الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شمال مالي: استقرار مشوب بالخطر!

شمال مالي: استقرار مشوب بالخطر!
23 فبراير 2014 00:27
بينما كان علي أبوبكر مايجا يبيع البصل الأحمر والبطاطس بمدينة «غاو» بشمال مالي، أعرب عن أسفه بسبب القرار الذي اتخذته فرنسا ببدء سحب جنودها بعد مرور عام من هزيمة المليشيات الإسلامية المرتبطة بتنظيم «القاعدة». «إننا لا نريد أن ترحل فرنسا. لأننا نريد مزيداً من الشعور بالأمان» هكذا قال مايجا، وهو مزارع يبلغ من العمر 46 عاماً، خلال مقابلة أجريت معه في السوق المركزي، الذي قامت فرنسا بإعادة بنائه بعد تدميره أثناء القتال. وأضاف «نحن نستطيع العمل في الوقت الحاضر، فالأمور أصبحت أفضل مما كانت عليه أثناء الاحتلال». يذكر أن فرنسا قررت خفض قواتها في تلك الدولة الغرب أفريقية من 2500 جندي في الوقت الحالي إلى ألف جندي، حيث ذكر الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند في 8 يناير أن الأهداف من التدخل قد «تحققت إلى حد كبير». وعلى رغم ذلك، فإن الأوضاع الأمنية في شمال مالي، التي تعد ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا، خاصة في مدن مثل «غاو» التي تبعد 1200 كم من العاصمة باماكو، غير مستقرة. وأدت الاشتباكات العرقية في وقت سابق من هذا الشهر إلى مقتل 24 شخصاً على الأقل، بينما اختفى أربعة من العاملين باللجنة الدولية للصليب الأحمر ومساعد طبيب بيطري في الثامن من فبراير الجاري أثناء سفرهم إلى المدينة. وقد أعلنت جماعة من المليشيات المتصلة بتنظيم «القاعدة» مسؤوليتها عن الاختطاف. ومن جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» في شهر يناير إن هناك «تدهوراً ملحوظاً في الأوضاع الأمنية» خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر في منطقة تومبكتو التي تعد واحدة من مناطق التراث العالمي بجانب كونها مركزاً تاريخياً للمعرفة الإسلامية القديمة. ومنذ قام الإسلاميون في 2012 بتقسيم مالي إلى قسمين، ازدادت التوترات العرقية سوءاً بين الجماعات المختلفة مثل جماعة «صونغاي» الأكثر سمرة وشعوب «الفلاني» وجماعات «طوارق» و«العرب» ذوي البشرة الفاتحة. وسرد تقرير «بان كي مون» الصادر في 2 يناير سلسلة من الغارات العنيفة التي تم شنها في شهري أكتوبر ونوفمبر، ومن بينها الهجمات الصاروخية التي أعلنت «حركة التوحيد والجهاد» مسؤوليتها عنها في غرب أفريقيا - وهي الجماعة التي أعلنت اختطافها لموظفي الصليب الأحمر. وقالت جماعة أخرى هي تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» إنها قد قتلت مراسلين فرنسيين في شهر نوفمبر في بلدة كيدال، التي تبعد حوالي 388 كم شمال مدينة غاو، كما قامت بتفجير قنبلة في الشهر التالي أدت إلى مقتل اثنين من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المدينة. و«لا يزال الشمال يعاني من تبعات العنف المحلي حيث تكافح القوات الفرنسية وقوات الأمم المتحدة لتعزيز المكاسب الأمنية» بحسب ما ذكرت مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل في تقرير لها الشهر الماضي. وأضافت أن العام الماضي «انتهى بتجدد الاشتباكات في الشمال. ووردت أنباء عن وقوع حوادث مثل السطو المسلح، وهجمات جهادية جديدة وعنف بين الجماعات واشتباكات متكررة بين القوات المالية والجماعات المسلحة المحلية». وبينما تتولي قوات من الأمم المتحدة قوامها 12640 جندياً، إلى جانب الشرطة والقوات المالية ضمان الأمن، لا تزال المليشيات تتمركز على مقربة وفي بعض الأحيان تتلقى العون من بعض سكان القرى المحليين، حسبما يروي السكان والجنود الفرنسيون. «كما أخبرني عمدة إحدى القرى بشمال تومبكتو مؤخراً، فهم لا يزالون يأتون إلى البلدة للتسوق وشراء البضائع، ثم يعودون إلى مخابئهم» حسبما ذكر الكولونيل هيرفيه بيير، قائد القوات الفرنسية في «غاو». وأضاف أنه «يعلم أنه إذا ندد بهم فسيقتل على الفور. فمن غير الممكن أن يتواجد الجيش في كل مكان». وعبر نهر النيجر الممتد من بلدة «غاو» ذكر الرئيس المحلي هارونا خاليدو للجنود الفرنسيين الذين يقومون بدوريات أن السكان لم يروا الجماعات المسلحة منذ أشهر. وأضاف «إنهم يختبئون على الضفة الشمالية من النهر. نحن نعيش في سلام، كما بدأت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في تسيير دوريات، كما تفعل القوات الفرنسية، في الأماكن النائية». لقد أدركت القوات الفرنسية أن التدخل لن ينهي تماماً حالات الاختطاف والهجمات التي تقوم بها الجماعات المسلحة، وفقاً لما قاله بول ميلي، وهو زميل ببرنامج أفريقيا التابع لمعهد «تشاتام هاوس» ومقره لندن، في الرسالة التي بعث بها بالبريد الإلكتروني. وأضاف «من الصعب أن ترى المليشيات تعيد السيطرة على الشمال، ولكن لديهم القدرة على الاستمرار في إحداث مشاكل لفترة طويلة». وقد تعهد الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا، وهو الرئيس المنتخب بالسيطرة على كامل الأرض. كما قال «بان كي مون» في تقريره أيضاً إن إعادة تأسيس سلطة حكومية في الشمال: يمضي بوتيرة بطيئة وإن العديد من مسؤولي الدولة لم يعودوا إلى مناصبهم نظراً لاستمرار انعدام الأمن وضعف البنية التحتية ونقص المعدات. يذكر أن اقتصاد مالي، الذي يبلغ حجمه 10,3 مليار دولار، والذي تقلص بنسبة 1,2 في المئة في 2012، وفقاً لتقارير صندوق النقد الدولي، قد شهد نمواً بنسبة 4,8 في المئة العام الماضي وقد يتوسع إلى 7,4 في المئة هذا العام. ولم يتأثر تعدين الذهب في مالي بالقتال، كما ذكر الصندوق. وتأتي شركات «أنجلو جولد أشانتي» و«راند جولد ريسورسز» بين شركات التعدين العاملة في مالي. ومن ناحية أخرى، ذكرت منظمات للإغاثة، من بينها منظمة «اوكسفام» أن حوالي 800 ألف شخص في مالي بحاجة إلى مساعدات غذائية وأن 3 ملايين آخرين من المحتمل ألا يجدوا ما يكفيهم من الطعام في النصف الأول من العام. ‎فرانسوا ريواي كاتب ومحلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©