي تخرج على شكل بودرة، وتوضع في الطاسة المخصصة لعجن الحناء ويخلط معها ماء ساخن مخلوط بالليمون اليابس الأسود، ويترك بعد ذلك ليبرد قليلاً، ثم يسكب ماء الليمون اليابس فوق العجينة بطريقة تدريجية لتتشكل بعد ذلك عجينة الحناء. مؤكدة الرميثي أن المرأة تتحنى بها أكثر من مرة حسب اللون الذي ترغبه، فإذا رغبت في الحصول على اللون الأحمر، فإنها تتحنى مرتين، وإذا رغبت في الحصول على اللون الغامق المائل إلى السواد تتحنى أكثر من مرتين. وعن أشكال الحناء تبين أن النقوش أيام زمان كانت تسمى «القصة» و«أبو البيطان»، وهي للعروس والمتزوجات من الشابات، أما الفتاة قبل الزواج، فكان عليها أن تتخضب على شكل «الغمسة وهي طلاء اليد كاملة كالقفاز، وكذلك الكبيرات في السن يتحنين بنقش الغمسة و«الجوتي»، أي تطلي قدميها بالحناء وكأنها تلبس الحذاء البوت.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©