الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ادريس علي بدأ مع جوركي في المطبخ ووصل لتراث العبيد

ادريس علي بدأ مع جوركي في المطبخ ووصل لتراث العبيد
10 ابريل 2008 01:53
الكتاب الاول في حياة الروائي المصري المعروف ادريس علي له قصة، بطلها ليس الكتاب نفسه وإنما الظروف والملابسات التي أوقعته فيه ليغير حياته رأسا على عقب، فبدلا من حياة الخدم والطباخين والبوابين التي كانت مصيرا متوقعا لإنسان في ظروف ادريس علي· أصبح من أبرز أبناء جيله وأهم كتاب النوبة على الاطلاق· وقال: كنت في الحادية عشرة من عمري، وكنت قادما أو هاربا من فقر جبال النوبة وبؤسها، وبوساطة كريمة من أحد الاقرباء الذين سبقوني للقاهرة عملت مساعد طباخ، لدى أسرة قبطية ميسورة الحال، وكانت السيدة ''الهانم'' تعطف عليّ كثيرا، وأدهشني في شخصيتها أنها كانت تقرأ كثيرا في السر، وتترقب حتى يخلو البيت إلا منها ومني وتنهمك في القراءة لدرجة أنها لم تكن تشعر بما يدور حولها، وكانت لديها مكتبة ضخمة، فهمت فيما بعد أنها يسارية، وأيامها كنت اتابعها بإعجاب وشغف، وأتعجب من قدرة هذه الكتب على فصلها عن العالم، وذات يوم نامت وتركت الكتاب الذي كانت تقرأه مفتوحا على مائدة الطعام، فتسللت اليه وأخذته للمطبخ حيث مكان نومي المعتاد ولكني لم أنم حتى أنهيته، وهو كتاب ''طفولتي'' لماكسيم جوركي، وأكثر ما شدني اليه انني أحسست بأنه يكتب عني وعن نفس حياة البؤس والشقاء والجوع التي كنت أعيشها وهي تجربة لم يمر بها إلا قلة من كتاب العالم، عالم زبالة المجتمع، قاع القاع· وفي الصباح جاءت ''الهانم'' وفوجئت بأني قرأته وسألتني عما أعجبني فيه، فقلت ''انه يكتب عني'' وأضفت الجملة التي أدخلتي عالم الأدب والرواية ''وعايز اكتب زيه''، فازداد اهتمامها بي، ومدتني بدرر الادب الروسي، وخلال شهرين قرأت معظم الروايات الروسية الشهيرة خصوصا أعمال جوركي وديستيوفسكي ''الجريمة والعقاب'' و''الأم'' وغيرهما، وما فتنني فيها هو اهتمامها وبراعتها في وصف عالم الفقر والفقراء، وظللت فترة أظن ان الادباء الروس فقط هم الذين يكتبون عن هذا العالم وأن الادباء العرب لا يقتربون منه، حتى مدتني ''الهانم'' برواية ''بداية ونهاية'' لنجيب محفوظ! الكتاب الأخير في قراءات إدريس علي مختلف نسبيا وإن كان لم يبتعد كثيرا عن اهتماماته وهو ''تراث العبيد في حكم مصر المعاصرة'' الصادر عن مؤسسة ''الاهرام'' بالقاهرة، وهو حسب وصفه كتاب خطير جدا لدرجة ان مؤلفه لم يعلن اسمه على غلافه وفي متنه واكتفى باسم رمزي هو ''ع· ع'' خوفا من الملاحقات القضائية وربما الاعتداء عليه شخصيا بسبب ان الكتاب يبحث في أصول عائلات مصرية معروفة ومرموقة في الوقت الحالي ويرجعها الى مماليك جُلبوا من آسيا الصغرى وشرق أوروبا وبيعوا في مصر كعبيد أبان دولة المماليك، غير ان اهمية الكتاب بالنسبة لادريس علي ترجع إلى أنه حل له لغز حيره كثيرا· وقال: كنت حائرا في أخلاق القاهريين وأبناء المدن عموما وشعورنا نحن الريفيين بالاغتراب والخوف بينهم، وأيضا كنت ابحث عن سبب لما يشاع عن مجتمعات المدن من انتهازية ونفاق وكذب· وكتاب ''تراث العبيد في حكم مصر'' أجاب باستفاضة واقتدار، وأرجعه الى تراث العبيد، والى تحصن المماليك بالقاهرة والمدن المصرية عموما وبالتالي لوثوها بسلوكياتهم التي ترجع الى تراثهم الطويل في العبودية والقهر!!
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©