الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عيّن خير

عيّن خير
23 مارس 2010 21:09
الزنزانة الكبيرة المشكلة عزيزي الدكتور: سأبدأ حكايتي من البداية؛ لعلني أستطيع أن أصور مشكلتي كما أعيشها، فإنني الابنة الكبرى لأسرة متوسطة الحال، ولديّ شقيقتان أخريان غيري، وشقيقان آخران، وقد حصلت على مؤهل فوق المتوسط منذ عامين، ولم أعمل، في حين لا يزال أشقائي في مراحل التعليم الجامعي والثانوي، ووصلت من العمر إلى حافة العقد الثالث، ووجدت نفسي أواجه شبح العنوسة، رغم أنني على قدر جيد من الجمال، وأسرتي تتمتع بسمعة طيبة، ومما لا شك فيه أنني سأكون عقبة أمام شقيقتي الأخريين، وكثيراً ما أخذت هذه المشكلة حيزاً كبيراً من تفكيري، وراحة بالي. منذ عام ونصف العام تقريباً، تقدم إليّ رجل حسبته طيباً، في منتصف العقد الخامس من عمره، أظهر ورعه، وتدينه، واستقامته، وصدقه، وحلاوة اللسان، والطيبة، وكل ما يمكن أن يتصف به شخص دمث الخلق، فضلاً عن مقدرته المالية، وامتلاكه عددا من العقارات، والشركات، وقدم نفسه على أنه متزوج من أخرى، ويعاني من كثير من المشاكل معها، وأن ما يربطه بها أولاده الثلاثة، وإلا لانفصل عنها منذ سنوات.المهم.. أنني لا أعرف كيف وافقت أسرتي، وكيف وافقت أنا، فكان حديثه أشبه بالمنوم المغناطيسي، ووجدت نفسي أهرب من شبح العنوسة بالموافقة وتم الزواج. غمرني هذا المخادع بحبه، وحنانه، وحلاوة لسانه، ولا أعرف كيف وقعت تحت تأثيره، وتنازلت عن كامل حقوقي ومؤخر صداقي الذي كنت أودعه أحد البنوك عندما اختلق قصة وهمية، مفادها أنه في حاجة إلى مبلغ كبير من المال لـ”تمشية” أموره لعجز سيولته النقدية، ووقعت له شيكاً لصرف كل ما لديّ بالبنك في “غمضة عين” تحت تأثير الآمال، والوعود، والحديث المعسول المزين بآيات القرآن والأحاديث النبوية، والحكم والروايات التي يجيد توظيفها واللعب بها. لم تمض أيام قليلة، حتى ظهر زوجي المخادع على وجهه الثاني تماماً، من سوء اللسان، وسلاطته، وسوء المعاملة، والبخل، والإهمال، وعدم الاحترام، بل والتحقير والتأنيب والإهانة، واكتشفت أن على ذمته ثلاث زوجات غيري، وأنني الزوجة السابعة له، فقد طلق ثلاث زوجات أخريات، وما إن عرف أنني حامل، حتى انفجر مثل البركان، وضربني بقسوة، وطلب أن أجهض نفسي، وقال إنه لن ينفق على المولود، وطردني من البيت، وأكد أنني لن أعود إليه ثانية إلا بعد أن أتخلص من الجنين. أجد نفسي، وقد تخلصت من سجن هذا الكاذب المخادع، الذي حول حياتي إلى زنزانة كبيرة، وقهر وعذاب، وندم، حائرة لا أعرف كيف أتصرف، هل أعود إليه، وما مصير الجنين الذي أحمله، حيث إنني على وشك الولادة، لقد أحسست بطعم الحياة، والحرية بعيداً عنه، وبعيداً عن كذبه، وخداعه وغشه، وأشعر بأن حياتي معه مستحيلة، حتى أنني لا أشعر بالندم على ضياع حقوقي منه أمام صعوبة التعامل مع هذا المخادع الكبير. ن. س النصيحة إنني أتوقف في البداية أمام أمر يتكرر كل يوم، حيث تفرط كثير من الزوجات في كامل حقوقهن المشروعة بمجرد أن تسمع جانباً من الاسطوانات المشروخة التي يجيدها كثير من الرجال، وتتنازل بسرعة عن جميع مستحقاتها أمام الكلمات المعسولة. وفي حالتك هذه، كان ينبغي أن تتوقفي كثيراً، لاسيما أن الفارق الزمني بينكما كبير، وفترة الخطوبة لم تكن كافية لدراسة كل منكما للآخر، فأنت في البداية تسرعت خوفاً من اعتبارات فوات قطار الزواج، وانبهرت، أو خدعت فيه، وتسرعت ثانياً في تنازلك عن جميع مدخراتك، ونحن لن نخوض فيما فات، فلن يفيد، ولكن لنستنبط الدروس. من الواضح أنك كنت أمام مخادع كبير، ومحتال متمرس، ومحترف، وله خبرة طويلة بعالم النساء، ويعرف جيداً كيف الإيقاع بضحاياه، وواضح أيضاًَ صعوبة إمكانية العودة إلى بيت الزوجية والعيش في كنف هذا الكاذب المحتال، وقد انحاز لكراهيتك له، وإن كانت هذه الحقيقة، فهو شخص لا يؤتمن، ولا يؤمن جانبه. أما طلبه بأن تجهضي نفسك، فهذا إكراه على ارتكاب الحرام، والمعصية، وأحذرك من عاقبته، وأظن أنك لو فعلت، لن يتغير فيه شيئ، فهو يريد التخلص من الالتزامات والحقوق المترتبة على ولادة طفل جديد، إنه شخص أراد المتعة فقط دون المسؤوليات، ونصيحتي لك أن تستفيدي من أخطائك السابقة معه، ولا تنساقي إلى وعوده، أو تخشين تهديداته بارتكاب فعل محرم قطعاً، وتحملي شيئاً من النتائج غير المحسوبة، إنه قدرك، ونصيبك، وحظك العاثر، ولكن لا تترددي في إثبات نسب طفلك، والمطالبة الشرعية بحقوقه من نفقة، وحاولي أن تستجمعي كل ما لديك من فطنة، وصبر، وإصرار على نيل حقوقك كاملة، وحقوق ولدك عن طريق المحاكم الشرعية، ولعله يعود إلى رشده، أو يرزقه الله سبحانه وتعالى الهداية، ويقبل أن تعودي إليه بعد الولادة، وإن أصر على موقفه، فليس هناك من سبيل سوى أن تواجهي حياتك، وهذا قدرك، مع أطيب تمنياتنا لك بالتوفيق. الابن العاق المشكلة عزيزي الدكتور: مشكلتي باختصار تتلخص في كوني رجلاً مسناً، أبلغ من العمر سبعين عاماً، وزوجتي تقارب هذا العمر، ولديّ ابنتان متزوجتان، وثالث لهما يبلغ من العمر أربعين عاماً تقريباً، ومشكلتنا معه، أنه عندما كان في العشرينات من العمر بعد الانتهاء من دراسته الجامعية طلب أن يتزوج، وأن نساعده في ذلك، وفي هذا الوقت لم يكن بوسعنا ذلك، وهو يعرف ذلك جيداً، وبعد أن أعاننا الله في زواج شقيقتيه، وتحسنت الأحوال المادية، واستطعنا ترتيب أمورنا، اشتريت له بيتاً جيداً، وعرضت عليه المساعدة والوقوف إلى جانبه حتى يتزوج ويبدأ حياته، إلا أنه كان يرفض ويثور ويغضب ويقول إنه لن يتزوج وأن مشروع زواجه لا يدخل في حساباته نهائياً، بل لا يتورع أو يخجل من أن يعلن بغضه وكراهيته لنا أنا ووالدته، بل ويوجه في كثير من الأحيان شتائمه، وسبابه، وكلماته القاسية إلينا، ويحملنا سبب تأخيره في الزواج، وما هو فيه من غم ونكد وكدر، بل يتبجح أمامنا ويقول إنه سيكون سعيداً عندما نفارق هذه الدنيا ونتركه لحاله. إنني ووالدته، رغم قسوة ما نسمع، وما نرى منه، وبقدر غضبنا الظاهر، غير قادرين على عدم الرضا عليه من قلبينا، فإنه في النهاية ولدنا. ونشعر أحياناً بشيء من المسؤولية رغم أننا لم نقصر تجاهه، في تربيته وتعليمه، ولم تكن لنا يد في قلة حيلتنا عندما رغب في الزواج وفشلنا معه. رغم تدخل كثير من الأقارب والأهل، ولم يعد يطيق رؤيتنا، ولا يمكث في البيت إلا عند النوم، أو يبقى منعزلاً في غرفته، فماذا نفعل معه. مطر حسين النصيحة يا والدي.. مثل هذا الابن، وهو في هذا العمر، لا يستحق منك كل هذا الزعل والنكد والهم الذي يثقل كاهلك. إنني أقدر أبوتك، وقلبك كأب، لكن اذا كان هذا الابن العاق والجامعي” بكل أسف”، وهو في العقد الرابع من عمره لا يعرف معنى الأبوة واحترامها، وواجبه نحوكما، فلا يستحق كل هذا الاهتمام. قلت.. إنه كان، ولا يزال يدرك أن ظروف الأسرة وقتها لم تكن تسمح لكما بمساعدته في الزواج، فقد يكون لايزال يبكي على حبيبة القلب التي افتقدها إلى الأبد، وقد كان ينتظر أن تضطر إلى أن تسرق أو تختلس أو ترتكب جريمة ما، أو أن تستجدي له وقتها لكي يهنأ هو بحبيبة القلب. لقد فعلت ما في وسعك كأب، وإذا كنت قد حاولت معه، فهذا خير منك، ومثل هذا النموذج من الأبناء لا يعود إلى رشده، إلا أن يهديه الله بفضله وهدايته، أو يصيبه مكروه ليستنبط منه العظة والدروس، والحكمة. دعه في شأنه، وادع له بالهداية، واحتسب أجرك عند الله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©