الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قبرص...انتعاش آمال «التوحيد»

قبرص...انتعاش آمال «التوحيد»
10 مايو 2009 01:03
طوال ما يناهز 35 عاماً، وعلى نفس الجزيرة عاش القبارصة الأتراك واليونانيون حياة منفصلة عن بعضهم البعض، وقد تكون المباحثات الرامية إلى تحقيق الوحدة التي انطلقت الخريف الماضي أفضل فرصة لحل مشكلة قبرص، وذلك بفضل صداقة طويلة جمعت زعيمي الشطرين المنقسمين للجزيرة. ومع أن الانتصار الأخير الذي أحرزه الحزب "التركي القومي" يذكرنا بالعقبات التي ستواجه جهود التوحيد، إلا أن فوز القائد الشيوعي "ديمتري كريستوفياس" في الانتخابات الرئاسية لشهر فبراير من العام 2008 بجمهورية قبرص بعث الأمل مجدداً في إمكانية توحيد الجزيرة التي ظلت منقسمة لأجيال عديدة. وترجع الصداقة بين الزعيمين التي يعوَّل عليها لتقريب وجهات النظر وتحقيق الوحدة المنتظرة إلى ما قبل انقسام 1974 عندما كان كريستوفياس حليفاً سياسياً لـ"محمد علي طلعت" الرئيس الحالي من "وسط اليسار" للجمهورية التركية لشمال قبرص، وهي البلد التي تحظى باعتراف تركيا فقط، ومنذ تلك الفترة والعلاقة بين الرجلين مستمرة، وهو ما أكده الرئيس طلعت نفسه عندما قال "بعد كل هذه العقود من الزمن ربما تكون علاقتنا صدفة جيدة، وأن يكون قادة الجزئين المنقسمين للجزيرة مستعدين أكثر من أي وقت مضى للتوصل إلى تسوية نهائية لوضعية قبرص". لكن سواء كان الأمر مصادفة، أو لا يؤكد "جيورجيوس آيكوفو"، وزير الخارجية السابق لجمهورية قبرص وكبير مفاوضي القبارصة اليونانيين، أن مؤيدي الوحدة يسعون اليوم إلى استغلال الفرصة المواتية وإحراز التقدم قائلا "إننا اليوم أمام فرصة سانحة للوحدة وعلينا اغتنامها بشكل جيد". وقد كانت آخر محاولة للوحدة في العام 2004 عندما تم التصويت على استفتاء في إطار خطة كوفي عنان الأممية التي نصت على توحيد الشمال والجنوب في إطار فيدرالي جديد، لكن المحاولة أجهضت بعدما صوت ثلاثة أرباع القبارصة اليونانيين ضد المشروع ورفضوا الوحدة، فانضمت قبرص نتيجة لذلك إلى الاتحاد الأوروبي كدولة منقسمة، بحيث يستفيد القبارصة اليونانيون في الجزء الجنوبي الذي يحظى باعتراف دولي بامتيازات الاتحاد الأوروبي في حين ظل القبارصة الأتراك في الشمال خارج الاتحاد الأوروبي، ومازالت عزلة شمال قبرص مستمرة إلى حد اليوم بعد سنوات على الغزو التركي. ومع أن نقاط العبور التي تشرف على إدارتها الأمم المتحدة في المنطقة العازلة بين الشطرين أعيد فتحها في العام 2003، فإن تسعة من بين كل عشرة أشخاص في الجزيرة يقولون إنه لا علاقة تجمعهم بين الطرف الآخر. وترجع جذور الأزمة إلى استقلال الجزيرة عن السيطرة البريطانية في العام 1960، حيث اندلعت بعد ثلاث سنوات فقط أعمال عنف أهلي أدت إلى انسحاب الأتراك القبارصة من اتفاق اقتسام السلطة، وفي العام 1974 اجتاحت تركيا الجزء الشمالي رداً على انقلاب دعمته اليونان ضد الرئيس مكاريوس، وبسبب أعمال العنف الواسعة التي عمت الجزيرة فر العديد من السكان إلى مناطق بعينها فتشكل الجزءان الشمالي والجنوبي بعرقيات متجانسة. وبرغم فشل الانقلاب ظلت القوات التركية مرابطة في الجزيرة التي مازلت تستضيف ما بين 25 ألف إلى 30 ألف جندي تركي في الشمال، كما أن تركيا تدفع إلى غاية اليوم ثلث موازنة الجمهورية الشمالية التابعة لها. وطيلة السنوات التي أعقبت 1974 قاد الشطرين المنقسمين زعماء قوميون رفضوا التوافق على حل يرضي الطرفين، لكن بحلول العام الماضي بدأت تتغير الأمور وينبعث الأمل، ويتذكر "آيكوفو" كبير مفاوضي القبارصة اليونانيين أن "منذ اليوم الأول لاجتماعهما أعطى الرئيس "كريستوفياس" نظيره الشمالي أحمد علي طلعت ملفاً يضم جميع تصريحاتهما المشتركة قبل 29 عاماً"، مضيفاً أنهما إذا كانا قد اتفقا في الماضي على الكثير من الأمور المشتركة فإنهما قادران اليوم على التوصل إلى اتفاق بينهما. وبعد أربع سنوات من الجمود عادت مباحثات الوحدة بين الجانبين إلى واجهة الأحداث بعدما أعيد إطلاقها في سبتمبر 2008، وفي هذا الإطار يقول "أحمد سوزين"، مدير مركز قبرص للدراسات بجامعة شرق المتوسط بالقسم الشمالي للجزيرة "هناك فرصة كبيرة من أن يتمكن القائدان من التفاوض على اتفاق مشترك، إلا أن نتيجة الاستفتاء على أي اتفاق ليست مضمونة، وحتى لو وافق الشعبان على الاتفاق، فإنه ليس مؤكداً أن يستمر ربما لأن اللحمة بينهما ليست قوية بما يكفي لتوثيق عرى الوحدة". وقد تعرضت آمال مؤيدي الوحدة للاهتزاز بعد انتخابات 19 أبريل الماضي التي تمكن فيها حزب "الوحدة القومي" في الشمال من هزيمة الحزب "التركي الجمهوري" الذي يرأسه "محمد على طلعت" في الانتخابات البرلمانية، لكن بالنظر إلى تولي الرئيس نفسه ملف المفاوضات مع الجزء الجنوبي، واحتمالات تأييد الناخبين في الشمال لاتفاق الوحدة لما يمنحه لهم من فرصة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ربما لن تؤثر نتائج الانتخابات على مسار التفاوض وجهود الوحدة، بحيث يسعى الطرفان إلى توقيع اتفاق بحلول فصل الخريف المقبل يتبعه استفتاء شعبي مطلع السنة القادمة. ولتحقيق الهدف يعقد القائدان لقاءات دورية تجمعهما كل أسبوع للتفاوض حول قائمة طويلة من القضايا المعقدة مثل النزاعات المرتبطة بملكية الأرض والتعويضات على الممتلكات التي تركها القبارصة اليونانيون عندما فروا إلى الجنوب، لكن القبارصة الأتراك الذين يشكلون حوالي خُمس سكان الجزيرة ويعيشـــون على 37 فــــي المائـــــة من الأراضي القبرصية البالـــغ عدد سكانها مليــون نسمة يخشون أنه في حالة إعادة الممتلكات إلى اليونانيين أن يتحولوا إلى أقليـــة في الجزء الخاصة بهم من الجزيرة. سفين سيمونسين-قبرص ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©