الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات اللاتينية ومرتزقة الإنترنت

24 ابريل 2016 22:09
كشفت رسائل البريد الإلكتروني التي يحتفظ بها القرصان السياسي الدولي والخبير في التضليل السيبراني «أندريس سيبولفيدا» عن مزاعم مثيرة للقلق، بشأن بعض الانتخابات في أميركا اللاتينية. فهو يقول إنه قد أثر -إن لم يكن قد تلاعب- بنتائج الانتخابات الأخيرة التي أجريت في المكسيك، وكولومبيا، ونيكاراجوا، وبنما، وهندوراس، والسلفادور، وكوستاريكا، وجواتيمالا، وفنزويلا. ويمكث «سيبولفيدا» حالياً في سجن بوجوتا، حيث يقضي عقوبة بالسجن عشر سنوات بتهمة القرصنة والتجسس لمصلحة مرشح رئيسي في المعارضة في انتخابات كولومبيا لعام 2014. وقبل أسابيع قليلة، أجرى مقابلة كاشفة لمجلة «بزنيس نيوزويك/ بلومبيرج» زعم فيها، من بين أشياء أخرى، أنه كان يعمل لمصلحة حملة الرئيس المكسيكي أنريكي بينا نيتو، وأن القراصنة أمثاله يعملون في الوقت الحالي لمصلحة المرشحين الرئاسيين في الولايات المتحدة. ويقول «سيبولفيدا»: إن فريقه من القراصنة، في المكسيك، قام بتثبيت برامج تجسس في مكاتب المعارضة، وتلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي، لخلق موجات كاذبة من الحماس والسخرية، لمساعدة بينا نييتو على الفوز في الانتخابات، بحسب ما جاء في الرواية. وقال القرصان لبلومبيرج: «إن عملي كان يتمثل في شن حرب قذرة وعمليات نفسية ودعاية سوداء، وإطلاق شائعات -وهو الجانب المظلم برمته من السياسة الذي لا يعلم أحد بوجوده، ولكن الجميع يمكنهم رؤيته». ومن جانبها، تنفي الحكومة المكسيكية مزاعم «سيبولفيدا». وقد ذكرت «بلومبيرج» أنها رأت بعض رسائل البريد الإلكتروني والوثائق الأخرى التي أظهرها «سيبولفيدا»، وأن خبراء مستقلين قالوا إنها حقيقية. ولكن بغض النظر عن مدى صحة القصة التي رواها القرصان، فإن شهادته تدق أجراس الإنذار في كل مكان. إنها تذكير قاسٍ بالكيفية التي نما بها التجسس السياسي منذ أيام فضيحة «ووترجيت»، وكيف أننا لا نعلم سوى القليل عن الاستخدام السياسي لحملات الهجوم المجهولة على الإنترنت، التي غالباً ما تكون جميعها افتراءات. وقد قيل من قبل إن حكومات الإكوادور وفنزويلا والحكومة السابقة للأرجنتين كانت تستخدم فرقاً من «المرتزقة السيبرانيين» المأجورين لزرع قصص كاذبة عن المعارضين السياسيين في شبكات التواصل الاجتماعي. وربما لا تكون هذه الحكومات وحدها هي التي تفعل ذلك. وقبل العصر الرقمي، عندما كانت الحملات السياسية تقتصر على التلفزيون والإذاعة والصحف، كانت الحملات السلبية تتألف من «أبحاث المعارضة». وقد استأجر أحد رجال السياسة فريقاً من الباحثين بهدف البحث في السجل العام لمنافسه، ووجد حالة اعتقال للقيادة في حالة سكر أو جريمة مشابهة، واستخدم هذه المعلومات في إعلانات الحملة السلبية. بيد أن تلك الهجمات كانت تستند إلى وقائع. أما الآن، في وسائط التواصل الاجتماعي، فإن القراصنة وخبراء التضليل المأجورين يشنون في أحيان كثيرة حملات هجوم مجهولة واسعة النطاق تستند إلى مجموعة من الافتراءات. وقد قامت بعض المواقع مثل جوجل وفيسبوك وتويتر بتصفية العديد من الخدع، ولكن هذا لا يكفي. وأكثر من ذلك أن الناس يصدقون في أحيان كثيرة هذه الحملات الهجومية المجهولة أكثر مما يقرؤون في وسائل الإعلام الرئيسية. ومن بين العبارات الأكثر إثارة للاهتمام التي جاءت على لسان «سيبولفيدا» في مقابلته مع «بلومبيرج» أن «الناس يعتقدون أن الإنترنت يقول ما هو أكثر من الواقع». وبسؤاله عما يجب فعله حيال ذلك، قال «ريكاردو تروتي»، رئيس جمعية الدول الأميركية للصحافة، إن أسوأ شيء يمكننا عمله هو السماح للحكومات بتنظيم وسائل الإعلام الاجتماعي. وهذا بالضبط ما يريد زعماء فنزويلا وبوليفيا عمله، وما قامت به بالفعل حكومات الإكوادور وكوبا. وأضاف أن وسائل التواصل الاجتماعي هي الملاذ الأخير لحرية التعبير في معظم الدول اللاتينية، ولهذا تتعين حمايتها. وقال لي «تروتي»: إن «من حسن الحظ أن هناك عملية طبيعية لتصحيح الذات. صحيح أن كثيرين قاموا باستئجار «مرتزقة سيبرانيين» ينشرون معلومات كاذبة على الإنترنت، ولكن هناك أيضاً عدداً متزايداً من الناس الذين يتحققون مرتين من الأخبار الملفقة، ويصححونها. وهذه العملية تشهد تقدماً ملموساً». ورأيي الشخصي، أنني أوافق على أن تنظيم الحكومة لوسائل التواصل الاجتماعي يعتبر فكرة سيئة. وبدلاً من ذلك، علينا محاربة القمامة التي تنتشر على شبكة الإنترنت من خلال تعزيز مواقع للتحقق من الوقائع مثل «بوليتيفاكت دوت كوم» و«فاكت تشيك دوت أورج»، التي تقوم بعملية تقييم لتصريحات السياسيين وفقاً لدرجة دقتها. وعلينا أن نتوسع في هذه وغيرها من المواقع الإلكترونية المشابهة التي تستطيع التحقق من المزاعم المشكوك فيها، والتي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي. وهناك بالفعل العديد من الجماعات للتحقق من الوقائع التي ظهرت في أميركا اللاتينية، ومن بينها جماعة «تشكآندو» في الأرجنتين، و«لوبا- ريفيستابياوي» في البرازيل و«إلبوليجرافو» في تشيلي و«إلسابويسي» في المكسيك وغيرها. * كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©