الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إصلاح قوانين الهجرة... سجال أميركي متصاعد

إصلاح قوانين الهجرة... سجال أميركي متصاعد
9 مايو 2009 01:14
"إصلاح قانون الهجرة"! قد تعتقد أنك رأيت هذا الفيلم من قبل مرات كثيرة. ثم إنك تعرف الحجج، وتخشى الانقسام، وتشك في أن يكون الكونجرس الحالي أفضل من سابقيه بما يجعله قادراً على تقديم التنازلات اللازمة لإصلاح النظام. ولكن مع إحياء البيت الأبيض في عهد أوباما للنقاش حول الهجرة، ربما يجدر بالمتشككين أن يعيدوا التفكير مرة أخرى. صحيح أن أياً من المشاكل القديمة لم يحل. كما أن الأزمة الاقتصادية وتشديد فرض احترام القانون لم يدفعا المهاجرين غير الشرعيين البالغ عددهم نحو 12 مليوناً إلى مغادرة أميركا؛ لأن احترام القانون ما زال أبعد ما يكون عن الفعالية، سواء على الحدود أو في أماكن العمل. كما أننا حتى في فترة الركود الاقتصادي ما زلنا على ما يبدو في حاجة إلى العمال الأجانب، خاصة في اقتصادات القاع. غير أن أموراً أخرى تغيرت منذ 2006 و2007، وهي آخر مرة دار فيها نقاش محتدم في البلاد حول الهجرة. ذلك أنه على رغم أن المشهد الجديد لا يضمن النجاح -لأن الهجرة ليست موضوعاً سهلًا أبداً، كما أن بعضاً مما تغير قد يجعل تمرير الإصلاح أمراً أكثر صعوبة -إلا أن النقاش سيكون مختلفاً هذه السنة. ولعل أبرز ما يميز المشهد الجديد هو الركود الذي يجعل من الإصلاح أمراً صعباً للوهلة الأولى، ذلك أنه مع استمرار البطالة في الارتفاع، فإن العديد من الأميركيين يشكون في أننا في حاجة إلى عمال أجانب. ثم، ومثلما هي الحال دائماً في الأوقات العصيبة، هناك خطر أن تتحول مشاعر الاستياء الشعبوية إلى كراهية للأجانب، مما يخلق ضغوطاً لإغلاق الحدود بدلًا من صياغة طريقة ما لقدوم المهاجرين إلى الولايات المتحدة والعمل فيها بشكل قانوني. غير أن الركود الاقتصادي حتى الآن لم يُحدث هذا التأثير، حيث يقول الصحفيون والمشغِّلون إن الأميركيين العاطلين عن العمل لا يرغبون على ما يبدو في العمل في المزارع أو الأعمال اليومية، في الوقت الراهن على الأقل. وفي هذه الأثناء، هناك عدد أقل من الأجانب الذين يأتون إلى الولايات المتحدة بحثاً عن عمل: وهم يعلمون أن ثمة وظائف أقل. وتقلص التدفق هذا يبدو أنه يخفف تخوفات الأميركيين شيئاً ما. والمغزى هنا هو أن الركود سيميز بدون شك النقاش حول الهجرة إلى حد ما -ولكن بشكل ربما يكون أقل مما هو متوقع. والواقع أن المشهد السياسي تغير أيضاً؛ ولعل أبرز وأكبر تغير هو السلطة السياسية الجديدة للاتينيين، حيث تفيد التقديرات أن 11 مليون لاتيني تقريباً صوتوا في 2008 مقارنة مع 7.6 مليون في 2004. كما أنهم حولوا أربع ولايات على الأقل من الأحمر (جمهورية) إلى الأزرق (ديمقراطية). كما أن العديد من اللاتين باتوا ينظرون إلى الهجرة باعتبارها مؤشراً، إذ على رغم أنها ليست بالضرورة أولى أولوياتهم، إلا أنها باتت مؤشراً للحكم على السياسيين، بصيغة ربما يعبر عنها السؤال: هل يحب السياسي في دائرتنا الانتخابية الأشخاص الذين يشبهوننا أم لا؟ وقد فهم "الديمقراطيون" هذه الرسالة جيداً، والعديدون يؤيدون إصلاح الهجرة كموضوع يمكن أن يكون مثيراً للانقسام. غير أن هذا الموقف يمكن أن يضر بالإصلاح قدر ما يساعده على اعتبار أن بعض "الديمقراطيين" سيخشون الخروج أمام الناخبين المناوئين للهجرة، كما أن الذين يسعون منهم لاستغلال الهجرة لمصالح حزبية قد يفضلون استمرار الجمود على حل توافقي. وعلاوة على ذلك، فإن جهوداً "ديمقراطية" حزبية يمكن أيضاً أن تشدد المواقف بين "الجمهوريين"، كما أن التعصب الحزبي على كلا الجانبين يمكن أن يؤخر الإصلاح لسنوات عدة مقبلة. ثم إن حججاً جديدة داخل الحركة المطالبة بإصلاح قانون الهجرة ستعقِّد أيضاً النقاش هذه المرة كذلك. فهي اليوم أكبر مما كانت عليه من قبل -جيش أقوى يحارب من أجل الإصلاح- غير أن ذلك يجعل من الصعب في الوقت نفسه اتفاق كل المدافعين على ما يلزم في مشروع القانون المنشود. فالمؤيدون على اليسار لا يقتصرون اليوم على الناخبين اللاتين والنقابات، وإنما يشملون أيضاً جزءاً متزايداً من القاعدة التقدمية لأوباما. هذا بينما في يمين الوسط، بدأ المشغلون الذين يوظفون المهاجرين يجدون الشجاعة لرفع أصواتهم والجهر بحاجتهم إلى العمال الأجانب. ولكن المشكلة لا تكمن فقط في حقيقة أن اليسار واليمين يصوغان حججهم بطرق مختلفة، وإنما أيضاً في حقيقة أنهم يختلفون أيضاً حول المسائل الجوهرية. ومن ذلك مثلاً أن النقابات تتساءل حول ما إن كانت البلاد في حاجة إلى إصلاح يخلق مزيداً من التأشيرات للعمال المهاجرين لدخول البلاد في المستقبل، في حين يقول المشغِّلون الذين يوظفون الأجانب إنهم لا يستطيعون مواصلة مشاريعهم بدونهم. والسؤال بالنسبة للأشهر المقبلة: هل ستفكك الخلافات حركةَ الإصلاح، أم سيجد اليسار واليمين طرقاً للتوافق، مما يوسع قاعدتهما ويوسع قوتهما؟ والسؤال الكبير الآخر هو: ما مدى قوة النشطاء المناوئين للهجرة الذين هيمنوا على النقاش المرة الماضية -وفي مقدمتهم لو دوبز من قناة "سي إن إن" وأتباعه الغاضبون المتعصبون. الواقع، ومثلما تُظهر استطلاعات الرأي، أن هؤلاء المعارضين لا يمثلون سوى شريحة صغيرة نسبياً من الأميركيين -ليس أكثر من 20 إلى 25 في المئة، ولكن لأنهم كانوا أعلى صوتاً وأكثر تنظيماً، تمكنوا من خلق الشكوك حول الإصلاح بين مجموعة أكبر حجماً من الناخبين المتقلبين والمتأرجحين. فهل سيتكرر السيناريو نفسه في 2009؟ ربما، غير أن أموراً كثيرة تغيرت منذ 2006 و2007 لتكون النتيجة مختلفة هذه المرة. تمار جاكوبي نقابية وكاتبة أميركية في شؤون الهجرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©