السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سوتشي» وأعباء الذاكرة!

23 فبراير 2014 00:19
تحاشت الفقرة الفنية حول تاريخ روسيا التي قُدمت خلال حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في سوتشي الانتصارَ السوفييتي في الحرب العالمية الثانية، مما أثار حفيظة عدد من الوطنيين، غير أن موضوع الحرب عاد إلى الواجهة بقوة في روسيا هذه الأيام على ما يبدو. والواقع أن التضحيات التي قدمها الروس خلال الحرب ضد النازيين قبل 70 عاماً كانت كبيرة، ومشاعر الناس هنا ما زالت جياشة لأن كل عائلة تقريباً دفعت ثمناً ما، والحرب تسكن حياة الجميع على نحو قد يجده الأميركيون ذوو الذاكرة القصيرة غريباً. ولكن لتركة الحرب هنا جانباً آخر: ذلك أنه على مدى العقود التي تلت الحرب، سعى الزعماء السوفييت إلى تعزيز شرعيتهم عبر استغلال ذاكرة الكفاح الكبير. واليوم، يبدو أن الحكومة الروسية أخذت تسير في الاتجاه نفسه، حيث يصف كرملين الرئيس فلاديمير بوتين روسيا باعتبارها تتعرض لهجوم إيديولوجي. ويقول إن الغرب يريد فرض منظومة قيم مختلفة ودخيلة على الشعب الروسي. ولكن المنتقدين يقولون إن بوتين إنما يحذر من الشياطين الذين في الخارج كوسيلة لتعزيز موقفه خلال الأوقات العصيبة! وفي هذا السياق، اقترح أليكسي بوشكوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في البرلمان، مشروعَ قانون يجرِّم ما وصفه بسوء تفسير التاريخ الروسي قائلاً إن مثل هذه الخطوة ضرورية لأن «أوروبا» تدفع بأجندة لإعادة الاعتبار للنازية وإن لاتفيا المجاورة أخذت تتحرك في ذلك الاتجاه. وفي المقابل، حذر بوشكوف يوم الجمعة على تويتر من أن الحلفاء الغربيين سيقومون قريباً بنسبة كل الفضل في دحر النازيين إلى أنفسهم -إذا لم تقف لهم روسيا بالمرصاد. وفي هذه الأثناء، استُدعي مراسل «سي إن إن» في موسكو «فيل بلاك» إلى وزارة الخارجية الروسية الأسبوع الماضي بعد أن قامت شبكته التلفزيونية ببث قائمة دولية جريئة لأقبح 10 معالم أثرية في العالم تضمنت معلماً أقيم تخليدا لذكرى المدافعين عن «قاعدة بريست» ضد الهجوم الألماني في 1941. ومع أن ذلك المعلم، الذي دشنه السوفييت عام 1971، يقع في بيلاروسيا في الحقيقة، إلا أن «سي إن إن» قدمت اعتذاراً للسفير الروسي في واشنطن. وفي تعليق له على هذا الموضوع، قال المسؤول عن حقوق الإنسان في وزارة الخارجية، كونستانتين دولجوف، إن روسيا ستستمر في «التصدي بصرامة لمحاولات تزوير التاريخ والتقليل من شأن دور الاتحاد السوفييتي في تحقيق النصر في الحرب العالمية الثانية». وعلى برنامجه التلفزيوني هذا الأسبوع، ألمح دميتري كيسيلوف، الرئيسُ الجديد لوكالة الأنباء الروسية «آر آي إيه نوفوستي» التابعة للدولة، بقوة إلى أن النصب التذكاري لمعركة «آيوا جيما» في آرلينجتون، بولاية فرجينيا، يصوِّر المثليين بين جنود المارينز الأميركيين وهم يقومون بنصب العلم الأميركي. وعلاوة على ذلك، فقدت «دوجد تي في»، وهي قناة تلفزيونية مستقلة تثير حفيظة الكرملين بسبب تغطيتها للاحتجاجات السياسية في روسيا، كل إمكانية لتظل ضمن الباقات التلفزيونية التي تسوقها شركات خدمات «الكابل» التلفزيونية بعد أن تعرضت لهجمات في يناير بسبب طرحها سؤالاً استفزازياً -بل استفزازي جداً على ما يبدو- حيث تساءلت: هل كانت مدينة لينينجراد ستكون أفضل حالاً لو أنها استسلمت، بدلاً من التعرض لحصار طويل دام 900 يوم خلال الحرب؟ والواقع أن الغضب الرسمي الذي أثاره طرح هذا السؤال كان عارماً. ونتيجة لذلك، بات مستقبل «دوجد تي في» في مهب الريح الآن. غير أن مقترح بوشكوف القاضي بالتشريع في التاريخ يمكن أن يكون له تأثير أهم من أي من القضايا الأخرى المثيرة للجدل، حيث يقول إنه شعر بالغضب بسبب مشروع قانون مماثل في برلمان لاتفيا يقضي بتجريم إنكار الاحتلال النازي أو السوفييتي في ذلك البلد. يذكر هنا أن السوفييت -ومن بعدهم الروس- كانوا دائماً يصفون أنفسهم باعتبارهم محرِّرين للاتفيا ودولتي البلطيق الأخريين، ولكن تلك ليست هي الطريقة التي تنظر بها شعوب لاتفيا أو إستونيا أو ليتوانيا إلى الأمر. ففي بداية الحرب العالمية الثانية، انتقل السوفييت إلى المنطقة، ثم حل محلهم الألمانُ الغزاة، قبل أن يطردوهم من المنطقة من جديد. ثم أُدمجت البلدان الثلاثة التي كانت مستقلة من قبل ضمن الاتحاد السوفييتي، قبل أن تنفصل عنه في 1991 وتعلن استقلالها. وعوداً على بدء، فقد ألمح مخرج حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، كونستانتين أرنست، إلى أن اللجنة الأولمبية الدولية ضغطت عليه حتى يحذف فقرة حول الانتصار السوفييتي في الحرب، غير أن بالنظر إلى الصدمة النفسية والدمار الكبير اللذين تسببت فيهما الحرب، فإنه من الصعب تصور كيف يمكن إدماجها بسلاسة ضمن لوحة فنية بهيجة مثل حفل الافتتاح. ويل إنجلند ‎سوتشي ـ روسيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©