الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودانيون يتضاعفون

9 مايو 2009 01:14
تضاعف عدد السودانيين أربع مرات منذ أن نالوا استقلالهم الوطني في مطلع عام 1956. هذا ما تشير إليه الأرقام التي عرفت مؤخراً عن نتائج الإحصاء العام الذي أُجري في العام الماضي. إن آخر إحصاء موثوق به أُجري عام 1956، وكانت النتيجة يومذاك هي أن عدد السودانيين هو عشرة ملايين. أما ما عرف عن الإحصاء الأخير، فهو أن الرقم ارتفع إلى 40 مليونًا، وهو رقم من شأنه أن يضع السودان في مرتبة القطر الثاني من حيث عدد السكان في العالم العربي، إذ لن يكون أكثر منه عدداً إلا أهل مصر الذين يقدر تعدادهم بأكثر من 70 مليوناً. إن نتائج الإحصــاء الرسمية لم تعلن بعد، لكن التقرير النهائي رفـــع إلى رئاسة الجمهوريــــة خـــلال الأسبوع الماضي، وكـــان الرقم المشار إليــــه هو ممــــا تسرب حــــول محتويــــات ذلـــك التقريـــــر. وغني عن القول إن الإحصاء السكاني ضرورة لا بد منها لإنجاز كثير من القضايا التي تترتب على تعداد الناس، وعلى رأس ذلك تحديد الدوائر الانتخابية الجغرافية حسب تعداد الناس، ومنها كذلك أن التعداد يمثل المؤشر الرئيسي في قضايا توزيع الثروة والسلطة بين الأقاليم المختلفة. وفي السودان، يكتسب الإحصاء أهمية إضافية على ما هو معروف، أي ضرورة الوقوف على تعداد الجنوبيين الذين سيحق لهم التصويت في تقرير المصير والخيار بين الاستقلال عن الشمال أو الوحدة معه. إن إجراء الإحصاء السكاني والفراغ منه، إنجاز كبير، لا شك في ذلك، لكن الإحصاء الذي تم في السودان شابته نواقص كثيرة؛ منها ما فرضه الواقع، ومنها ما يعد تقصيراً من السلطة التي أشرفت على التعداد. وستظهر الانتقادات والاعتراضات بعد إعلان نتائج الإحصاء رسمياً، وهو ما يتوقع أن يجري خلال هذا الشهر. إن من نواقص الإحصاء الأخير كونه لم يغط أجزاء كبيرة من دارفور، وذلك بسبب الحرب وبسبب اضطرار مئات الآلاف من السكان إلى ترك مناطقهم الأصلية والانتقال للإقامة في معسكرات مؤقتة. وهذا يعني أن أي إجراء يتم في دارفور على ضوء هذا الإحصاء سيكون ناقصاً وغير عادل. ثم إن حرمان ذلك العدد من المواطنين من المشاركة في الانتخابات يعني أنها ستكون ناقصة وغير معبرة عن رأي أهل دارفور. أما حرمان بعض أهل دارفور من المشاركة في العمليات الانتخابية، فإنه يمكن أن يحمل بعضهم على تبني فكرة الانفصال، وهي الفكرة التي لا وجود لها حتى الآن. وفي الجنوب، ليست المشكلة أقل تعقيداً، فعلى رأس الاعتراضات التي يثيرها الجنوبيون حول الإحصاء الأخير كون استمارات التحقيق في هذا الإحصاء لم تشمل السؤال المهم وهو ما إذا كان المواطن جنوبياً أم شمالياً. إن هناك ما يقارب مليون مواطن من أبناء الجنوب أو أكثر يقيمون في الشمال الذي جاؤوه هرباً من الحرب في ديارهم وبحثاً عن الرزق. ولا يوضح الإحصاء حقيقة هؤلاء، وهذه قضية بالغة الأهمية؛ لأن مبدأ قسمة الثروة والسلطة الذي وضعته اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب يعتمد بصورة أساسية على التعداد، وكذلك سيكون أمر الاستفتاء الذي ينبغي أن يكون للجنوبيين وحدهم. وكما قلنا في المقدمة، فإن إنجاز الإحصاء السكاني أمر إيجابي وضرورة لا غني عنها، لكن القلق هو مما سيثار بعد إعلان النتائج، والخوف من أن تكون نتائج الإحصاء مشكلة أخرى تضاف إلى مشاكل السودان. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©