الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الظروف البيئية والتقلبات الجوية وراء ارتفاع هجمات القرش ضد الإنسان

الظروف البيئية والتقلبات الجوية وراء ارتفاع هجمات القرش ضد الإنسان
17 فبراير 2011 20:31
ارتفعت هجمات أسماك القرش على السباحين والغطاسين بشكل ملفت في الآونة الأخيرة، فسنة 2010 لوحدها سجلت أكثر من 79 هجوماً استهدفت أشخاصاً لم يستفزوا أسماك القرش بأي شكل من الأشكال، لتكون السنة المنصرمة تحتل الأولى خلال السنوات العشر الماضية من حيث هجمات القرش، تليها سنة 2009 بـ63 هجمة، وتسبقها سنة 2000 بـ80 هجمة. وإذا كانت هجمات أسماك القرش في أعماق البحار والأماكن المعروف وجود القرش فيها أمراً متفهماً، فإن وجود هذه الأسماك المفترسة في شواطئ وسواحل يرتادها الناس العاديون والسياح بث في قلوب الكثيرين الرعب، وحول متعة السباحة لدى غالبيتهم إلى متعة منقوصة بسبب عدم قدرة أي أحد ضمان خلو شاطئ أو ساحل أو مَغطس من أسماك القرش بشكل نهائي، وهو ما يجعل تعرض السباح لهجمة قرش أمراً محتملاً. ويقول خبراء إنه لا طريقة للنجاة من أنياب القرش إلا بمواجهته والتصدي له، وهو ما يعني ضرورة التمرن على تقنيات الدفاع عن النفس ضد القرش ومكامن ضعفه ونقاط جسمه الحساسة لاستهدافها. أدى تكرار وقوع هذه الهجمات إلى إعلان بعض السواحل مناطق غير آمنة وإغلاق بعضها الآخر وحظر السباحة مؤقتاً في مياه شواطئ يرتادها ملايين السياح سنوياً تجنباً للوقوع بين فكي أحد أسماك القرش. ومع توالي هذه الهجمات وتداول أخبارها، تزداد مشاهد تلك الأفلام التي صورت حوادث في أعماق البحر أو بالقرب من سطح مياهه الدافئة وشواطئه لهجمات أسماك قرش رسوخاً في أذهاننا. ويُرجع بعض الباحثين ارتفاع هجمات أسماك القرش ضد الإنسان إلى زيادة عدد سكان كوكب الأرض وزيادة المُدد التي يقضيها الناس في مياه البحر. وهو ما يحيل إلى التفكير في مدى إمكانية صد هجمة القرش أو التفاعل معه بطريقة ما أو تضليله للتمكن من الخروج من منطقة وجوده بأمان. هجمات شرم الشيخ يقول جروج بورجيس، أستاذ بجامعة فلوريدا وأمين متحف يوثق هجمات أسماك القرش عبر العالم، إن فيتنام ومصر سجلتا هذه السنة أعداداً مرتفعةً من هجمات أسماك القرش لم تعهدهما في السابق. وبينما لم يستطع بورجيس إيجاد تفسير لسبب تزايد هجمات القرش في فيتنام، فإن رحلته الأخيرة إلى مصر جعلته يُرجح احتمال تسبب عمليات كب غير قانونية لمخلفات أمعاء الخرفان في مياه البحار المصرية والإطعام المكشوف للأسماك، وهو ما أغرى أسماك القرش بالقدوم إلى هذه المنطقة للاقتيات مما يُلقى في هذه المياه، وعرض بذلك أرواح مرتادي هذه السواحل والشواطئ إلى هجمات متكررة. ويضيف بورجيس عاملاً آخر ساعد إلى قدوم أسماك القرش إلى الشواطئ المصرية وهو حرارة مياهها المرتفعة بشكل غير مألوف، وهو ما قد يكون أثار أسماك القرش فاتجهت بجنون ومن فرط حرارة هذه المياه إلى مناطق بحرية لم تعتد قصدها. تقدم ووعي مجتمعي أدت هجمات السنة الماضية إلى قتل 6 أشخاص، أي بمعدل أعلى بقليل من الوفيات التي خلفتها هذه الهجمات خلال الفترة 2001-2010 والتي كانت 4,3 قتيل. اثنان من ضحايا هذه الهجمات كانا في جنوب إفريقيا، بينما شهدت شرم الشيخ بمصر وفلوريدا وكاليفورنيا في الولايات المتحدة وأستراليا قتيلاً واحداً في كل منها. وعلى الرغم من ذلك، فإن وفاة 7? من المتعرضين لهجمات القرش خلال الفترة 2001-2010 يبقى أقل من تسعينات القرن الماضي التي كان يُسجل فيها وفاة 13? من مجموع المتعرضين لهجمات القرش. ويُعزى ذلك إلى التدخل السريع وتطور ممارسات حماية مرتادي الشواطئ وتقدم وسائل الإنقاذ والعلاج الطبي وزيادة الوعي المجتمعي بشأن عدم ارتياد المناطق المصنفة بالخطيرة بحرياً. تيار متنام على الرغم من أن عدد هجمات أسماك القرش دون استفزاز نما بشكل مطرد خلال القرن الماضي، فإن ارتفاع عدد هذه الهجمات لا يؤشر بالضرورة إلى وجود تيار متنام وآخذ في الصعود. ويقول بورجيس في هذا الصدد لا يتعلق الأمر بمنحى تصاعدي ثابت، وإنما بمنحنى يتأرجح بين الانخفاض والارتفاع من سنة لأخرى تبعاً لمجموعة من العوامل المختلفة والمتعددة تشمل الظروف البيئية للبحار والمحيطات وتقلبات الطقس والأحوال الجوية، وأيضاً الظروف الاقتصادية والاجتماعية لسكان الكوكب الأزرق". وقد أدى ظهور تقنيات حديثة متطورة من قبيل شبكة الإنترنت إلى توعية الجمهور وتمكينهم من الإبلاغ عما يتعرضون له هم أو أحد أقاربهم من هجمات، ومن ثم زيادة نشر الوعي بهذا النوع من الهجمات. مصائب وفوائد إن قراءة إحصاءات الهجمات الموثقة لأسماك القرش على الإنسان تُبرز ظاهرياً أن هذه الهجمات تتزايد باستمرار، إلا أن مقارنة هذه الأعداد بما كان عليه الأمر في السابق يُفضي بنا إلى استنتاج آخر مفاده أن عدد هذه الهجمات يتجه نوعاً ما نحو الاستقرار، ففي العقد الماضي ومنذ سنة 2000 استقر عدد الهجمات نسبياً في 63,5 هجمة. وقد تراجع عدد السياح الذين يمارسون هوايات السباحة والغطس في هذه الفترة لأسباب عديدة أبرزها الاضطرابات الاقتصادية التي شهدها العالم عقب أحداث 11 سبتمبر والأزمة المالية العالمية الأخيرة التي تضررت منها غالبية الدول والمجتمعات، وأيضاً التقلبات الجوية التي شهدتها مناطق عدة مؤخراً مثل العواصف الاستوائية التي ضربت السواحل الشرقية للولايات المتحدة مؤخراً وغيرها من التقلبات المناخية التي جعلت الناس أكثر مكوثاً في بيوتهم وأقل ارتياداً للشواطئ. «عدوان» متبادل يمكن للناس أن يتسلحوا بقدر أكبر من المعرفة لتجنب الوجود في المياه المحتمل تعرضهم فيها لأسماك القرش ومعرفة كيفية التعامل معها في حال التعرض لها، ولا ننسى أن أعداد أسماك القرش في تناقص مستمر نتيجةً للصيد العشوائي للقرش عبر العالم. وحول هذا الأمر يقول بورجيس "على الرغم من تأثري الكبير وانفطار قلبي عند سماعي وفاة شخص ما إثر هجمة قرش، فإنني أجد أن عدد ضحايا هذه الهجمات قليل جداً جداً إذا ما قُورن بالأوقات التي يقضيها الناس في مياه البحر". ويضيف "علينا أن نعلم بالمقابل أن البشر يقتلون ما بين 30 مليونا إلى 70 مليونا من أسماك القرش كل عام". مواجهة القرش إذا حدث أن تعرضْتَ لهجمة قرش، يقول الباحثون، فإنه يجدُر بك أن تُدافع عن نفسك وتُقاتل القرش، فهو يحترم بطبعه الحجم الكبير ورد الفعل الموحي بالقوة. فضرب سمك القرش على أنفه بأداة غير متحركة يلجُمُه ويمنعه من الاستمرار في الهجوم فيرتد على عقبيه، وهو ما يتيح للمتعرض للهجوم أن يخرج من الماء في أسرع وقت ممكن. وإذا لم يحدث ذلك، فعلى الأقل يؤدي الضرب المتكرر لخشم القرش إلى كبحه عن البطش بالمتعرض للهجوم مؤقتاً، لكنه قد يصبح أقل فاعليةً مع الوقت. ويشير الباحثون إلى أن أكثر المناطق حساسيةً في القرش هي خياشيمه وعينيه، ومن ثم فإن فَقْأَ الإنسان عيون القرش وخدش خياشيمه أثناء التعرض للهجوم قد يجعله يهزم القرش وينقذ حياته. غياهب بحرية يقول بورجيس "عندما تدخل البحر، تذكر أنك لا تدخل مسبحاً أو بركةً، بل تلج مجاهل بحرية قد لا تقل في خطورتها عن المجاهل البرية والغابات". ويختم بالقول "خوضك لتجربة في مياه البحر شبيه بالقيام برحلة إلى أقاصي بلد لا تعرف عنه شيئاً أو إلى أدغال غابات الأمازون أو براري سيرينجيتي في تنزانيا. فولوجنا أي من هذه المجاهل يعني دخولنا عالماً ونحن عُزل من أي سلاح أو عدة تضمن لنا تجواله بأمان والتصدي بنجاح لما تخبئه غياهيبه من أخطار. غير أننا لا نتوقف عند نجاحنا في خوض تجربة من هذا النوع عن الزهو والافتخار والتعبير عن الإعجاب بذواتنا، ولولا ذاك لما كان للمغامرة من متعة ولا نكهة". إضاءات سجلت المياه الأميركية الشمالية أكبر عدد من الهجمات في سنة 2010 بمجموع 32 هجمة، أي 42? من عدد الهجمات الإجمالية. وكانت ولاية فلوريدا الأكثر تعرضاً لهذه الهجمات في الولايات المتحدة بمجموع 13 هجمة. أما الهجمات الموثقة الأخرى لأسماك القرش فشملت 14 هجمة في أستراليا، و8 في جنوب أفريقيا، و6 في فيتنام، و6 في مصر. هذا، بالإضافة إلى هجمات منفردة متفرقة في كل من الإمارات العربية المتحدة والبرازيل وجزر سليمان والبهاماس وماسكارين والكناري وفيجي ومملكة تونجا. عن "كريستيان ساينس مونيتور" ترجمة: هشام أحناش
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©