الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروبا وأميركا: استكمال «اتفاقية التجارة»

15 فبراير 2013 22:58
في الوقت الذي يبدأ فيه أوباما ولايته الثانية تبدو اللحظة مناسبة كي تعمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على نحو أوثق وينسقا مواقفهما حول عدد من القضايا الحيوية ذات الاهتمام المشترك سواء تعلق الأمر بالقضايا المطروحة على الأجندة الداخلية، أو الخارجية المرتبطة بالعلاقات الدولية. ولعل السبيل الأمثل لتعزيز العلاقات بين ضفتي الأطلسي ودعمها أكثر هو من خلال استكمال اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولاسيما في ظل التقارب الكبير الحاصل مع إدارة أوباما الذي أعلن في خطابه حول «حالة الاتحاد» في الأسبوع الماضي عن إطلاق مباحثات مباشرة بين الجانبين لبلوغ هدف التوقيع النهائي على الاتفاقية. وهذه التصريحات المشجعة التي تضمنها خطاب أوباما أتبعها رئيس المفوضية الأوروبية، خوسي مانويل باروسو، بكلمات لا تقل تشجيعاً، عندما أيد بشدة ومنح دعمه الكامل لاستكمال المباحثات بين الطرفين، قائلًا «إن صفقة مستقبلية بين أهم اقتصادين على الصعيد العالمي ستغير العديد من الأمور ويكون لها تأثير بالغ على مجمل الاقتصاد العالمي، حيث سيعطي ذلك دفعة قوية للاقتصاد على ساحلي الأطلسي». وإزالة الرسوم الجمركية العنيدة، أو العوائق الأخرى غير الجمركية التي تعيق التجارة الحرة بين الجانبين وتضع أمامها عدداً من الحواجز تمنع تدفق الاستثمارات، بالإضافة إلى تنسيق إطاراتنا التنظيمية مع احترام كامل لاختلافاتنا، من شأن ذلك تعزيز النمو الاقتصادي وخلق المزيد من فرص العمل التي يحتاجها شبابنا. ولا ننسى أن العلاقات الاقتصادية القائمة بين الطرفين ما زلت تعتبر الأهم على مستوى العالم بحصة تصل إلى حوالي نصف إجمالي الناتج العالمي، كما تمثل ثلث التجارة العالمية، هذا علاوة على ما تشكله كل من أوروبا وأميركا لبعضهما بعضاً من سوق تجارية كبيرة تستوعب بضائع الطرفين. ووفقاً للتقديرات يمكن لاتفاقية توقع بين الطرفين تقضي بإزالة الرسوم الجمركية بينهما وباقي الحواجز القائمة أن تعزز النمو الاقتصادي لكل منهما، وهو ما يعني خلق المزيد من الوظائف على جانبي الأطلسي. وكما أشار إلى ذلك أوباما في خطابه خلال الأسبوع الماضي «فإن التجارة الحرة والعادلة على ضفتي الأطلسي تدعم خلق الوظائف ذات الرواتب الجيدة». ونحن اليوم في حاجة ماسة إلى اتفاق للتجارة الحرة بين أوروبا وأميركا تساعد في كفاحنا المستمر للخروج من الأزمة المالية واستكمال عملية التعافي الاقتصادي، فضلاً عن مواجهة المنافسة المتنامية التي يبديها عدد من الاقتصادات الناشئة حول العالم. ولاشك أن الوقت الآن مناسب لمد يد التعاون إلى بعضنا بعضاً عبر جانبي المحيط الأطلسي واستعادة العافية الاقتصادية لنا والعالم. كما أن العمل على إقرار اتفاقية للتجارة الحرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيكرس قدرة القوتين على التعامل الفعال مع باقي مناطق العالم والحفاظ على النفوذ الاقتصادي الغربي بصفة عامة. والتوقيع على الاتفاقية سيبعث برسالة قوية إلى باقي العالم عن قدرة الغرب على قيادة الاقتصاد وصياغة أجندته بما ينسجم مع قيم الديمقراطية والحرية التي يقتسمها الطرفان. ومعركة تعزيز مبادئ وممارسات الديمقراطية المنفتحة في العالم، كما تفسرها أوروبا والولايات المتحدة، لم تنته بعد في ظل الجاذبية التي ما زالت تمارسها نماذج أخرى حول العالم مثل الصين وغيرها من الدول التي تجمع بين الليبرالية الاقتصادية والدولة السلطوية، ولذا فإن من شأن فتح باب التجارة على مصراعيه بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن يخدم ليس فقط المصالح الاقتصادية للطرفين، بل أيضاً القيم الديمقراطية وتكريسها كأدوات لبلوغ النجاح. ويمكن لاتفاقية من هذا النوع أن تسهم في إزالة الحواجز الجمركية، وفي مواءمة المعايير التنظيمية والفنية للمنتجات وهو ما سيدعم الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2 في المئة؛ هذا وتمتلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالفعل علاقات تجارية ضخمة بقيمة 2,7 مليار دولار يومياً من السلع والخدمات، ولكن منذ نوفمبر عام 2011، انطلقت جدياً عملية تعميق العلاقات وسط المنافسة العالمية المتزايدة خاصة من الصين، حيث تشير تقديرات المفوضية الأوروبية إلى أن الشراكة التجارية عبر الأطلسي قد تصل قيمتها نحو 275 مليار يورو سنوياً وستؤدي إلى خلق نحو مليوني فرصة عمل جديدة. ومع أن الحواجز الجمركية بين الجانبين منخفضة بالفعل، إذ لا تتجاوز نسبة 3 في المئة في معظم الحالات، إلا أن بعض القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة والتصنيع تحظى بدعم مالي كبير على جانبي المحيط الأطلسي؛ ويُتوقع أيضاً أن يسهر مسؤولو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على تنظيم وتنسيق المعايير التقنية تمهيداً للتوقيع على الاتفاقية. وفي حين تتواصل المفاوضات ببن الاتحاد الأوروبي والولايات لاستكمال اتفاقية التجارة الحرة وقعت أوروبا عدداً من الاتفاقات في هذا الخصوص مع سنغافورة في ديسمبر الماضي، مع احتمال التوصل إلى اتفاق آخر مع كندا في وقت قريب، كما يُنتظر أيضاً أن تنطلق المفاوضات مع اليابان في طوكيو خلال شهر أبريل المقبل، وهو ما يعني أن الاتحاد الأوروبي يعقد صفقات تجارية مهمة مع اثنين من أكبر الاقتصادات في العالم؛ وقد جاءت هذه الاتفاقيات الثنائية إثر توقف المحادثات التجارية على المستوى المتعدد الأطراف بعد انهيار جولة الدوحة من مفاوضات منظمة التجارة العالمية في عام 2005. جواو فالي دي ألميدا سفير الاتحاد الأوروبي لدى الولايات المتحدة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©