أحمد أبو هشيمة

«هيفاء وهبي تهدد باللجوء إلى القضاء».. هكذا عنونت إحدى وكالات الأنباء الخبر، تاركة للوسائل الاعلامية أن تقتدي بها، كما هي الحال عادة، أمَّا في السياق فقد ورد أنَّ بياناً صادراً عن المكتب الاعلامي للفنانة أعلن عن عزمها (وزوجها) الاحتكام إلى القضاء للاقتصاص من بعض المروجين لأخبار، وصفها البيان بالكاذبة، تناولت تفاصيل متعلقة بزواج هيفاء من السيد أحمد أبو هشيمة.. بعيداً عن الأسباب والدوافع والحيثيات، وكل ما يمت بصلة إلى كل ما سبق، لا بد من التوقف عند أسلوب الخبر وطريقة صياغته، ذلك أنَّ للمشهد، أبطالاً وتفاصيل ومتابعين مهتمين، هو شرقي بامتياز، أي أنَّه ينتمي إلى مكان من العالم حظي الرجل فيه بريادة أباحت له، بل فرضت عليه، تقدم زوجته في كل أمر، تافهاً كان أو عظيماً.. محيلة أي تصرف مغاير إلى خانة الغرابة التي تستوجب سبر أغوارها.. ما انطوت عليه الصياغة، من تخل واضح وصارخ عن هذا الإرث السلوكي الراسخ، جعل الخبر حدثاً بذاته، وأبعد الأنظار عن مشروعية الحدث الذي يتناوله.. قد يزداد منسوب الحدثية إرتفاعاً، إذا تذكرنا أنَّ هيمنة إسم النجمة على مثيله لزوجها رجل الأعمال ليست مستجدة.. بل هي بدأت منذ اللحظة الأولى لإعلان الثنائي نيتهما في الإرتباط، حيث كان على الجميع أن يسأل عن ثري مغمور قرَّر الزواج من إحدى العواصف البشرية المدمرة لمداميك المألوف، والمثيرة لشتى أنواع الغبار الفضولي.. أمَّا الجديد فهو إقرار الرجل بهذه الهيمنة، من خلال القبول بمواجهة الموقف عبر بيان يصدر عن مكتب زوجته الاعلامي، ويحيله إلى مجرد زوج للنجمة، أي يضعه، بأقل التوصيفات إستفزازاً، في خانة الملحق.. الواقعة تغوي بمزيد من التنقيب في تداعياتها... ذلك أنَّه ما كان لزواج أحمد أبو هشيمة أن يفتح شهية الصحافة، ويحرِّضَها على ترويج أقاويل كاذبة أو صادقة، لو لم تكن هيفاء هي الزوجة.. وفقاً لهذا التحليل يصير تغاضيه عن إستثنائية الإجراء والصياغة إقراراً بواقعية الأمر، ولزوماً لما يَلزَم ويُلزِم. بقليل من الإستسلام لمتعة التداعي... يمكن للمستجدات أن تحلينا إلى ماضٍ زهري غاص عميقاً في بطون التاريخ، وإلى كلام لا يخلو من شاعرية عن عصر أمومي إندثر مفسحاً المجال أمام زمن أبوي بطريركي شهدنا، ولا نزال نشهد، من صلافة أدائه ما لا يبرر لنا الدفاع عنه.. يقول العارفون أنَّ سفينة الدنيا غرقت، يوم أدارت دفَّتها المرأة، الكثير من محطات الرومانسية والرقة والعذوبة، ويذهب أحد الشعراء المعاصرين إلى الإعلان صراحة أنَّ عالم اليوم تنقصه الأنوثة، معارضاً، بجرأة تحسب له، مشهداً شعرياً كان زميله الراحل خليل مطران قد افتتحه قبل ثلاثة أرباع القرن، ليختمه على لسان إبنة الوزير الفارسي بزرجهمر الذي قضى مشنوقاً بعد أن خذله حظه مع الحاكم كسرى أنو شروان، كان على الفتاة المشاهدة لطقوس إعدام والدها أن تجيب على إستفسار رسول الملك حول تخليها عن حجابها، قالت يومها مزدانة بأحلى تجليات الغضب: ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أنَّ في هذي الجموع رجالا!! لعلَّ الشيء بالشيء يذكر، وها هو أحمد أبو هشيمة يثبت أنَّ الرجولة الحقة لا تكتمل دون إنصاف. علي العزير