الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون الصوماليون... مأساة على الأراضي الكينية

اللاجئون الصوماليون... مأساة على الأراضي الكينية
11 مايو 2009 02:17
إذا كانت أخبار القراصنة تتصدر الصفحات الأولى للجرائد، فإن الذين دفعوا "حبيبو كون" وابنها الصغير لمغادرة الصومال واللجوء إلى هذا المخيم الضخم الذي تعصف به الرمال من كل جانب هم مجموعة مختلفة من الرجال المدججين بالأسلحة. فالمقاتلون الإسلاميون، الذين يخوضون منذ عامين حركة تمرد دموي، مازالوا يقاتلون القوات الموالية للحكومة من أجل بسط نفوذهم على مناطق جنوب الصومال. ومنذ يناير الماضي، أجبر ارتفاع أعمال العنف أكثر من 25000 شخص الى اللجوء إلى مخيمات شرق كينيا – المكتظة أصلا بلاجئين قصدوها على مدى عقدين من الزمن - وهو ما يضع أعباء جديدة على واحدة من أكبر العمليات الإنسانية في العالم. في هاجاديرا، وهو أكبر المخيمات الثلاثة، يتكدس القادمون الجدد مثل السيدة "كون" مع أقاربها في كوخ صنع من أفرع الشجر وغطي بقطع البلاستيك والقماش المهترئ . ويقول اللاجئون إن المتمردين –وهم منفصلون تماما عن القراصنة العلمانيين الباحثين عن الفديات– يفرضون الشريعة الإسلامية على بلداتهم ويقتلون المدنيين الذين يقاومون ذلك. وفي هذا السياق، تقول "كون" وعلامات الحزن قد اعترت ملامح وجهها: "إن القراصنة يتسببون في المشاكل في البحر، ولكن الإسلاميين يتسببون في عدد أكبر بكثير من المشاكل داخل البلاد". في هذه الأثناء، تعبِّر وكالات الإغاثة الدولية عن قلقها لكون جهود محاربة القرصنة تصرف الانتباه والموارد عن محنة هؤلاء اللاجئين ومحنة مئات الآلاف في مخيمات أخرى أسوأ حالا في الصومال. وإذا كانت البلدان قد تعهدت بـ213 مليون دولار الشهر الماضي لتعزيز قوات الأمن في هذا البلد الواقع في شرق أفريقيا، فإن الـ918 مليــون دولار التـــي طلبتهــا الأمـــم لمتحـــدة من أجل برامج عمليــات الإغاثــة لم يتم جمع سوى ثلثها. وكان نقص التمويل قد أرغم برنامجَ الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة على تقليص الحصص الغذائية التي يوزعها في المخيمات –علما بأنها مصدر الغذاء الوحيد بالنسبة للاجئين– بـ17 في المئة الشهر الماضي؛ غير أن الوكالة، وبعد حصولها على قرض داخلي بقيمة 10 ملايين دولار، تتوقع استئناف توزيع المساعدات الغذائية كاملة في غضون أسابيع قليلة. وفي هذا السياق تقول أندريا باتيسون، المتحدثة باسم منظمة أوكسفام للإغاثة الإنسانية: "لقد أظهر العالم أنه يستطيع التحرك بسرعة وحسم عندما تكون المصالح الاقتصادية في خطر"، مضيفة "والآن حان الوقت لإظهار نفس الوعي بالطابع الاستعجالي من أجل تخفيف معاناة ملايين الأشخاص على البر، والذين مازالوا في حاجة ماسة إلى المساعدة". بيد أنه أحياناً يبدو أنه مهما يكن المبلغ المالي الذي يُمنح للصومال، فإن هذا الأخير لن يفلح في إصلاح نفسه. وإذا كانت لا توجد صلات مؤكدة بين الإسلاميين في جنوب البلاد والقراصنة العلمانيين في شمالها، فإن الظاهرتين كلتيهما تؤشران الى حالة انعدام القانون والتدهور الاقتصادي اللذين يَسمان البلاد منذ أن أطاح انقلاب في 1991 بآخر حكومة فعالة في البلاد. وقد حوَّل عقدان من الفوضى المخيمات الكينية إلى أكبر تجمع للاجئين في العالم، حيث تأوي 271000 شخص في منطقة تلفحها الشمس ويفترض ألا تضم سوى ثلث هــذا العدد. وإضافة إلى النقص المسجل في الغذاء والماء والأدوية والمراحيض، يقول عمال المساعدات إن اللاجئين باتوا أقــل مناعة بشكل متزايد أمام انتشار الأمراض. والجديـــر بالذكر هنا أن حالات للإصابة بالكوليرا ظهرت في المخيمات في وقت سابق من هذا العام، ولكن المرض سرعان ما تم احتواؤه. وحسب كبير الدبلوماسيين الأمميين إلى الصومال أحمدو ولد عبدالله، فإن زيادة أعمال القرصنة –يذكر هنا أن نحو 100 سفينة تعرضت للهجوم في المحيط الهندي حتى الآن هذا العام، أي ما يعادل كل عدد الهجمات المسجلة العام الماضي تقريباً – ساعدت على إعادة التركيز على ضرورة دعم الحكومة الصومالية. ويقول ولد عبدالله: "إننا في حاجة إلى تحرك متزامن بخصوص الأمن والتنمية والاحتياجات الإنسانية"، مضيفاً "ينبغي ألا يكون هذا مناسبة للخصومات بين الأشخاص الذين جاؤوا إلى هنا من أجل المساعدة". ويتزعم حركة "الشباب" المتمردة، وهي مجموعة مقاتلين تدين بالولاء للقاعدة وتصنفها وزارة الخارجية الأميركية كمنظمة إرهابية. وفي "بارديري"، وهي البلدة التي تنحدر منها "كون" وتقع جنوب البلاد، فرض هؤلاء المقاتلون الشريعة الإسلامية والضرائب المرتفعة على التجار، وهو ما أرغم "كون" على إغلاق محل الشاي الصغير، الذي كانت تستأجره بعد أن عجزت عن دفع الضرائب. وتقول: "إن الشباب هم القوة العظمى في تلك المنطقة". غير أن الطرق والأساليب المتشددة التي يتبناها "الإسلاميون" أثارت رد فعل بين الصوماليين، الذين تؤيد الأغلبية الساحقة منهم شكلا معتدلا من الإسلام السُني؛ حيث دخل الإسلاميون ببلدة بارديري الشهر الماضي في اشتباك مع مليشيا علمانية موالية للحكومة، تشكلت خلال الأشهر الأخيرة لمحاربة جماعة "الشباب". وبعد أيام من المعارك التي استُعملت فيها الأسلحة، أخذت "كون" ابنها واستقلت أول حافلة صغيرة متوجهة إلى كينيا. ثم تسللا عبر الحدود التي أغلقتها السلطات الكينية لأسباب أمنية؛ ولما كانت الحدود طويلة جدا وغير مراقبة، فإن سائقي الحافلات يعبرونها ليلا بشكل روتيني. غير أن منظمات حقوق الإنسان تنتقد كينيا بشدة لإغلاقها الحدود ولترحيلها اللاجئين الذين يلقى عليهم القبض إلى الصومال، في خرق للقوانين الدولية التي تحظر ترحيل طالبي اللجوء إلى بلدانهم الأصلية. وفي هذا الإطار، قالت منظمة "هيومان رايتس ووتش" لحقوق الإنسان في تقرير حديث لها إن السلطات الكينية رحلت ربما آلاف اللاجئين الصوماليين، "خارقة بذلك جزءا جوهريا وأساسيا من قانون اللجوء". ومع ذلك، فإن نحو 9000 لاجئ جديد سُجلوا في يناير لوحده، وهو أكبر عدد في شهر منذ أكثر من سنة. وإضافة إلى التهديد الدائم الذي يطرحه العنف، فإن جفافا طويلا في الصومال قضى على قطعان الغنم والماعز التي تعتمد عليها الكثير من العائلات في معيشتها. كما تقدر وكالات المساعدات أن أزيد من 3 ملايين شخص –أي نصف سكان البلاد تقريبا - في حاجة إلى مساعدات عاجلة وأن 200000 طفل يعانون من سوء التغذية الشديد. شاشنك بينجالي - كينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©