السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقاهي النساء تستبعد الرجال «بقوانين خاصة»

مقاهي النساء تستبعد الرجال «بقوانين خاصة»
23 مارس 2010 20:50
المقاهي كانت تشكل البيت الثاني لعدد كبير من الرجال في مجتمعاتنا العربية القديمة، حيث كانوا يقصدونها لتمضية وقت الفراغ، أو للتسكع بعد الفشل في إيجاد فرصة عمل ما، وفي أواسط الستينيات وبدخول التلفزيون انتشرت السهرات التلفزيونية في المقاهي العامة الشعبية، التي كان يرافقها احتساء المشروبات الساخنة أو الباردة، بالإضافة إلى لعب الشدة (الورق) وطاولة الزهر، وتدخين النارجيلة وغيرها. أما اليوم فقد اختلفت صورة المقاهي، أو ما أصبح يسمى بـ“الكوفي شوب”، عما كانت عليه من حيث طبيعة المكان، ووجود خدمات جديدة لم تكن متوفرة في السابق، مثل “الإنترنت” وغيرها، بل وصار معظم رواد هذه المقاهي من فئة الشباب، ورجال الأعمال على اختلاف مستوياتهم.. حتى العائلات صارت تجتمع مع بعضها في المقاهي كنوع من التغيير وكسر الروتين المعتاد عبر الزيارات المنزلية، في حين تواجه المرأة عند ذهابها بمفردها إلى المقهى أو مع صديقاتها سلسلة من المضايقات والتحرشات الذكورية من نظرات تخدش الحياء إلى تعليقات وغيرها. السؤال الذي يطرح نفسه: هل نحن بحاجة إلى مقاه خاصة بالسيدات لا يرتادها الذكور؟ ولماذا؟ هذا السؤال شغل تفكير الطالبة الجامعية خلود الحسيتي، من كلية التقنية العليا في الفجيرة، ودفعها إلى عمل دراسة مكثفة وتخطيط عميق لمشروع مقهى للسيدات الذي تأمل أن تكون مالكته في الفجيرة. عن التفاصيل تخبرنا خلود: “بما أنني أدرس إدارة الأعمال، فقد تعلمت كيفية التخطيط لمشروع تجاري ناجح، وانطلقت للعمل على مشروعي الذي أسميته (قهوة كافيه)، وهو مقهى نسائي بحت بجميع عناصره من زبونات ونادلات وإدارة وغيرها، ولأن إمارة الفجيرة التي أعيش فيها تفتقر إلى كثير من الخدمات والأماكن الراقية المتميزة، كما هو الحال في دبي وغيرها من الإمارات، فقد اخترتها مكاناً لمشروعي، سعياً وراء تحقيق نوع من الانفتاح والتميز فيها”. تسترسل خلود “المقهى الذي أطمح إلى تخصيصه للنساء ليس كغيره من المقاهي؛ لأنه بمثابة مركز تعليمي ترفيهي تقدم فيه المحاضرات والندوات والمعارض، بالإضافة إلى خدمات “الإنترنت” والسينما، وغيرها من خدمات المشروبات الباردة والساخنة والوجبات الخفيفة المميزة، على أن تقدم خدمات المقهى بأسعار في متناول الجميع وبمواصفات عالية الجودة”. البعد عن الذكور تفيد خلود بأن اختيار المكان الذي سيفتتح فيه المقهى في غاية الأهمية، وأنه عامل قوي من عوامل نجاح المقهى أو فشله، لذا اختارت لمقهى “قهوة كافيه”، أن يكون في وسط السوق وبعيد في نفس الوقت عن صالونات الحلاقة أو الأندية الخاصة بالذكور وغيرها من البؤر الذكورية البحتة، ولأن النساء يحببن الأسواق ويقصدنها بكثرة، فسيجدن في المقهى ملاذا آمنا يرتحن فيه ويتقابلن مع صديقاتهن ويتحاورن ويتضاحكن في جو ملؤه الراحة والطمأنينة، فلا عيون تراقبهن ولا تعليقات تخدش أنوثتهن من قبل الرجال، على حد تعبير خلود. وركزت خلود على ضرورة أن يتمتع المقهى بديكورات خاصة ومميزة عن المقاهي الأخرى، فرقيها وجمالها له دور في جذب النساء لارتياد هذا المكان دون غيره. أجواء مناسبة لقد استقصت خلود آراء رجال ونساء حول مدى قبولهم للفكرة وتجاوبهم معها، حيث تقول: “سألت صديقاتي عن قبولهن للفكرة ومدى ترددهن عن المقهى حين افتتاحه، فتحمسن لها على أساس أن أهاليهن يرفضون أن يزرن صديقاتهن في البيوت بداعي الخوف عليهن، أو لبعد أماكن سكنهن، لكنهم سيوافقون على مقابلتهن في المقهى الذي سيوفر لهن جوا مناسبا للمذاكرة، خصوصا مع خدمات “الإنترنت” المتوفرة هناك، وسألت كذلك عددا من قريباتي المتزوجات حول ترددهن على المقهى في حال افتتاحه، فأشرن إلى أن أزواجهن يمنعونهن من الذهاب إلى “المولات” والأسواق في حال غيابهم للعمل في أبوظبي خوفا عليهن من المعاكسات وغيرها، فسألن أزواجهن عن مدى السماح لهن بارتياد المقهى حال غيابهم، فأجابوا بالموافقة والرضى عن ذلك”. وتؤكد خلود أن هذا المقهى سيكون بمثابة ملتقى ثقافي أيضاً لاجتماع وتعارف سيدات من مختلف الجنسيات والثقافات، وسيساعد الكثيرات على التعرف على المرأة الإماراتية عن قرب. صفقات تجارية من جهته، يعتبر حسن محمد( 28 عاماً) فكرة إنشاء المقهى صعبة التحقيق، وغير مضمونة النجاح، مشيرا إلى أنه في سنوات مضت، تم افتتاح مقهى للسيدات في العين، ولكنه أغلق نظرا لعدم إقبال السيدات عليه، ولا يدري سبب ذلك!! يقول حسن: “هذه الفكرة جميلة، وقد تجد رواجا أو إقبالا أكثر من قبل سيدات الأعمال اللواتي يلجأن إلى استئجار صالة في فندق ما وبتكاليف باهظة، بينما يمكنهن عقد أي اجتماع داخل هذا المقهى، لبحث صفقات تجارية وغيرها عبر استغلال إحدى طاولاته المزودة بكمبيوترات و”إنترنت”، وغيرها مما هو متوافر من خدمات داخل المقهى وبالأسعار نفسها التي تدفعها الأخريات”. فوبيا المغلق أما أم أحمد( 53 عاماً) فتبدي رأياً محايداً حيال فكرة المقهى النسائي، حيث لم تتقبلها ولم ترفضها، لأنها ليست من هواة المقهى بصورة عامة، وعندما سألناها، هل ستسمح لبناتها بالذهاب إلى المقهى لمقابلة صديقاتهن، أجابت: “لا لن أوافقهن على ذلك، لأنني أخاف عليهن من الأماكن المغلقة، حتى لو كانت متحفظة، ولكن سأوافق لو كان الأمر في المقاهي المفتوحة، بغض النظر عن كونها مختلطة أو لا، فنحن هنا في الإمارات نشعر بخصوصية كل فرد، وبوجود خطوط حمراء لا يتجاوزها أحد، على عكس ما نشعر به في بلادنا، فهناك لو جلست مجموعة من السيدات في مقهى ستطالهن النظرات والتعليقات وغيرها”!! هذا رأي أم أحمد، أماَّ ابنتها ميرنا عدنان (19 عاماً) فتعبر عن رأيها، مشيرة إلى عدم تقبلها لفكرة المقهى النسائي، لأنه من وجهة نظرها لن يحمل اختلافاً عن المقاهي المختلطة التي تجلس فيها مع صديقاتها وأسرتها بكل أريحية وتستمتع بقضاء وقت جميل معهم. المكان الآمن بدوره، يتمنى عبيد الدرمكي، 22 عاماً، وجود مقهى للسيدات يقضين فيه وقتاً مسلياً بعيداً عن ضغوطات العمل وأعباء البيت والأولاد ويتواصلن به مع قريباتهن وصديقاتهن. يقول عبيد: “عندما تذهب المرأة إلى المقهى بعد أن يوصلها زوجها، أو حتى تذهب بمفردها لمقابلة صديقاتها وقريباتها، سيطمئن عليها زوجها أنها في مكان آمن، يخلو من النظرات والتعليقات والمعاكسات الذكورية السيئة. لو كنت متزوجا لسمحت لزوجتي بالذهاب إلى مقهى السيدات دون تردد”. ويتفق رأي إيمان الحوسني، 22 عاماً، مع رأي عبيد في نجاح فكرة مقهى السيدات، حيث تقول: “نحن فعلا بحاجة إلى مقهى خاص بنا نتحدث فيه بأريحية، ونتضاحك بصوت مرتفع دون أن نحسب حساب أحد، ويسهل على المتحجبات أو المتنقبات تناول المشروبات والوجبات الخفيفة دون عناء، كما أن المقهى سيساعدني كطالبة جامعية في مذاكرة دروسي بهدوء في وقت يعج بيتنا بالأقارب وغيرهم”. في حين أنَّ وجدان المومني، 36 عاماً، لم تتحمس لفكرة مقهى السيدات، على اعتبار أننا نعيش في مجتمع يعتبر الانفتاح السمة السائدة فيه، ومن وجهة نظرها تتمتع الأماكن المفتوحة بانضباط أخلاقي أكثر من الأماكن المغلقة. البعد القانوني من جانبه، يوضح المحامي والمستشار القانوني أحمد بشير ما يتطلبه وجود مقاهٍ للسيدات قانونيا، حيث يقول: “من خلال دائرة التنمية الاقتصادية، يفترض أن هناك لوائح خاصة لتنظيم عمل هذه المقاهي، أما من الناحية القانونية والتجارية فلا مانع من وجود مقاه للسيدات، ويمنح لذلك رخصة تجارية، مع ضبط هذا النشاط بضوابط وقيود محددة تصدر عن جهات الاختصاص، مثل: اختيار الموقع المناسب للمقهى، وجود خدمة نسائية فقط، وعدم وجود كاميرات تصوير، بالإضافة إلى التقيد بسن محدد لا تقل عن 18 سنة، ووجود رقابة على “الإنترنت” والخدمات المقدمة في المقهى، هذه النقاط الأساسية التي تشترط للموافقة قانونيا على وجود مقهى للسيدات فقط”. ويضيف بشير: “من وجهة نظري الشخصية، هذه الضوابط يجب أن تراعى، مع وجود متابعة وتفتيش ورقابة مستمرة من الجهات المختصة، وأعتقد أن نجاح مثل هذه المقاهي سيكون أكبر، لو كان ضمن مجمعات السيدات كالمراكز الخاصة بالتجميل والأندية والجامعات وغيرها، التي تنفرد بها عادة السيدات، كما يفضل أن تكون هذه المقاهي في وسط الأسواق لضمان نجاحها تجاريا، وتقبلها مجتمعيا، فقد تواجه كثيرا من الرفض من قبل الأهالي خوفا على بناتهم من صحبة السوء وغيرها. هذا المشروع الجديد القديم الذي انتشر بصورة ضئيلة جدا في بعض الدول العربية مثل مصر والأردن والسعودية وغيرها، ولم ينل الرضا والقبول الاجتماعي التام، ولا يزال محل دراسة وبحث. أما صاحبة الفكرة الطالبة خلود الحسيتي، التي تقدمت بدراسة عميقة لهذا المشروع استحقت عليها الفوز بالمركز الثالث في جائزة مركز التفوق للأبحاث التطبيقية والتدريب (سيرت)، بالتعاون مع كلية وارتن لإدارة الاعمال بجامعة بنسلفانيا، فتتمنى أن تجد الجهات الداعمة لهذا المشروع، الذي تعتبره حلما تتمنى تحقيقه بنجاح.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©