السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«تكلفـة الإنتـاج».. عقبة أمام التحول للطاقة المتجددة عالمياً

«تكلفـة الإنتـاج».. عقبة أمام التحول للطاقة المتجددة عالمياً
19 مارس 2017 12:42
حسونة الطيب (أبوظبي) يرى البعض أن عجلة الاقتصاد العالمي بقوامه البالغ 7.5 مليار نسمة، يمكن أن تدور بقائمة قصيرة من إمدادات الطاقة. وما يجعل هذه القائمة قصيرة، خلوها من الوقود الأحفوري وربما الطاقة النووية، لتقتصر على الكهرومائية والكتلة الحيوية «حرارية وكتلة ونفايات»، وأنواع أخرى متفرقة من وقود سائل من النباتات ورياح وشمسية. وللأسف فإن التحول لمثل هذه القائمة القصيرة، تحوم حوله العديد من الشكوك وتقف في طريقه بعض العقبات. وفي العام قبل الماضي، شكل الوقود الأحفوري 86% من استهلاك العالم من الطاقة، مع إضافة الطاقة النووية لنحو 4%، حسب تقرير المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية الصادر عن شركة بي بي. وبذلك، نجد أن نوع الوقود الذي يفضله العالم، لا تزيد حصته عن 10% من مزيج الطاقة العالمية، حيث تشكل الرياح والشمسية قدراً ضئيلاً لا يتجاوز سوى 2% فقط. وبالرجوع للعام 1985، نجد أن تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري لم يكن بالقدر المطلوب عندما كان يشكل 89% من الطاقة الإجمالية ومشاركة الشمسية والرياح شحيحة للغاية. ويبدو الوضع أقل سوءاً عند النظر لقطاع الكهرباء بمفرده، حيث ارتفعت حصة الرياح لنحو 3.5% من سعة التوليد في 2015، والشمسية لنحو 1.1%، بإجمالي 4.6%. وبلغت حصة الوقود الأحفوري 66%، ما يبعث الأمل في إمكانية بدء التغيير من هذا القطاع. في حالة التحول لاقتصاد يعتمد على الطاقة المتجددة، يتطلب ذلك التحول لاقتصاد يعتمد على الكهرباء، ما يعني ضرورة الاعتماد على شبكة الكهرباء. ويطلق على شبكة كهرباء الولايات المتحدة الأميركية «أكبر آلة في العالم». وتكتنف صيانة الشبكة العديد من الصعوبات المتمثلة في تغيير الأبراج التي تحمل خطوط نقل الكهرباء وكذلك تغيير المحولات، قبل تعطلها وتسببها في انقطاع التيار. وتقتضي تقنية صيانة وإصلاح خطوط النقل توفر الوقود الأحفوري سواء لتشغيل طائرات الهيلكوبتر أو الشاحنات. والكهرباء التي يتم نقلها عبر الشبكات، هي ما يعضد المقدرة على خلق منتج طاقة أكثر فاعلية من الوقود الأحفوري. وتعتمد كافة الآليات الكهربائية في عملها، على شبكة الكهرباء. ومن الواضح، استهلاك مكيفات الهواء لقدر كبير من الكهرباء. كما أنه من الصعب تخيل أن تكون مكيفات الهواء مستهلكاً رئيساً للكهرباء على المدى البعيد، عند شح الإمدادات، ما يعني التوجه لاستخدام المراوح أو التأقلم مع درجة حرارة الغرفة. وفي أجزاء أخرى باردة من العالم، من المرجح استهلاك جزء كبير من الكهرباء في المستقبل لأغراض التدفئة. وفي أميركا يتم استهلاك الغاز الطبيعي لتدفئة المنازل ولاستخدامات الكهرباء والصناعة أيضاً. ومن الواضح، اختلاف استهلاك الغاز الطبيعي، الذي يرتفع بشدة خلال فصل الشتاء. ويكمن التحدي في توفير إمداد كهرباء شبيه في اختلافه مع الغاز، دون الحاجة لاستهلاك قدر كبير من الوقود الأحفوري. ويتم فقدان جزء من الطاقة، عند حرق الوقود الأحفوري أو الكتلة لتوليد الكهرباء. والمشكلة في أن حرق الفحم في محطة للطاقة، يتولد عنه منتج أفضل لكنه أكثر تكلفة. وفي حالة استخدام هذه الكهرباء لعملية لا يلعب فيها الفحم الدور المباشر، من الممكن للنشاط الاقتصادي المعني امتصاص هذه التكلفة بسهولة. لكن إذا كان يقوم هذا المنتج عالي التكلفة، بتوفير خدمة كانت موجودة بالفعل مثل التدفئة بتكلفة أعلى يصبح من الصعب امتصاصها. وفي سياق البحث عن إمكانية استبدال توليد الكهرباء بالرياح بدلاً من الفحم، تملك الصين، مثلاً، توربينات رياح ضخمة في شمالي البلاد معطلة عن العمل، حيث يقف ارتفاع تكلفة إنشاء الأبراج عقبة في طريق نقل الكهرباء للمدن الكبيرة. وفي حالة عمل هذه التوربينات، تنخفض ساعات عمل محطات الفحم ما ينجم عنه مشاكل مالية للشركات المشغلة ومن ثم يدفعها للاستعانة بالمساعدات الحكومية، الشيء الذي يشكل تكلفة إضافية ومن ثم ضرورة رفع أسعار الكهرباء للمستهلك. لذا، فإن العائلة التي تجد صعوبة في تسديد فواتير الكهرباء المولدة بالفحم ستجد صعوبة أكثر في الكهرباء المولدة من طاقة الرياح. وتتركز تكلفة طاقة الرياح والطاقة الشمسية، غالباً، في التوربينات والألواح الشمسية بالإضافة لتكلفة المحولات. ومن هذا المنطلق، تبدو التكلفة معقولة والتحول لتبني هذا النوع من الكهرباء مفيد. لكن في حقيقته يبدو الوضع أكثر تعقيداً. وربما أن أول فوج من التوربينات والألواح الشمسية في أميركا لم يحرك ساكناً في نظام شبكة الكهرباء القائمة. وكلما زاد عدد التوربينات والألواح المضافة زادت التكلفة، بما في ذلك نقل الكهرباء لمسافات بعيدة وتخزينها وعمليات الدعم المالي المطلوبة للمحافظة على استمرار توليد الاحتياطي من الكهرباء. ونظرياً، من الممكن بناء نظام ضخم لطاقة الرياح والشمسية بناء على احتياجات الطلب في فصل الصيف، ثم بناء نظام ضخم آخر من البطاريات لتخزين الكهرباء التي يتم توليدها في الصيف لاستخدامها في الشتاء. ومن المؤكد ارتفاع تكلفة هذا النمط واحتمال فقدان بعض الطاقة من بطاريات التخزين بجانب تكلفتها. كما من المرجح استنفاد المصادر المطلوبة للألواح الشمسية ولتوربينات الرياح والبطاريات. وتتمثل الطريقة الأكثر جدوى اقتصادية، في حرق الوقود الأحفوري لأغراض التدفئة في الشتاء نتيجة سهولة تخزينها. ويمكن تخزين طاقة الكتلة مثل الخشب بسهولة حتى تدعو الحاجة له، بيد أنه ليس من السهل توفير خشب لكافة أنحاء العالم لأغراض التدفئة والطبخ، دون اللجوء لقطع قدر كبير من الأشجار. وهذا من ضمن الأسباب الرئيسة التي تفسر صعوبة التحول من الوقود الأحفوري. نقلاً عن: أويل برايس دوت كوم النظام المزدوج في حالة التوجه لاستخدام النظام المزدوج، طاقة الرياح والشمسية عند توفرها، بجانب الوقود الأحفوري، ترتفع تكلفة الإنتاج بنسبة كبيرة. وتعود أسباب ذلك للمتطلبات المستمرة لنظام الوقود الأحفوري، حيث يترتب على شركات التعدين والغاز الطبيعي مواصلة دفع فوائد القروض، كما ينبغي على أنابيب النقل العمل على مدار العام، بصرف النظر عن امتلائها. لذا، تبرز قضية كيفية الحصول على التمويل لدعم ازدواجية هذا النظام. ومما لا شك فيه، أن الارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء يجعل حصول المستهلك عليها صعباً للغاية، لينجم عن ذلك تراجع مستويات الشراء، التي تقود بدورها إلى الركود. وفرة الكهرباء الكهرومائية يشير تقرير المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية لشركة بي بي، للبلدان الأكثر استخداماً للكهرباء في مزيج الطاقة، مثل السويد بنحو 72.7% والنرويج بنسبة 69.5% وفنلندا 59.9% وسويسرا بنحو 57.5%. وتتميز هذه البلدان عن غيرها، بقلة الكثافة السكانية ووفرة الكهرباء الكهرومائية، التي يعتبر إنتاجها أقل تكلفة. وتنتج كل من السويد وفنلندا وسويسرا، ثلث إمداداتها الكهربائية من الطاقة النووية. وتساعد طبيعة هذه البلدان على قلة استخدام السيارات، ما يقود لخفض حصة البنزين في مزيج الطاقة. وفي الصين، خضعت حصة الكهرباء في الطاقة لتغيير كبير في الفترة بين 1985 إلى 2015، فبينما كانت 17.5% في 1985، ارتفعت إلى 43.6% في 2015. ويعزى ذلك لاستخدام الصين في 1985 لمعظم الفحم مباشرة بدلاً من الاستعانة به في توليد الكهرباء. وربما يكون ذلك، لسهولة نقله واستخدامه لعدد من أغراض التدفئة بحرقه فقط. لكن وبعد النهضة الصناعية التي عاشتها البلاد، اضطرت لاستهلاك المزيد من الكهرباء، ما أدى لرفع النسبة إلى 43.6% في العام قبل الماضي. وتعترض الطاقة الكهرومائية مشاكل عدم الاستمرارية أيضاً، خاصة في أميركا ودول غربية أخرى، حيث تزيد حصتها عند ذوبان الثلوج في شهري مايو ويونيو، ما يعني شحها خلال فصل الشتاء، ومن ثم صعوبة الاعتماد عليها في الاستغناء عن الوقود الأحفوري. وفي منطقة الشرق الأوسط، تفتقر العديد من الدول للطاقة الكهرومائية، بجانب أنها لا تميل لاستخدام طاقة الكتلة. وفي حالة اختارت هذه الدول موازنة طاقة الرياح والشمسية بمصدر آخر، ليس أمامها خيار غير الغاز الطبيعي المتوفر بنسبة كبيرة. ويبدو أن هناك سوء فهم لطبيعة مشكلة الطاقة، حيث يتوقع العديد من الناس نضوب الوقود الأحفوري، أو ارتفاع أسعاره بنسبة كبيرة. لكن تكمن المشكلة في المقدرة على تحمل التكاليف، حيث لا ترتفع أسعار الطاقة لحد تغطية تكاليف إنتاج الكهرباء ومنتجات الطاقة الأخرى. وبإضافة الرياح والشمسية، تصبح مشكلة انخفاض الأسعار أكثر سوءاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©