الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إنا كفيناك المستهزئين

إنا كفيناك المستهزئين
17 فبراير 2011 20:20
في مثل هذا الشهر المبارك، ربيع الأول، أطل على الوجود، أفضل مخلوق وأكرم مولود، سيدنا محمد بن عبد الله- صلى الله عليه وسلم-، فقد صنعه الله على عينه، وأحاطه برعايته، وشمله بلطفه ورحمته، وخصه بعميم فضله وكرامته، ومن المعلوم أن الرسالة التي جاء بها محمد- صلى الله عليه وسلم- قد كفلت للبشرية سعادتها في الدنيا والآخرة كما قال ربعي بن عامر- رضي الله عنه-: ( إن الله قد ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل وسماحة الإسلام)، ومع ذلك فإننا نجد بعض الحاقدين على الإسلام ورسالته ونبيه-?صلى الله عليه وسلم- يعملون ليل نهار للقضاء على هذا الدين ، حيث درج أعداء الإسلام على التشكيك في نبي الإسلام، والطعن في رسالته- صلى الله عليه وسلم- مع العلم أنهم ينتحلون الأكاذيب والأباطيل ليشككوا المسلمين في دينهم، ويبعدوا الناس عن الإيمان برسالته- صلى الله عليه وسلم- ، كما قال تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} (سورة الفرقان الآية 31) . فهؤلاء يريدون القضاء على الرسالة الإسلامية، والنيل من صاحبها- عليه الصلاة والسلام- كما قال تعالى : {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (سورة الصف الآية 8-9). إن قائمة المُتطاولين على رسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم- قديماً وحديثاً طويلة، مليئة بالمجرمين المستهزئين، ولكن يجب علينا أن نعلم بأن المصير المحتوم ينتظر كل طاعن ومستهزئ، ومهما تقاعَسَ المُسلمون عن نُصْرَةِ نَبِيِّهم- صلى الله عليه وسلم- فالكون كله سينتصرُ لحبيبنا ورسولنا محمد- صلى الله عليه وسلم-، كما قال ربنا سبحانه وتعالى {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} (سورة الحجرة الآية 95). لقد أحب الصحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حباً عظيماً، فهو أحب إليهم من كل شيء، فقد سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- كيف كان حبكم لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-؟ فقال :(والله إن رسول الله كان أحب إلينا من آبائنا وأمهاتنا وفلذات أكبادنا، وكان أحب إلينا من الماء البارد على الظمأ)، بل كان- صلى الله عليه وسلم- أحب إليهم من أنفسهم كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: (يا رسول الله، لأنت أحبُّ إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك، فقال له عمر : فإنه الآن، والله لأنتَ أحبُّ إليَّ من نفسي، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: الآن يا عمر)، (أخرجه البخاري). لقد انتشر هذا الحب بين صفوف المؤمنين وأصبح ديدنهم والعلامة الدالة عليهم، والصفة البارزة فيهم حتى شهد بذلك الحب زعيم مكة حينذاك أبو سفيان بن حرب- والفضل ما شهدت به الأعداء- وقال كلمته المشهورة: (والله ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد لمحمد) متى قالها ومتى نطق بها- حينما جيء بزيد بن الدثنة أسيراً ليقتل، فقال له أبو سفيان- أناشدك الله يا زيد أتحب أن تعود معافى لأهلك وولدك، وأن يؤتى بمحمد هنا في مكانك ليقتل، فغضب زيد أشد الغضب وقال: (والله ما أحب أن أرجع سالماً لأهلي وأن يشاك محمد بشوكة في أصبعه). وعند دراستنا لكتب السيرة والحديث نجد أن الله سبحانه وتعالى قد انتقم من أولئك المجرمين الذين تطاولوا وسبوا وشتموا وأساءوا للرسول- صلى الله عليه وسلم- عبر التاريخ، فكانت عاقبتهم وخيمة، ونذكر هنا بعضاً من هذه المواقف لتكون عبرة لكل من يحاول أن يتطاول على نبينا- صلى الله عليه وسلم- . مزق خطاب- النبي- صلى الله عليه وسلم- فمزق الله ملكه بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رسلاً من أصحابه ، وكتب معهم كتباً إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام، ومن هؤلاء الملوك كسرى ملك الفرس حيث كتب النبي- صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى ملك فارس: ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك». واختار لحمل هذا الكتاب عبد الله بن حذافة السهمي، فلما قُرئ هذا الكتاب على كسرى مزقه، وقال في غطرسة، عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي، ولما بلغ ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:«مزق الله ملكه»، وقد كان كما قال، فقد تمزق ملك كِسرى، ولم يبق للأكاسرة ملك، (الرحيق المختوم في سيرة الرسول- صلى الله عليه وسلم- ص307) وأخذ المسلمون جميع ملكه وفتحوا بِلاده كلها في عهد الخلفاء الراشدين . الأطفال تنتصر لرسول الله- صلى الله وعليه وسلم- أبو جهل هو فرعون هذه الأمَّة، وأشد الناس عداوة للنبي- صلى الله عليه وسلم-، وأكثرهم طعْنًا وشَتْمًا له وهو أحد سادات قريش المعروفين ،أمضى أبو جهل حياته كلها في مُعاداة الرسول- صلى الله عليه وسلم- فماذا كانت نهايته؟ أخذ أبو جهل جزاءَهُ في غزوة بدر كما روى عبدالرحمن بن عوف حيث يقول:(بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وشمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، ما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أُخبرت أنه يسب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا ،فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت: ألا أن هذا صاحبكما الذي سألتماني، فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال: أيكما قتله؟ قال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال هل مسحتما سيفيكما ؟ قالا: لا ،فنظر في السيفين فقال: كلاكما قتله: سلبُهُ لمعاذ بن عمرو بن الجموح، وكانا معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح )، (أخرجه البخاري) ما الذي دفع هذين الغلامين للسؤال عن أبي جهل؟! إنهما يريدان أن ينتصرا للرسول- صلى الله عليه وسلم- الذي تعرض للسب والشتم من هذا المجرم، لقد أخلصا النية لله فأكرمهما الله بهذا الشرف العظيم، فهنيئاً لهما حب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-. الأسد ينتصر لرسول الله- صلي الله عليه وسلم - !! تجهز أبو لهب وابنه عتبة للسفر إلى الشام، فقال عتبة لأنطلقن إلى محمد ولأوذينه في دينه، فانطلق حتى أتى النبي- عليه الصلاة والسلام- فقال يا محمد: (هو يكفر) بالذي دنى فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-:» اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك)» (أخرجه الهيثمي)، ثم انصرف عنه، فرجع إلى أبيه وأخبره بما حدث، فقال أبو لهب: فما قال لك؟ ( أراد أبو لهب أن يتعرف على موقف الرسول- صلى الله عليه وسلم-) فقال: قال: «اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك». قال: يا بني، والله ما آمن عليك دعاءه! فساروا حتى نزلوا بمكان من الشام، فقال أبو لهب لمن معه من التجار : إنكم قد عرفتم كبر سني وحقي، وإن هذا الرجل- يقصد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد دعا على ابني دعوة والله ما آمنها عليه، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة، وافرشوا لابني عليها، ثم افرشوا حولها، ففعلوا، فجاء أسدٌ بِالليْلِ يَسْعَى فَطَافَ على كُل النَّائِمِينَ يَشَمُّهم ُثم يُعْرِض عنهم، ورآه ابن أبي لهب فقال: أصابتني والله دعوة محمَّد، قَتَلَنِي وهو بمَكَّة وأنا بالشام، وما لَبِثَ الأسد أن وثب فوق المتاع، وشمَّ وجه اللعين فَضَرَبَهُ ضربةً قاتلة(المائة الأوائل ممن دعا عليهم الرسول- صلى الله عليه وسلم- ص38). هذه هي عاقبة المستهزئين الذين يتطاولون على سيدنا وحبيبنا محمد- صلى الله عليه وسلم - فهناك من شُلت يده جزاءً له على تكبره وتعاليه على توجيهات النبي- صلى الله عليه وسلم-، وهناك من لفظته الأرض لأنه سب واستهزأ بالرسول الكريم- عليه الصلاة والسلام- وكأنها تقول له: لا مكان في بطني لمن استهزأ بك يا رسول الله. فهل من معتبر أيها البشر؟ أما نحن المسلمين فنقول: كلنا فداؤك يا رسول الله. اللهم أحينا على سنته، وأمتنا على ملته، واحشرنا في زمرته، واسقنا يا رب من حوضه الشريف شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً... آمين.. يا رب العالمين. وصلى الله علي سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين . بقلم الشيخ الدكتور/يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبـارك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©