الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من مدونة فيصل أبو كويك http://fisal.ab kweik.blog nited.org

23 مارس 2010 20:57
في برنامج THE DOCTOR الذي يبث مترجما للعربية على قناة MBC4 عرض البرنامج حالة لطفلة عمرها 15 عاما حاملاً من صديقها، فسألها المذيع ماذا ستفعلين إذا وضعت طفلك ومن أين ستطعمينه وتلبسينه، خصوصا أن والد الطفل الذي هو صديقك قد “تخلى عنه” .. فأجابته بقولها أنها ستغسل الصحون بأحد مطاعم الوجبات السريعة نظير أجر يومي لتتمكن من إعالة طفلها. أما مروان فليس تلك الفتاة الأميركية الحامل، التي ستعمل بتلك الوظيفة المضمونة فور وضعها لمولودها وعلى وجه السرعة، خصوصا أنه حصل على وظيفة موزع صحيفة إعلانية بـ “واسطة” قوية للغاية. وهو أيضا ليس كحال معظم الغربيين الذين تتوفر لديهم وظائف كمغسل صحون أو نادل بأجر يومي، فالوظائف كحالة المناخ حول العالم، ففي الولايات المتحدة تتوفر تلك الوظيفة، و بالإمارات تتوفر أكثر وظيفة يعمل بها الشباب الجامعي وهي مندوب مبيعات بالدرجة الأولى أو موزع صحف أو موظف استعلامات، وغير ذلك قد شذ عن القاعدة وحقق طفرة. سهرة صبّاحي كانت الساعة الحادية عشر مساء، عندما اندلع صوت نغمة (ton ton) عبر هاتفي ليكون على الطرف الآخر من المكالمة صديقي مروان يدعوني إلى سهرة صباحية خلتها للتسكع و”دق السوالف”، فاتضحت أنها جولة تبدأ من الساعة الواحدة صباحا إلى السادسة صباحا أيضا، لتوزيع صحيفة إعلانية يعمل لحسابها فوافقت طلبه على الفور، ليمر علي بالموعد المحدد إلى منطقة توزيع الصحيفة، والتي اكتظت بسيارات الموزعين، التي تأخر توزيعها ساعتين لتأخر شاحنة المطبعة، ليستلم الشاب الأردني مروان حمولته الساعة الثالثة، ليملأ بها المقاعد الخلفية للسيارة، والتي تفوح منها رائحة نفاذة أصابتني بالغثيان، خصوصا أنها خرجت من المطبعة لتوها. وانطلق مروان على الفور إلى الموقع المزمع لحرق الكمية المستلمة به، والتي تقدر بـ 600 نسخة، ولا يفهم من مفردة حرق، إضرام النار بها، إنما هو التخلص من النسخ وتوزيعها بأسرع وقت قبل طلوع الشمس. طفح كيلي كنت بالسيارة ذات الزجاج الملون استمع للقرآن بصوت الشيخ مشاري العفاسي مثبتا مجموعة من الأكياس البلاستيكية، ذات المقبض بغيار السيارة، أضع كل صحيفة داخل كيس وأرميها بالخلف، بينما كان مروان يأخذ النسخ التي غلفتها ليبدأ بتوزيعها على المباني حسب الجدول الموكل إليه. كان مروان يعود بعد 20 دقيقة تقريبا من كل بناية ليتسلم النسخ المغلفة ويوزعها، إلى أن شعرت بالإرهاق، فاقترحت عليه أن أشاركه التوزيع على الشقق، خصوصا أنه قد طفح كيلي من تغليف النسخ. مروان والمراقب مع حلول وقت صلاة الفجر و تأدية فريضتها بالمسجد المجاور وانجلاء الليل، كانت المقاعد الخلفية ما زالت تكـــتظ بأكثر من 300 نسخة لم توزع، مما جعل منظرها مخيفا، خصـوصا أن مروان قال لي أنه لأول مرة يتبقى معه هذا العدد المهول إلى هذه الساعة من الصباح، خصوصا أن مسؤول الصحيفة شدد على توزيعها بذلك الوقت المحدد، مما جعله يصب جام غضبه علي لبطئي بالتوزيع والتغلـيف، لأنه حسب ما ذكر أن صديقه الذي كان يؤدي هذه المهمة كان سريعا، لكنه قد سافر وأنا بديل عنه. مراقبو توزيع الصحيفة كانوا هاجس مروان الأهم. فقد أكد له مسؤول مكتب توزيع الصحيفة توزيعها وفق الجدول، و تثبيتها على مقبض باب كل شقة، وإن لم يتقيد بذلك فقد يخسر جزءا من أجرته، وبينما مروان يحمل عشر نسخ وبينما هو يستعد لصعود إحدى البنايات لتوزيع تلك النسخ، ناداه أحد الأشخاص طالبا منه نسخة وســرعان ما غير ذلك الشخص رأيه طالبا عشر نسخ، فقام مروان بإعطائه كل ما يحمل من نسخ، فقام الرجل بإرجاع النسخ، كاشفا عن شخصيته عندما قال إنه مراقب موزعي الصحيفة، وعنف مروان لإعطائه إياه أكثر من نسخة، وقال له بلهجة سورية مطعمة بلكنة أهالي السـويداء التي يغلب عليها حدة حرفي القاف والألف: “مين قلك تعطي الشخص الواحد عشر نسخ، نحنا إكراما لألو بنعطي نسخة وحدة بس”، في إشارة إلى أنه سيكتب فيه تقريراً ساخناً. انتهاء يوم ومع حلول الساعة الثامنة صباحا ووجود أعداد غير موزعة لا يستهان بها، كانت هنالك بنايات قد ابتلعت معظم تلك النسخ التي كانت تشوه مقاعد السيارة الخلفية بمائة نسخة وزعناها على مئة شقة و 75 ووزعناها على أخرى، وسرعان ما نفذت النسخ معلنة انتهاء يوم من أصل أربعة طوال الشهر هي أيام توزيع الصحيفة. مروان شاب أردني كغيره من الشباب العرب الذين يقيمون بدولة الإمارات، وهو شاب يدرس الهندسة الكهربائية بجامعة عجمان للعلوم والتكلونوجيا، وجد تلك الوظيفة بذلك الأجر حتى يوفر له مصروفاً.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©