السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ثوابت اللغة النافذة

ثوابت اللغة النافذة
10 ابريل 2008 23:34
ترزح الثوابت الدلالية للغة تحت وطأة الحاجة الماسة لعدم تفسيرها، عدم تفنيد مستوياتها، عدم تحليل خطابها، إنها فقط ما يقال، وما يراد إيصاله بلا أي ''إضافة علمية''، لأن ذلك مرتبط بمَن يمارس اللغة كغريزة أولى ومباشرة، فعندما نعبر عن حاجتنا لحقوقنا الضائعة، أو المغتصبة، أو حتى البسيطة، فإن ذلك لا يعني إلا ذلك· لن يهم الناطق بلسان حاجته النظام المعرفي لبناء عبارة، أو دولة، أو تصور عن حل ما لمشكلته، على الرغم من أن دور هذه التكتلات هو خدمة احتياجات الجسد الإنساني للوجود· كنت وصديق ليس له علاقة بالقراءة، ولا بالثقافة كمنظومة عمل ومهنة ومتعة وتوجه حياة، نشرب الشاي ونلعب الطاولة، سأل؛ ماذا تقرأ الآن، قلت: أقرأ كتابين صغيرين، وبعد سؤالي عن أسميهما، قلت: ''الأدب في خطر'' لـ ''تزيفطان طودوروف''، فأشاح بيده في الهواء معترضاً، ومقرراً عدم أهمية هذا الموضوع، ولا وجود أي داعٍ لحاجتنا إليه، وتكلم بذلك صراحة· والثاني؛ سألني· ''ثقافة أوروبا وبربريتها'' لـ ''إدغار موران''، فابتسم مبتهجاً، وقال: صح، وأعقب: هذه هي الكتب· لن يهم صاحبنا، ولا يريد أن يعرف، مادة الكتابين، ولا من هم المؤلفين، حتى وإن قلت له أن الأول، توضيح وتفنيد لطرق التعليم والمناهج في فرنسا، وعن الكيفيات التي تدار بها الدولة من خلال عقل تاريخي عشوائي، وإن تلك العملية تحتاج إلى تنظيم إدائي لكيف يتم توجيه الطفل تعليمياً، على مبدأ تحرير العقل، وليس قيادته إلى مزنق الدولة بنظامها المتبدل من آن إلى آن، بحيث يكون الحُكم حُكماً مظهرياً أكثر منه تأسيسياً، فما بالك أن ذلك في فرنسا، وكيف سنرى إذن وزراء تربيتنا وتعليمنا؟· ولن يهم صاحبنا، أن الكتاب الثاني الذي التقط عنوانه كعبارة هجومية وتأكيدية، جزء من تفكير نقدي عام من الأوروبي للأوروبي، وقراءة متسعة لكيفيات استطراق خامل، لمسيرة العيش بلا تفكير، أي أنه وجود إنساني للغة، كصديق، وكعدو· وبالفعل، ماذا يهم الميت إلا إكرامه، إنها المباشرة الحية للطلب اعتماداً على الحاجة، أعطش فأشرب، أموت فأُدفن، وليس مهماً على الإطلاق في وضع عصرنا هذا إلا العناوين· قبل اختراع آلة التصوير الفوتوغرافي، كانت الحروب تتم في الخفاء، وبعد أن فضحتها التقنية الإعلامية الجديدة الآن، لا تزال الحروب مستمرة، وبنفس فداحة مآسيها، فللتقنية أيضاً سحر تخفيف العبء عن كاهل المسؤولين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©