الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرهان في باكستان

10 مايو 2009 01:04
تردد إعلامياً أن "طالبان" فجّرت خلال الأسبوع الماضي مدرسة باكستانية، وخطفت بعض الجنود وذبحت منهم اثنين على الأقل، كما اجتاحت المباني الحكومية واحتلتها، متسببة في فرار الآلاف من السكان المدنيين، وحسب بعض التقديرات سيهجر ما لا يقل عن نصف مليون باكستاني من منازلهم بسبب العنف المرشح للتفاقم خلال الأسبوع المقبل. وقد جاءت زيارة الرئيس الباكستاني إلى واشنطن خلال الأسبوع الجاري في وقت تواجه فيه باكستان تحديات حقيقية، ففي ولاية السند أدت المواجهات العرقية التي اندلعت الأسبوع الماضي إلى سقوط أكثر من عشرين قتيلا كما عطلت المدينة الساحلية، كراتشي، التي تعد القلب النابض لباكستان وعاصمتها المالية. وفي بلوشستان لم يمنع المشروع الكبير لبناء ميناء رئيسي في مدينة "جوادار" بتمويل صيني من تأجيج المشاعر الانفصالية لدى بعض السكان. والأمر نفسه ينسحب على "وادي سوات" الذي أصبح محل مواجهة بين الحكومة الباكستانية و"طالبان" بعد الاتفاق الذي وُقع بينهما. ولو كانت مشاكل باكستان ذات طبيعة إنسانية لهان الأمر، بحيث يمكن لإدارة أوباما تسوية المشكلة بشيك سخي، لكن باكستان تمتلك 55 رأساً نووياً على الأقل، وبتطلع "طالبان" نحو إسلام آباد أصبحت سلامة الترسانة النووية مصدر قلق كبير للولايات المتحدة وللعالم بأسره، كما أن تاريخ بعض الشبكات في بيع المواد النووية لكل من يستطيع الدفع، بما في ذلك إيران وكوريا الشمالية، يجعل من الصعب الوثوق بالتطمينات المتكررة حول الترسانة النووية. وفي هذا الإطار لن يكون كافياً للولايات المتحدة توفير الدعم المالي طويل الأمد للحكومة الباكستانية، بل عليها التدخل أيضاً لحماية الترسانة النووية وضمان أمنها وعدم سقوطها في أيدي المتطرفين. والحقيقة أن إدارة بوش سعت إلى تحقيق هذا الهدف من خلال اقتراحها اقتسام نظام تكنولوجي متطور مع باكستان يربط أسلحة إسلام آباد النووية بشفرة سرية لا يُفعل استخدامها إلا بها، لكن القيود القانونية على الجانب الأميركي حالت دون استكمال المشروع. واليوم ربما يتعين على إدارة أوباما البحث في الوسائل الكفيلة بإحياء المشروع مرة أخرى لأنه يبقى أقل الخيارات إثارة للجدل وأكثرها قبولا من باكستان. ومع ذلك هناك عقبات يتعين تخطيها مثل المقاربة الشحيحة للمساعدات التي تعامل بها واشنطن إسلام آباد. فعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية فرضت الولايات المتحدة قيوداً صارمة على تمويل باكستان، بل رفضت تعويضها عن التكاليف التي تكدبها الجيش الباكستاني خلال العمليات التي قام بها ضد "طالبان"، وهو ما أضعف موقف الحكومة وأثر سلباً على معنويات الجيش. ومن غير المنطقي أن تقدم إدارة أوباما على ضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد لإنقاذ مؤسساتها المالية المتعثرة وتمنع الدعم عن البلد الذي في حال انهياره سيشكل بحسب كلمات وزيرة خارجيتها "خطراً وجودياً" على الأمن الدولي. فعلى مدى الستة عقود من وجودها عانت باكستان في طريق إقامة نموذج ناجح ومستدام للحكم، بحيث تعرضت جميع الحكومات المدنية التي قادت البلاد إما إلى الانهيار، أو أطيح بها من قبل الجيش. فبعد خمسة وعشرين عاماً من قيامها انقسمت باكستان على نفسها إلى دولتين، وبعد خمسة وثلاثين عاما على ذلك التاريخ وفيما تصارع مرة أخرى من أجل وجودها يتعين على مواطنيها، وخصوصاً الطبقة الوسطى المتعلمة، أن يتساءلوا عن سبل تعزيز باكستان التي يريدون العيش فيها، هل ستكون باكستان المتشددة دينياً التي تفرض قوانين مشددة على شعبها، أم أنها ستكون بلداً بأغلبية مسلمة تقبل التعدد والانفتاح على العصر؟ ومهما كانت المساعدات ضرورية لباكستان فإنها لن تساهم لوحدها في خدمة وتعزيز مصالح البلاد، وحده الشعب يستطيع ذلك. كابيل كوميريدي كاتب هندي متخصص في شؤون جنوب آسيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©