الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين وحدود الضغط على كوريا الشمالية

الصين وحدود الضغط على كوريا الشمالية
15 فبراير 2013 22:57
قبل إجراء كوريا الشمالية لاختبارها النووي الثالث خلال الأسبوع الجاري، الذي أثار استهجان العالم وإدانته، كانت بكين قد بذلت جهوداً كبيرة لإقناع بيونج يانج بعدم الإقدام على هذه الخطوة الاستفزازية، لأن من شأنها رفع درجة التصعيد والشد والجذب في المنطقة والعالم، بل إنها حذرت النظام الكوري الشمالي بشكل صريح من أنه لو مضى قدماً في إجراء تلك التجربة النووية فإنه «سيدفع الثمن باهظاً». ولكن بعد التجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية، وضربها عرض الحائط بكل النصائح والتحذيرات الصينية، سارعت بكين، التي تعتبر الحليف الأوثق لبيونج يانج وراعيها الأساسي، إلى استدعاء السفير الكوري الشمالي ببكين للتعبير له عن احتجاجها وعدم رضاها عن الخطوة الاستفزازية التي أقدمت عليها حكومته، والتي من شأنها أن تزيد التجاذب بين كوريا الشمالية والعالم تعقيداً على تعقيده الأصلي المزمن. وقد انضمت بكين بلا تردد إلى المنددين بالتجربة الكورية الشمالية، وعبرت عن إدانتها لتلك الخطوة في اجتماع مجلس الأمن الدولي الطارئ الذي عقد خصيصاً لمناقشة هذا التصعيد المستجد في تجاذب بيونج يانج مع المجتمع الدولي. كما كان لافتاً أيضاً أن الصين لم تتحفظ في إبداء استهجانها، والانضمام إلى باقي الدول الغربية في إدانة الخطوة الكورية الشمالية. ولأن الدعم الصيني التقليدي لكوريا الشمالية كان دائماً هو السبب الذي يحول دون تراجع بيونج يانج عن برنامجها النووي، على رغم العقوبات الدولية والمحاولات الدبلوماسية المستمرة، تساءل البعض عما إذا كانت الصين قد بدأت تراجع مواقفها في اتجاه تبني أسلوب أكثر حزماً في التعاطي مع البرنامج النووي الكوري الشمالي. ولكن أغلب المراقبين لا يتوقعون أن تساير الصين الإجماع الدولي فيما يتعلق بفرض عقوبات اقتصادية جديدة على كوريا الشمالية، وذلك في الوقت الذي يستعد فيه مجلس الأمن لتصعيد حدة العقوبات، إذ من المتوقع أن تبدي بكين تحفظها وترفض الانجرار إلى فرض المزيد من العقوبات على كوريا الشمالية، وهو ما يعبر عنه «شين سانج- جين»، أستاذ الدراسات الصينية بجامعة «كوانجوون» بسيئول، قائلاً: «عندما يناقش مجلس الأمن الدولي العقوبات الجديدة على بيونج يانج فإن الصين ستدعمها علناً، إلا أنها ستسعى لإضعافها أثناء المفاوضات». ويضيف «شين» أن الصينيين «سيواصلون تقديم مساعدات لكوريا الشمالية والتعامل التجاري معها، فهي دولة مهمة استراتيجياً بالنسبة للصين، ولذا ستواصل استخدام نفوذها والحفاظ عليه في شبه الجزيرة الكورية». والحقيقة أن استنتاج هذا الخبير في الشؤون الصينية ينطوي على قدر كبير من الوجاهة بالنظر إلى العلاقة الوثيقة التقليدية بين الصين وكوريا الشمالية، إذ على رغم التوتر الطارئ بسبب هذه التجربة النووية الثالثة التي أجريت مؤخراً، تبقى كوريا الشمالية مهمة بالنسبة للصين لما تلعبه من دور حيوي باعتبارها منطقة عازلة تحمي الصين من التواجد الأميركي في كوريا الجنوبية وتجعلها بعيدة عن التدخلات الأميركية. هذا بالإضافة إلى الاستغلال الصيني المكثف للموارد الطبيعية والمعادن النادرة التي تزخر بها كوريا الشمالية. ولكن على رغم التوتر في العلاقات بين الكوريتين تصر سيئول التي تترأس الدورة الحالية لرئاسة مجلس الأمن الدولي على محاولة إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن أسلحتها النووية والاندماج في المنظومة الدولية كدولة تحترم القانون الدولي. وهذا الأمر أكده بوضوح، المتحدث باسم وزارة التوحيد في سيئول «كيم هيونج-سونك»، قائلًا «إن كوريا الجنوبية ستستمر في بذل كل الجهود لإقناع الجارة الشمالية بتغيير سلوكها والتخلي عن برنامجها الذي يعود عمره إلى عشرين عاماً». وكانت الرئيسة الجديدة لكوريا الجنوبية، «بارك جوين-هاي» قد تعهدت في حملتها الانتخابية بإعادة إطلاق الجهود الدبلوماسية مع كوريا الشمالية بعد توقفها لسنوات في ظل تشدد سلفها في التعامل مع بيونج يانج، وإن كان المناخ السياسي الحالي الذي يحيط بالبلدين في ظل التجربة النووية الأخيرة لن يساعدها كثيراً في التعامل الدبلوماسي مع كوريا الشمالية، ولاسيما أنها هي أيضاً تستعد للتنصيب الرسمي في 25 فبراير الجاري. كما أن الجهود السابقة التي بذلتها الإدارات الكورية الجنوبية المتلاحقة لم تنجح حتى الآن في إثمار نتائج إيجابية. وأكثر من ذلك أنه ما لم تغير الصين جوهرياً من مواقفها، بدل الاكتفاء بالإدانة اللفظية، فإن الاستمرار في نفس النهج التقليدي الذي سلكه المجتمع الدولي في الضغط على كوريا الشمالية عن طريق العقوبات والعزلة الدبلوماسية، لن يفضي إلى أي تقدم في حل مشكلة الملف النووي الكوري الشمالي. ويؤكد ذلك أستاذ الدراسات الكورية بجامعة «تافتس» الأميركية، «سون-يون لي» قائلًا «من وجهة نظر قادة كوريا الشمالية لا توجد ضغوط حقيقية تقنعهم بالتخلي عن برنامجهم النووي، لأنهم طيلة الستين سنة الماضية لم يُجبروا أبداً على دفع الثمن». وقد حذرت كوريا الشمالية عقب الإدانات الدولية والتهديد بفرض عقوبات جديدة أنها ستتعامل مع أي عقوبات على أنها «إعلان حرب»، ما يعني عليها من أنها ربما تلجأ إلى إطلاق صاروخ باليستي، كما في المرات السابقة، أو تفجر مادة نووية جديدة! وفي الوقت الذي تواصل فيه كوريا الشمالية تطوير قدراتها النووية في تصنيع مواد أخف يمكن تحميلها على الصواريخ وإطلاقها لمسافات بعيدة قد يلجأ المجتمع الدولي إلى تكثيف العقوبات المالية وسد جميع المنافذ على نظام بيونج يانج لإجراء الصفقات وتمويل البرنامج النووي مثل تجميد أصولها في البنوك التي تتعامل مع الولايات المتحدة، وهو أمر شبيه بما حدث في عام 2007 عندما أمرت أميركا بقطع الشركات الأميركية الصلات مع بنك في ماكاو يتعامل مع النظام الكوري الشمالي والذي كان يغسل أموال تابعة للنظام قُدرت وقتها بحوالي 25 مليون دولار، بحيث قطع البنك علاقته مع النظام متسبباً في إغلاق أحد منافذ التمويل المهمة بالنسبة لبيونج يانج. وإذا ما انضمت أعداد أكبر من المؤسسات المالية إلى العقوبات فقد تجد كوريا الشمالية نفسها عاجزة عن إجراء الصفقات الضرورية لتمويل برنامجها النووي. ولكن في حال تطبيق هذه الإجراءات المشددة يتوقع المراقبون أن يتصاعد الدعم الصيني الذي لن يسمح بانهيار كوريا الشمالية مالياً، وهو ما يعبر عنه «كيم هونكوان»، الباحث في معهد «آسان للدراسات السياسية» قائلاً «تحتاج كوريا الشمالية والصين إلى بعضهما بعضاً استجابة للمصالح القومية ولأهداف استراتيجية، ولاسيما بالنسبة للنظام في بيونج يانج الذي يعني الدعم الصيني له الكثير في ظل الضغوط المتنامية والعقوبات المتصاعدة على البلاد». هذا ولا يبدو أن كوريا الشمالية مستعدة لإبداء أية مرونة في تعاملها مع القوى الدولية في ظل ما أوردته وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية نقلاً عن موقع متخصص في الشؤون الكورية الشمالية من رصد تقدم ملحوظ في بناء منشآت عسكرية جديدة، والزيادة بشكل عام في النشاط بموقع «موسودان- ري» الكوري الشمالي لإطلاق الصواريخ، معتبرة أن ذلك قد يكون مؤشراً على أن الدولة الشيوعية قد تطلق صاروخاً آخر في أعقاب تجربتها النووية الثالثة التي أجريت يوم الثلاثاء الماضي. ستيفين بورويك كوريا الجنوبية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©