السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

2010... عام التحديات الأميركية

9 يناير 2010 00:10
على مدى أيام عطلة أعياد الميلاد السابقة، انهمكت في قضية ذكرتني كثيراً بمدى التراجع الذي تشهده القوة الأميركية في العالم حتى في ظل تنامي الأخطار الخارجية وتفاقم التهديدات المحدقة بمصالح الولايات المتحدة وأمنها القومي، والأمر يتعلق بسائقي العراقي، سلام، الذي افتُقد لعدة شهور دون أن نعرف عنه شيئاً فقط لاكتشف مؤخراً أنه يقبع في السجن فحاولت إخراجه من هناك بشتى السبل بعدما عرفت الأسباب التي دفعته إلى ذلك المصير. فقد كان ،سلام، مخبراً يعمل لصالح الجيش الأميركي، ويقوم بإطلاعه على مخابئ الميلشيات الشيعية التي عاثت فساداً وروعت الأحياء السُنية في العام 2007 التي كان يقطن سلام في أحدها، لكن عندما سلم الجنود الأميركيون المسؤولية الأمنية للقوات العراقية استغل بعض المتضررين الواقع الجديد ووظفوا علاقاتهم القبلية والمذهبية داخل الحكومة للانتقام من المتعاونين مع القوات الأميركية، وهكذا انتهى الأمر بسلام داخل السجن ولم يعد بمقدور قواتنا مساعدته رغم الخدمات الجليلة التي قدمها لتلك القوات. والحقيقة أني لن استطرد كثيراً في الحديث عن قصة سلام لأني سأعود إليها لاحقاً لكن مشكلته تسلط الضوء على صورة أشمل من انكماش النفوذ الأميركي في العديد من المناطق بعد تسع سنوات من الحرب في العراق وأفغانستان، ولمزيد من التعرف على مدى استيعابنا للحقائق الجديدة دعونا نلقي نظرة على العام 2010؛ ففي العراق تعتزم الولايات المتحدة سحب جميع قواتها المقاتلة من البلاد بحلول شهر أغسطس من السنة الجارية، فيما ستعمل على سحب جميع القوات المقاتلة منها وغير المقاتلة في العام 2011. والمشكلة أنه رغم تراجع أعمال العنف في بلاد الرافدين على نحو ملحوظ مقارنة بما كان عليه الحال في بداية الحرب، فإن السيارات المفخخة مازالت تقتل العراقيين، كما أن الوضع السياسي في أسوأ حالاته والفساد مستوطن في دواليب الدولة. والمثير للقلق أكثر هي تلك التصريحات التي يهمس بها بعض العراقيين كلما اتصلت بأحدهم، إذ يكاد يجمعون على أن العراق عائد لا محالة إلى الانقلابات، ما أن يخرج آخر جندي أميركي من البلاد بعدما سئم العراقيون من الفساد المستشري وتهافت الطبقة السياسية، لذا ستكون سنة 2010 فرصة لرؤية ما إذا كانت النخبة السياسية العراقية قادرة على التدخل في الوقت المناسب لإصلاح ما يمكن إصلاحه أم أنها ستستمر على حالها، أي تمزقها الصراعات السياسية، ليجد العراق نفسه في قبضة حكم أوتوقراطي لا علاقة له بالولايات المتحدة. وبعيداً عن العراق تبرز باكستان وأفغانستان باعتبارهما بؤرة أخرى ملتهبة تتواجد فيها القوات الأميركية، فللوهلة الأولى اعتقدت أن خطة الزيادة في عدد القوات التي أقرها أوباما في أفغانستان ستساهم في لجم عمليات "طالبان" التي تنامت في الآونة الأخيرة، وأنها كفيلة بإقناع بعض قادة "طالبان" من المعتدلين والأقل تشدداً بتغيير صفوفهم والانضمام إلى المجهود الأميركي وتمهيد الطريق لاتفاق متفاوض عليه ينهي الأزمة السياسية والأمنية في أفغانستان. لكن التطورات التي شهدها الأسبوع الماضي من العام 2010، تؤكد الصعوبات التي ستواجهها الولايات المتحدة على مدى السنة الجارية، فقد أظهر التفجير الانتحاري الذي نفذه العميل المزدوج في "خوست" وقتل فيه سبعة من عناصر الاستخبارات الأميركية قدرات "القاعدة" على اختراق الأمن الأميركي، هذا ناهيك عما يثيره تجمع رجال المخابرات بهذا الشكل وفي مكان واحد والسماح لعميل بدخول القاعدة دون تفتيش من تساؤلات. وكرد فعل على هذا الهجوم الدامي على القاعدة الأميركية والضربة القوية التي تكبدتها وكالة الاستخبارات الأميركية هناك من يعتقد أن الولايات المتحدة ستسعى للانتقام من خلال تكثيف عملياتها الجوية واستخدام الطائرات والصواريخ الموجهة لضرب عناصر "القاعدة"، لكن الإمعان في هذا الأسلوب سيترتب عليه تداعيات سياسية غير مرغوبة. لكن بالإضافة إلى العراق وأفغانستان وجارتها باكستان برزت مؤخراً منطقة تهدد بأن تصبح نقطة ساخنة أخرى على الأجندة الأميركية متمثلة في اليمن، وهو ما عبر عنه مسؤول أميركي في اليمن نقل عنه السيناتور "جو ليبرمان " قوله "لقد كان العراق حرب الأمس، وأفغانستان هي حرب اليوم وإذا لم نتصرف بحكمة ونستبق الأمور فإن اليمن قد يصبح الحرب التالية، وهو الخطر الذي نواجهه حاليا". هذا التصريح يلخص الوضع المضطرب الذي تعيشه اليمن واستغلال "القاعدة" لظروفه الهشة لزعزعة استقراره وضرب المصالح الأميركية، وهو ما أكدته المحاولة الفاشلة التي قام بها "عمر فاروق عبد المطلب" ضد طائرة أميركية وأشارت التحقيقات إلى أنه تلقى تدريبات على أيدي تنظيم "القاعدة" في اليمن، لكن ونحن نحارب العناصر المتشددة علينا توخي الحذر في اليمن وعدم الزج بقواتنا مباشرة لأن ذلك من شأنه تأليب القبائل اليمنية وحشدها ضدنا، وهو ما حذرت منه "باربرا بودين"، السفيرة الأميركية السابقة لدى اليمن في تصريح لصحيفة "تورونتو ستار" الكندية، قائلة "إذا دخلنا اليمن وأصبحت الحرب حربنا، فإننا سنحول الصراع فجأة إلى حرب ضدنا وسنخسرها". محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©