محمد حامد (دبي) - «كارليتو» لا يبتسم ولا ينفعل، متخصص في إخماد الحرائق، يتجنب الصدامات، ولا يفتخر بافتعال المواجهات، والأهم أنه يحترم إدارات الأندية والنجوم الذين يتولى تدريبهم إلى أقصى درجة، إلى حد أن البعض يعتقدون أنه ضعيف الشخصية ينحني أمام توجيهات ورغبات رؤساء الأندية، ويتجنب طوفان الغضب الذي قد يصدر عن مشاهير النجوم، لكنه ليس كذلك، فهو يسعى إلى توفير أفضل أجواء ممكنة للعمل بهدوء وبلا صخب أو صدامات.
كارلو أنشيلوتي المدير الفني للريال بريء من تهمة ضعف الشخصية، والدليل على ذلك ما فعله مع إيكر كاسياس حامي عرين الريال والنجم المتوج على قلوب عشاق الملكي، فقد أصر على جعله احتياطياً في جميع مباريات الليجا، والأهم أنه تعامل بهدوء وبلا صدامات مع هذا الملف الشائك وغيره في قلعة الريال التي لم تعرف الهدوء في عهد سلفه جوزيه مورينيو.
المدرب الإيطالي الذي تولى المسؤولية أواخر يونيو الماضي، يتصدى للمهمة الأصعب على أي مدير فني في تاريخ الريال، حيث يسعى لإعادة الهدوء وجلب البطولات في آن واحد، وتخليص النادي من السمعة السلبية التي تلاحقه، وخاصة في عهود فلورنتينو بيريز، وهي أنه الأكثر إنفاقاً والأكثر صخباً على المستوى الإعلامي والأقل حصداً للبطولات، وبالنظر إلى النتائج التي حققها حتى الآن، وتسجيل الفريق لأكثر من 100 هدف، والفوز في أكثر من 82 % من المباريات، وبقاء الريال منافساً على كافة الجبهات، فقد أصبح الفريق الملكي مرشحاً للفوز بالثلاثية التاريخية مع «كارليتو» وهي دوري الأبطال، والدوري، وكأس الملك.
4 حرائق
رصدت صحيفة «آس» المدريدية أهم المشكلات التي نجح أنشيلوتي في التعامل معها بهدوء داخل قلعة الريال، فمنذ توليه سدة القيادة الفنية، نجح كارليتو في إخماد 4 حرائق، كان أصعبها قرار إبقاء إيكر كاسياس على مقاعد البدلاء، وجعل دييجو لوبيز حارساً أساسياً في الليجا، مع منح الفرصة لكاسياس للظهور في مباريات دوري الأبطال، وترقب الجميع حرباً ممتدة، خاصة أن الجميع في مدريد وقفوا إلى جانب كاسياس حينما قرر مورينيو الإبقاء عليه احتياطياً.
ونجح أنشيلوتي في جعل الجماهير والإعلام في مدريد يتوقفون عن الحديث في هذا الملف المثير للجدل بعد عدة أسابيع، وهو انتصار في حد ذاته للمدرب الإيطالي، أن يفرض قراره على اللاعب الأشهر صاحب الشعبية الأكبر، وهذا أحد أسرار نجاحاته التدريبية، ويكفي أن المدرب الإيطالي المخضرم فابيو كابيلو أكد أن مواطنه أنشيلوتي عثر على الحلقة المفقودة في نادي «المشاكل» ليبدأ العمل في هدوء.
إقناع إيسكو
ثاني المشكلات التي تعامل معها كارليتو بهدوء تتمثل في إقناع إيسكو بالصبر انتظاراً لفرصة أكبر للمشاركة في المباريات، فقد ظهر اللاعب بصورة جيدة في بداية الموسم، عقب قدومه من ملقة مقابل 30 مليون يورو، ولكن الاعتماد عليه تراجع فيما بعد في ظل التخمة التي يعاني منها الريال وكثرة النجوم، وبعد حالة من الغضب المؤقت من أنصار إيسكو جماهيرياً وإعلامياً بدأ الجميع يتعايشون مع الأمر الواقع، واستحالة أن يدفع أنشيلوتي بأكثر من 11 لاعباً في الملعب، كما أن الانتصارات المتتالية تجعل الجميع يلتزمون الصمت، ويتوقفون عن توجيه الانتقادات.
المشكلة الكبرى الثالثة التي واجهها المدرب الإيطالي الذي يلقبونه برجل السلام، تمثلت في الإشارة غير الأخلاقية التي صدرت عن أنخيل دي ماريا لدى استبداله في المرحلة الـ 18 لليجا أمام سلتا فيجو، وهي المباراة التي أقيمت في 6 يناير الماضي، وتسببت إشارة دي ماريا في إثارة حالة من التوتر، وسط مطالبة جماهير النادي برحيله في فترة الانتقالات الماضية، إلا أن «كارليتو» تعامل كعادته بهدوء وحكمة مع المشكلة، ليعود دي ماريا لاعباً أساسياً في صفوف الفريق.
ونجح أنشيلوتي في إرضاء رئيس النادي فلورنتينو بيريز الذي يرى أن كريم بنزيمة يستحق مكاناً دائماً في تشكيلة الريال، كما أنه لم يكن يرغب في تهميش دور جاريث بيل باعتباره اللاعب الأغلى في العالم، ومن ثم نجح المدرب الإيطالي في التقاط الرسالة، وقرر منح بنزيمة وبيل فرصاً جيدة للمشاركة بصفة أساسية في غالبية مباريات النادي، ومن ثم نجح في انتزاع رضا بيريز، لكن ليس على حساب مصلحة الفريق، وبما لا يتنافى مع رؤيته الفنية كمدرب يسعى لتقديم أفضل العروض.
وبعيداً عن الـ 4 حرائق سالفة الذكر، فقد دخل كارليتو قلب نجم الفريق كريستيانو رونالدو الذي يشعر بالارتياح الشديد للتدريب معه، وأشاد كل منهما بالآخر في أكثر من مناسبة، كما يحسب لكارليتو اكتشاف وتقديم جوهرة المستقبل خيسي، والأهم أن مرحلة الغضب التي سيطرت على جماهير النادي عقب التفريط في مسعود أوزيل المنتقل لأرسنال، بدأ الجميع يتجاوزون هذه المرحلة ويحتفلون بانتصارات الريال، ويترقبون تتويجه بالثلاثية التاريخية مع الرجل الهادئ أنشيلوتي.
عدد اليوم
