الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التضخم الآسيوي··· وداعاً للواردات الرخيصة

التضخم الآسيوي··· وداعاً للواردات الرخيصة
10 ابريل 2008 01:32
مرحلة جديدة وصعبة تنتظر المستهلكين في الولايات المتحدة، فإذا كان الأميركيون قد درجوا طوال جيلين على استيراد السلع المنتَجة بكلفة رخيصة من بعض البلدان حيث الأجور متدنية - كاليابان وكوريا الجنوبية في البداية، ثم الصين، واليوم بلدان أخرى مثل فيتنام والهند- فإن ارتفاع التضخم في البلدان النامية، ولاسيما في آسيا، بات يهدد هذه التسوية، ليس فقط داخل الصين، حيث تسبب ارتفاع أسعار الطاقة وكلفة العمل منذ فترة في غلاء صادراتها إلى الولايات المتحدة، وإنما أيضاً في البلدان التي يمكن أن تكون بديلة للصين من حيث انخفاض الكلفة· وضمن هذا الإطار، يقول ''جونغ وا لي''، رئيس مكتب الاندماج الاقتصادي الإقليمي التابع للبنك الآسيوي للتنمية:''إن التضخم هو التهديد الرئيسي بالنسبة للبلدان الآسيوية''· والواقع أنه يشكل تهديداً بالنسبة للمستهلكين الغربيين أيضاً نظراً لأن المُصدرين الآسيويين، حتى في البلدان الفقيرة جداً، يمررون ارتفاع كلفة إنتاج سلعهم إلى الزبائن· فصحيح أن البلدان النامية مرت من فترات تضخم من قبل، بعضها يصعب نسيانه، مثل التضخم الذي عرفته البرازيل أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، بيد أن ثمة شيئين يجعلان هذه المرة مختلفة عن سابقاتها، ويَعدان بارتفاع أسعار السلع في أسواق ''وولمارت'' والمتاجر داخل الولايات المتحدة في وقت يخيم فيه شبح الركود على البلاد· الأول أنَّ البلدان النامية تُنتج اليوم نصف كل الواردات الأميركية تقريبا، والثاني أن التضخم لدى هذه البلدان يَحدث في وقت يعرف فيه العديد من عملاتها ارتفاعاً مقابل الدولار الأميركي· وهو ما يجعل المستهلكين الأميركيين أمام مشكلة حقيقية، ذلك أنهم يدفعون للمنتجين بعضاً على الأقل من الكلفة المرتفعة لصنع بضائعهم، إضافة إلى الأسعار المرتفعة أصلاً، لأن الدولار بات يُشترى بمعدلات أقل في هذه البلدان· ويشتكي رجال الأعمال الآسيويون من أنهم لا يملكون خياراً بخصوص ارتفاع الكلفة، حيث يقول ''لي· هواي فو''، مدير المبيعات في شركة ''كوانج فينه سيراميك'' بشمال فيتنام:''إنها أوقات عصيبة تمر منها التجارة هنا''· وقد رفعت هذه الشركة مؤخراً الأسعار التي تدفعها لها شركة ''باير 1 إيمبورتس'' في الولايات المتحدة بعشرة في المئة عن المزهريات المصبوغة يدوياً، نظراً لارتفاع كلفة العمل بثلاثين في المئة هذا العام· وبصفة عامة، ارتفعت الأسعار في فيتنام، التي تعد إحدى أسرع وجهات الاستثمارات الصناعية نمواً وأيضاً من أسرع مصادر الواردات الأميركية نمواً، بـ19,4 في المئة من مارس 2007 إلى مارس ·2008 وفي الصين، تستعد شركة ''فوشان شوندي أغسطس إيكويبمنت ليميتيد'' بمدينة فوشان لرفع أسعار سلسلة من تجهيزات ولوازم الحمامات التي تُصدر إلى أميركا الشمالية بنسبة 10 في المئة· ويقول ''فاي كونج''، المسؤول عن التجارة الدولية في الشركة:''إن ارتفاع التضخم بات أسلوب حياة في الصين هذه الأيام، فأينما وليت وجهك، يمكنك أن تراه''· وتعرف كلفة الواردات الأميركية من البلدان الأقل تصنيعاً ارتفاعاً إجمالا· فإذا كان مؤشر ''مكتب إحصائيات العمل'' لمتوسط أسعار الواردات من السلع المصنعة في مثل هذه البلدان قد تراجع تدريجياً إلى غاية أوائل ،2004 فإنه اليوم في نمو سريع، حيث ارتفع بـ5,6 % خلال فبراير المنصرم مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي· وهو ما يساهم في ارتفاع التضخم داخل الولايات المتحدة، إذ يفيد ''مؤشر سعر المستهلك'' الحكومي بأن أسعار السلع المعروضة للبيع في الولايات المتحدة ارتفعت خلال الأشهر الاثني عشر التي سبقت فبراير المنصرم بـ4 %· ومع ذلك، فإن المُصدرين الآسيويين لم يمرروا حتى الآن سوى جزء من كلفتهم· ففي الصين، على سبيل المثال، ترتفع الأسعار اليوم بقرابة 9 في المئة سنوياً، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف وتيرة العام الماضي· وأمام هذا الارتفاع في الأسعار، يتوجه العمال في البلدان النامية بشكل متزايد الى تنظيم المظاهرات والمطالبة بالزيادة في الأجور، حيث اندلعت احتجاجات مؤخراً في فيتنام وكمبوديا ومصر· في هذه الأثناء، يواصل التضخم ارتفاعه، حيث أعلنت الفلبين أن تضخمها على صعيد المستهلك تضاعف خلال الأشهر الخمسة الماضية، مسجلاً ارتفاعا بنسبة 6,4 % في مارس المنصرم مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي· كما ارتفع التضخم الأسبوعي على مستوى البيع بالجملة في الهند، حيث بلغ المعدل السنوي 7% خلال الأسبوع الذي انتهى في الثاني والعشرين من فبراير،2008 مقارنة مع 3,1% في أكتوبر المنصرم· ولئن كان مستبعداً بالأمس القريب فقط أن يرى بلد فقير يعاني التضخم عملته تتقوى من حيث قيمتها مقابل الدولار القوي، فإن الدولار لم يعد قوياً مثلما كان ذات مرة، إذ تسبب العجز التجاري الكبير ومشاكل أخرى في إضعافه والتقليل من جاذبيته· بل إن ثمة مؤشرات على إمكانية أن يزداد الدولار تراجعا في حال توقفت البنوك المركزية في البلدان النامية عن دعمه، وبخاصة في آسيا· ومما يذكر في هذا السياق أن بنك فيتنام المركزي اضطر إلى أن يأمر البنوك التجارية في البلاد أواخر الشهر الماضي باستئناف شراء الدولار داخل النطاق الضيق لمعدلات سعر الصرف الذي تحدده الحكومة· وكانت بنوك عديدة قبل ذلك قد بدأت تراهن على تراجع قيمة الدولار وترفض قبول مبالغ كبيرة بالدولار، إلى درجة أن الشركات متعددة الجنسيات والمصدرين واجهوا مشاكل في إرسال الأموال إلى البلد لدفع أجور موظفيهم· كيث برادشر- فيتنام ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©