الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نداء أبو مراد يطلق العنان لأحلامه فوق أوتار آلة الكمان

نداء أبو مراد يطلق العنان لأحلامه فوق أوتار آلة الكمان
23 فبراير 2014 21:59
بيروت (الاتحاد) - من تونس ومن أبوين لبنانيين، نهل الدكتور نداء أبو مراد أولى قطرات العلم، فانطلق إلى اختصاصه في الجراحة ليستبدل المبضع بآلة كمانه التي يعتبرها أوفى الآلات، بادلها وفاء بوفاء، فأفرد لها فصلاً خاصاً.. أحبّها وحدد منافعها لإسماع العاشقين.. حاورها وروى عنها القصص والأخبار.. كانت رفيقته الدائمة ومنطلقه إلى دروب العلم ومعارج المعرفة كما يصف. يقول نداء أبو مراد في حواره مع «الاتحاد»: «كنت أغمض عينيّ وما أزال عند سماعي أوتار معشوقتي، أترك لأناملي حرية التصرف بهذه الآلة الرقيقة الناطقة التي تستطيع أن تحفز إحساسي نحو الانطلاق، وأن تحلّ محل الصوت البشري نفسه. ففي موسيقاي أنشد التقاليد، التراث، مع الدعوة للتجدد، والعمق الفلسفي المغمّس بنبض الحياة». أسطورة الحب والموت ويعدّ أبو مراد من أبرز العازفين على آلة الكمان بالنمط المقامي الارتجالي الصوفي، ومن المؤلفين العالميين الذين لهم بصمة في الحركة الموسيقية، التي ترتبط بكل مراحل حياته.. فهو الباحث الأكاديمي في العلوم الموسيقية الدولية والمؤلف الموسيقي وشاعر الموسيقى‏? ?الصوفية، هكذا? ?سموه? ?وارتبط? ?اسمه? ?بعشق? «?ليلى? ?ورابعة? ?العدوية?» ?و?«?الحلاج?» ?وغيرهم? ?من? ?سالكي? ?دروب? ?الصوفية? ?فتلاحم? ?وإياهم? ?وذاب? ?بهم? ?عشقاً. ويتابع أبو مراد قائلاً إنه أحيا في تلحينه المدرسة التقليدية، فاستحدث الأوبرا المقامية من خلال محاولة إقامة مسرح موسيقي ليقوم على الدمج بين المشهدية المسرحية والموسيقى المقامية الارتجالية. قدم بكمانه سلسلة من الأمسيات والأعمال الأوبرالية والتراثية، وكانت أشهر أعماله مسرحية «أدون» أسطورة الحب والموت والانبعاث على مسرح الأوديون. الأسطورة كما يصفها من أشهر أساطير الشرق القديم، وهي مسرحية في مسارها المأساوي ذات ثلاثة فصول من شعر مردوك الشامي، وإخراج موريس معلوف. «سماع العاشقين» وعن «سماع العاشقين» وما لقيته من نجاح يصف أبو مراد: «في سان دومينكو الإيطالية أقيمت احتفالية «سماع العاشقين»، وهي معتمدة على شعر صوفي مأخوذة من مناهل الديانتين الإسلامية والمسيحية، وهي ملحنة بأسلوب موسيقي اعتمد على الفصحى المشرقية المقامية، وقد أديت بنفسي على الكمان بالتعاون مع المنشدين وقد دعيت من قبل مهرجان رافينا العالمي للمشاركة في تظاهرة نور من الشرق، باعتباري ممثلاً لهذا اللون الإبداعي في مجال إحياء الإبداع في الموسيقى التقليدية لاسيما لغة الفصحى». وتعتبر مشاركة «سماع العاشقين» لنداء أبو مراد في هذا المهرجان الأوبرالي العالمي تتويجاً لنهجه ومحطة مهمة في مساره الفني على الصعيد العالمي. كما شارك نداء أبو مراد في إحياء العديد من الأمسيات مع كوكبة موسيقية اختصت بالأنماط الموسيقية يعملون على إرساء إبداع معاصر، انطلاقاً من لحن الكمان ومن مواضيع تصوفية وإشراقية، وذلك بمشاركة لطفي بوشناق ونصير شمة وغيرهما. «سماع في ذكر ليلى» وفي الحديث عن عزفه سنة 1997 في «مغارة جعيتا»، التقينا مدير عام وزارة السياحة السابق محمد ماضي، ليقول: كان عزف نداء أبو مراد في المغارة استهواء، وعرس الطبيعة.. وأحياها في احتفال من بعد أن كانت هذه المغارة مخفية عن العيون، ومقفلة أثناء فترة الحرب. وفي سنة 2002 ركّز نداء أبو مراد نشاطه على الجانب العلميّ الموسيقيّ والتعليم الجامعيّ. فقد أسهم في تأسيس المعهد العالي للموسيقى في الجامعة الأنطونيّة، وتولّى إدارته منذ عام 2006. ووضع كتابَين علميّين جماعيّين، وأشرف على إصدار عدَدين من مجلّة التقاليد الموسيقيّة في العالمين العربيّ والمتوسّطيّ وعلى عدد من مجلّة البحث الموسيقيّ للمجمع العربيّ للموسيقى «جامعة الدول العربيّة»، وهما مجلّتان علميّتان محكّمتان دوليّاً. وله عدد كبير من الأبحاث العلميّة المحكّمة دوليّا منشورة في موسوعتَين فرنسيّة وإيطاليّة، وفي أبرز المجلاّت العلميّة الموسيقيّة الأوروبيّة. وهو يواصل عمله الموسيقيّ مع تخت الموسيقى الفصحى العربيّة الذي يضمّ الشيخ صلاح يمّوت ومحمّد عيّاش، ترنيما وإنشادا، ومصطفى سعيد، عزفاً على العود، وغسّان سحّاب، عزفاً على القانون، وعلي وهبي، عزفاً على الرقّ. أما عن أبرز إصداراته الموسيقيّة الأخيرة، فهي: وصلات، وصال، الشارة، سماع نغميّ صوفيّ مسيحيّ إسلاميّ. ومن أهم أعماله ألبوم «سماع في ذكر ليلى» في الحب العذري والصوفي، غناء محمد سعيدات قدمه في قاعة «الأسامبلي هول» الجامعة الأميركية عام 1997. وفي صيف 1987 اشترك بمهرجان «اكري سورفي» والمهرجان «الخيالي» الذي أقيم في باريس وأيضا في مرسيليا وتولوز وليل وروان وسويسرا وهولندا، ومن خلال المسار العشقي عمل موسيقى غنائية التحقت بالحب من خلال مسار تدرجي ليخترق عوالم العذريين والصوفيين مرشدها الصوت الآتي من حنايا الكمان. الضجيج المتواصل ويوضح الدكتور أبو مراد أن المسؤولية في الوصاية على الإحساس تبدأ من الأسرة وتعاملها مع الأطفال، وانتهاء بوسائل الإعلام التي في معظمها لاتؤدي الرسالة الموسيقية الصحيحة، بل ترسل لنا ولأطفالنا الضجيج المتواصل وبذلك تجعل الجيل القادم يعيش حالة من الضياع، وهذه الحالة تكررت من خلال بعض أصحاب القرار الفاقدين للأهلية الموسيقية. وبالتأكيد أن الموسيقى هي على تماس مباشر مع الناس من خلال المشاعر. فإذا كانت الموسيقى لاترتبط بثقافة وفلسفة وفكر ووعي، فهنا نكون قد كرسنا الضياع. من هنا ارتكز اهتمام أبو مراد على إحياء الموسيقى العربية بأشكالها التراثية: السماعي، البشرف، التقاسيم، الموال، الموشح، الدور والقصيدة.. ويرى أن الموسيقى العربية عرفت نهضتها الحقيقية خلال الفترة الممتدة من أوائل الستينيات من القرن التاسع عشر حتى الحرب العالمية الأولى وأواخر العشرينيات من القرن العشرين، خصوصاً مع العملاقين محمد عثمان «رحل في ديسمبر 1900»، وعبده الحمولي «رحل في أبريل 1901»، ومع أرباب الفترة القصيرة التي تلتهما. وقد تطوّرت الموسيقى العربية آنذاك من الداخل، أي من دون الاعتماد على المبادئ والصيغ المستوردة، متكئة على مبدأ الغوص في المقامات الموسيقية العربية على أنواعها، ومبدأ الارتجال اللحني.. والارتجال، نشأ في الموسيقى العربية قبل ظهور عصر التدوين الموسيقي «النوتة»، وقبل ظهور عصر الأسطوانة. فالفنان كان يرتجل بسبب عدم التزامه بحرفية اللحن غير المدوّن من جهة، ومنعاً لوقوع مستمعيه في الملل الذي يسبب التكرار من جهة أخرى. وتأثر أبو مراد بمدرسة سامي الشوا كثيراً، وهو كان وما زال يغوص في أعماق هذا العالم الذي يعتبره كنزاً تراثياً في الموسيقى العربية، محدداً التراث بأنه ما نرثه عن الماضي وهو بحكم الصيرورة، نتاج آني لمعادلة ثقافية ما. وحول مسألة الإبداع في إطار التراث، يعتبر أبو مراد أن حبة الحنطة الموسيقية، بعد زراعتها وموتها في أرض الموسيقى، تنبعث سنبلة نغمية جديدة. والزواج بين مقومات النصوص التراثية والخصائص الشخصية للموسيقى تحمل أجنحة العملية الإبداعية إلى الأعالي. الموسيقى العربية الراقية في إطار أعماله وأبحاثه حول الموسيقى العربية الراقية وفي محاولة لتعريف الجمهور بها، عمل أبو مراد على إعداد وتنظيم المؤتمرات والمحاضرات الموسيقية منذ عام 1998 في لبنان وفي العديد من الدول الأوروبية والعربية، ومن أعماله في هذا المجال: ? المؤتمر العلمي الدولي الأول «النهضة العربية والموسيقى» في معهد العالم العربي في باريس. ? مؤتمر الموسيقى العربية في دار الأوبرا المصرية. ? مهرجانات السماع المقامي الأول والثاني والثالث بين عامي 1999 و2002. ? مؤتمر الموسيقيات الدينية من المسيحية والإسلام في جامعة الروح القدس «الكسليك» في عام 1999. ? المؤتمر العلمي الدولي الثاني حول «النهضة العربية الموسيقية» في جامعة الروح القدس «الكسليك» في عام 2002.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©