الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محاور شاغلة لمنهجية الرواية في الإمارات

محاور شاغلة لمنهجية الرواية في الإمارات
5 مارس 2018 01:28
نوف الموسى (دبي) قدرية التقاطع بين الواقع والرواية، تشبه إلى حد قريب التناص اللحظي للحياة، أثناء خلق اللحظة، وربما قبلها أو بعدها أو ربما تكون اللحظة خُلقت، ومن الممكن أنها ستخلق، أما في الحد البعيد للتقاطع بين الواقع والرواية فيُسلم أحياناً إلى العشوائيات المركبة، التي تقدم نفسها كخيارات وفضاء من الحرية، الذي يحتاج احتكاماً واعياً لأنظمة وجودية عالية الدقة. فمثلاً يجتمع الروائيون صالحة عبيد ومحمد الحبسي ونادية النجار، ضمن جلسة مهرجان طيران الإمارات للآداب، ويختارون أبعادهم الروائية في مناقشة ودية صريحة، بحثت فيها صالحة عبيد عن «التحولات» والسؤال عن المكان بين اليابس والساحل، بينما سعى محمد الحبسي إلى استنطاق الحجر في سفوح الجبال، مهدداً إياه بالكشف عن سر ما يسميه أهل الجبل بـ«الدروب»، واختارت نادية النجار أن تتخذ من كارثة سفينة دارا المشهورة بـ«تيتانيك الخليج»، لاكتشاف صراع الناجية الرضيعة، التي رعتها عائلة إماراتية مع متاهات الهوية: هل أنا نخلة من هنا أم شجرة صفصاف من هناك؟! المثير ما يولده الاجتماع القدري للروائيين في لحظة صافية تتقاطع أقدار حكاياتهم أنفسها أمام الحضور، في تلك اللحظة تحديداً، تتجلى الرمزية كإسقاط في غاية العبثية المنسجمة في روح الانعكاسات المرتبطة بتساؤلات الروائيين وحوارهم عما يمكن وصفه بأبعاد «تاريخ الرواية الإماراتية» عنوان الجلسة، وما يمكن أن تثيره في التراتيب الفكرية الأكثر واقعية! المتغير في المفاهيم المجتمعية، ووحدة القيم وتحولاتها، من أهم المحاور الضخمة الشاغلة لمنهجية الرواية في الإمارات، عندما تضع صالحة عبيد شخصية الغواص، في روايتها الجديدة، بين أيدي الناس، ويرون كم المعاناة في البعد غير المرئي للمهنة، الموسومة باحترام دائم، فهي بطبيعة الحال تُخرج الشخصية من العباءة المتخيلة في الواقع، إلى الفعل الطبيعي في الحياة الروائية، والمهمة الأبدية للقارئ بشكل رئيسي هي ممارسة متعة التجرد عبر الرواية، والتنازل عن الحقيقة المطلقة أو إطلاق الشكل الواحد لكل شيء، فهناك تعددية وتناقض ساحر في كل تكوين فردي وإنساني. نفترض أن تجربة الخطيئة مع المتغير في المفاهيم، تتيح خياراً جديداً في فهم الإنسان لذاته، فالخطيئة بطبيعتها المرنة، قادرة على إعادة شكل تأويلها إلى فضيلة، والعكس كذلك، وقوة الرواية في قدرتها على الغور نحو إسقاط الفضيلة والخطيئة معاً، وإمكانية تفريغ الفضاءات من الفكرة ومعناها، لإتاحة ولادة إنسانية جديدة، فالأخير برز في الفلسفة الجمالية التي استثمرتها نادية النجار عبر روايتها «ثلاثية الدال»، وبحثها عن الناجين من غرق السفينة دارا، ووصفها لمشاعر الفاجعة وقتها، متوصلة في رحلتها الروائية إلى أن الناس أينما كانوا وحلوا فإن استجابتهم للكوارث متشابهة، يعيشون حالات الرجاء والخوف والبقاء، وسؤالها عن الهوية والبحث عن الجذور: هل نحن ما نولد عليه أم ما نتربى عليه؟ فتح إنساني يثري موجة التحول البديع للفكر، فالفاجعة مثلها مثل الخطيئة، عتبة لتحول اللانهائي، دون رجعة إلى سابق عهد الإنسان بنفسه. لماذا الجبل؟ في سؤال إبراهيم خادم مدير الجلسة للروائي محمد الحبسي، جعله يؤكد أن روايته «كوخ الشيطان»، لم تكن يوماً عملاً لتأريخ، ولكنها أقرب إلى التراث. قرابة الـ30 عاماً قضاها بالقرب من بيئة صلده، أفرزت مفرداتها الخاصة، تحتاج منه إلى إبرازها وتجسيد عاداتها وتقاليدها وتفاصيل أهلها وعلاقتهم بالنباتات والحيوانات الساكنة في أعالي الجبال. انتاب محمد الحبسي الخوف في بداية كتابته للرواية، حيث يرى أن رجل الجبل، شخصية تذهب لصعود الجبل، للوصول إلى القمة، بأمتعته وزاده، أمانة يود إيصالها إلى المجتمع الإماراتي، ويقربه من المشهد الإنساني الذي يمثل جزءاً من نسيج حياته اليومية، ومتداخل جذرياً في فضاءات التغير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©