الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كراتشي: صراع البشتون و«المهاجرين»

كراتشي: صراع البشتون و«المهاجرين»
9 مايو 2009 01:13
تصطف مجموعة من الشاحنات أمام سكن العمال الممتد على جانب الطريق السريع الذي يخترق مدينة كراتشي الساحلية متجهاً إلى الشمال عبر الأراضي الباكستانية، تلك البيوت والآليات تستخدمها جماعة البشتون العرقية التي بدأت أعدادها في التزايد بالمدينة، بل أصبحت، حسب "حيدر عباس رضوي"، معقلاً آخر من معاقل "طالبان". ويتابع "رضوي"، عضو البرلمان عن "الحركة القومية المتحدة" ذات الميول العلمانية، قائلاً: "لا أستطيع دخول المنطقة، وحتى الشرطة وقوات الأمن الأخرى تجد صعوبة في دخولها، وأعتقد أن الصيف القادم سيكون ساخناً؛ لأن المعركة قد لا تقتصر على شمال باكستان، بل ربما تنتقل إلى كراتشي". ورغم أن "طالبان" تنشط أساساً في المناطق الشمالية الغربية من باكستان وتحارب الجيش هناك، يحذر قادة الحركة القومية المتحدة في هذه المدينة الجنوبية من إمكانية تحول العاصمة المالية للبلاد ومينائها الرئيسي، إلى ساحة أخرى للمعارك بين الحكومة والمسلحين. وهم يستندون في هذه التحذيرات إلى المذكرات الداخلية للشرطة في المدينة، فضلاً عن تقارير الصحافة التي تشير إلى تجذر "طالبان" في المدينة بعدما اتخذها بعض قادتها ملاذاً آمناً ومكاناً لجمع الأموال، لا سيما في ظل تدفق اللاجئين البشتون من مناطق باكستان المضطربة، مما يتيح فرصة أخرى لتجنيد عناصر جديدة تحارب الحكومة. لكن من جهة ثانية، يتحفظ بعض المحللين على التحذيرات التي تطلقها "الحركة القومية المتحدة" في المدينة باعتبارها خطاباً يخفي في ثناياه صراعاً إثنياً مزمناً في كراتشي، ومع ذلك لا يمكن تجاهل المخاوف التي تغذيها الانقسامات الإثنية ودورها في انتشار الجريمة المنظمة وفسح المجال أمام "طالبان" لاستغلال الوضع وتعطيل النشاط التجاري المهم على بحر العرب الذي تنتفع منه المدينة وباقي باكستان. وفي هذا الإطار، يقول "أحمد رشيد"، مؤلف كتاب "الانحدار إلى الفوضى"، إنه "إذا أرادت (طالبان) زعزعة الاستقرار في كراتشي، فأول ما ستقوم به هو تأجيج الصراعات العرقية، وبذلك يمكنهم السيطرة بالكامل على كراتشي". ولسنوات، شهدت كراتشي أعمال عنف عرقية بين البشتون وجماعة "المهاجرين" التي تسيطر حالياً على المدينة، ففي الأسبوع الماضي فقط تسبب العنف في سقوط ثلاثين شخصاً، لذا يرى "أحمد رشيد" وغيره من المحللين أن ما تحذر منه الحركة القومية المتحدة ليس جديداً في كراتشي، لكنهم في الوقت نفسه يتخوفون من انضمام طلبة المدارس الدينية في المدينة إلى المعارك ونزولهم إلى الشارع، موضحاً ذلك بقوله: "تمتلئ المدارس بعناصر (طالبان)، ولحد الآن لم تصدر الأوامر للطلبة بالنزول إلى الشارع والسيطرة على المدينة، وهو ما يمكنهم القيام به بسهولة". وتخفيفاً من حدة المخاوف المرتبطة بزحف "طالبان" على كراتشي، يشير بعض المحللين إلى أن المدارس الدينية تضم عرقيات مختلفة، وأن العديد من الطلبة البشتون لا علاقة لهم بـ"طالبان". ويرجع استقرار البشتون البالغ عددهم 3.5 مليون نسمة في مدينة كراتشي ذات الـ18 مليون ساكن، إلى ثمانينات القرن الماضي، وهم في أغلبهم عمال يدويون وسائقو شاحنات ينقلون البضائع من الميناء إلى باقي أنحاء البلاد، بما في ذلك المواد التموينية التي تحتاجها قوات "الناتو" في أفغانستان. وقد بدأت تتدفق أعداد متزايدة من البشتون على كراتشي بسبب المعارك المندلعة في وادي سوات والمناطق المجاورة، بحيث يتوقع وصول نصف مليون مدني إضافي من الوادي بعد القرار الحكومي الأخير بإخلاء المناطق المضطربة وقيام السلطات يوم الأربعاء الماضي بقصف مواقع "طالبان" في الوادي، مما أدى إلى مقتل 35 مسلحاً في سوات و27 آخر بمنطقة "بونير" القريبة، فيما لقي أربعة جنود مصرعهم أثناء المعارك. ولم يتمكن القادمون الجدد من البشتون إلى المدينة من الاندماج بسهولة بسبب المناخ العرقي المتوتر. وبدلاً من ذلك، اندلع صراع حول ملكية الأراضي ومناطق الاستقرار الجديدة بين البشتون والعصابات المحلية. وفي هذا السياق، يتهم البشتون "الحركة القومية المتحدة" بالوقوف ضدهم، لا سيما أنها تمثل مصالح جماعة "المهاجرين" الناطقة باللغة الأوردية، والتي فرت من الهند إثر تقسيم شبه القارة في عام 1947. وعن هذا الاتهام يقول "يحيى خان"، أحد السائقين البشتون: "لقد أمضت الحركة القومية المتحدة سنوات وهي تطاردنا في أراضينا ووظائفنا داخل المدينة، واليوم يحاولون إخافة الآخرين منا". ويقر بعض المحللين، مثل "رياض أحمد"، أحد أعضاء جماعة "المهاجرين" والزعيم المحلي "لاشتراكيي باكستان الدوليين"، بأن الحركة القومية المتحدة والحكومة معاً "تستهدفان البشتون باسم (طالبان)". هذا الرأي ينفيه بشدة "مصطفى كمال"، عمدة كراتشي، الذي ينكر وجود أي استغلال لخطر "طالبان" لإذكاء صراع عرقي في المدينة، مؤكداً أن 90? من المبلغ المالي المرصود لتطوير البنية التحتية في المدينة خلال السنوات الأخيرة، والبالغ 2.5 مليار دولار، انتهى في جيوب البشتون. لكنه يضيف في الوقت نفسه أنه "لا يمكن انتظار وقوع الكارثة"، مطالباً الشرطة والسكان بالعمل معاً لاجتثاث "طالبان"، موضحاً: "لست أنا من يقول إن (طالبان) موجودة في المدينة، بل الجميع يقول ذلك". وللتدليل عن كلامه يخرج مجموعة من قصاصات الجرائد التي تتحدث عن اعتقال أكثر من 74 مسلحاً ينتمون إلى "طالبان" أو "القاعدة" أو باقي الجماعات الإسلامية المتشددة. لكن قائد الشرطة في المدينة، "عرفان بهادور"، يقلل من شأن مخاوف العمدة قائلاً: "ليس صحيحاً أن المسلحين اخترقوا المنطقة، فالناس يعتقدون أن جميع اللاجئين الذين جاؤوا من المناطق القبلية ينتمون إلى (طالبان)، والحال أن أغلبهم قرويون بسطاء لديهم عائلات في كراتشي وأتوا هنا بحثاً عن المساعدة والعمل". ورغم اندلاع أعمال العنف العرقي مؤخراً، يؤكد قائد الشرطة أنه "لا وجود لعناصر دخيلـة في المدينة وبأن الأمور لم تتغير عما كانت عليه في السابق". بين أرنولدي وهوما يوسف - كراتشي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©